تحت عنوان "روسيا في مواجهة إيران" كتب جوني منير في صحيفة "الجمهورية": "إرتفعت سخونة الساحات قبل أيام على انعقاد القمّة الأميركية - الروسية. في اليمن عادت المعارك الى الساحل الشرقي والمنطقة الحدودية بين اليمن والسعودية، وفي سوريا تسارعت خطوات إتمام بسطِ سيطرة القوات السورية على المنطقة الجنوبية المحاذية لخطوط الفصل مع إسرائيل. وفي غزّة مواجهات مستجدّة وقذائف وغارات وتهديدات إسرائيلية عالية السقف ومواجهة لأبعد من حدود غزة، وفي جنوب العراق ما يشبه الثورةَ في المناطق الشيعية تطال مؤسسات الدولة التي تحظى بتفاهم أميركي - إيراني".
وتابع: "وقبل القمّة أيضاً سافر رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو مرّة جديدة الى موسكو، بعدما كان قد التقى في القدس مبعوثَ بوتين الخاص ومعه نائب وزير الخارجية الروسية، للتباحث بانسحاب ايران من سوريا.
والجواب الذي سمعه نتنياهو في القدس هو انّ الانسحاب الايراني الكامل من سوريا مسألة غير واقعية وفوق قدرة روسيا، لكن ما يمكن لروسيا القيام به هو إبعاد إيران عن خطوط الفصل في الجولان وفقَ عمقٍ مطَمئن لأمنِ اسرائيل الذي تلتزم به.
وقبل سفر نتنياهو استهدفت الطائرات الحربية الاسرائيلية مطار "تي فور".
وفي روسيا بدا مستشار مرشد الثورة الايرانية علي اكبر ولايتي مطمئناً، لا بل اكثر، حين كشَف عن التزامٍ من الرئيس الروسي باستثمارات في ايران في قطاع النفط والغاز بقيمة خمسين مليار دولار اميركي. ولكن ما بين الالتزام الروسي لاسرائيل لضمان المنطقة الجنوبية لسوريا لتكون خاليةً مِن ايران ووعدِ بوتين لايران باستثمارات ضخمة في قطاع النفط تشكّل تعويضاً مهمّاً للعقوبات الاميركية والحصار النفطي عليها، ثمّة رابطٌ متين ومعادلة جديدة والكثير من التفاصيل المهمّة.
فمنذ الضربة الصاروخية التي نفّذتها واشنطن بالتعاون مع فرنسا وبريطانيا، تصاعد مسلسل الضربات العسكرية المركّزة التي تنفّذها اسرائيل ضد القواعد الايرانية في سوريا مستثنيةً مواقعَ الجيش السوري.
وخلال كلّ هذه الغارات لم تتحرّك الدفاعات الجوية الروسية لمواجهة الطائرات المغيرة أو الصواريخ التي يجري إطلاقها. صحيح انّ الاستهداف استمرّ، ولكنّه بقي وفق سقفِِ معيّن ومحصوراً بالقواعد والمواقع الايرانية، ما يعني ضمناً انّ موسكو موافقة على إحداث تحجيم معيّن للدور الايراني في سوريا، ولكن من دون المساس بجوهره أو بأساسه، وفي ذلك مصلحة لروسيا.
ووفق سياسة عدمِ تحريك الدفاعات الجوّية الروسية، كانت موسكو ترسِل رسالة مشَفّرة إلى إيران بأنّ حضورها العسكري في سوريا من دون الغطاء الروسي سيبقى مكشوفاً وعرضةً للمخاطر".
وأضاف: "إيران لن تخرج بهذه البساطة من الساحة التي دفعت فيها الكثيرَ بسبب اهمّيتِها الاستراتيجية في إطار خريطة نفوذها الاقليمي، ما يَعني انّ خيار المواجهة العسكرية هو احتمال مرتفع. وفي المبدأ، إنّ أيّ مواجهة عسكرية روسية - ايرانية لن تصبّ في مصلحة روسيا التي تُحاذر دفعَ أرواحِ جنودِها بسبب الوضع الداخلي، ذلك انّ لإيران الكثير من الحلفاء على الساحة السورية وفي الساحات المجاورة، بعكسِ روسيا.
وفي الاساس انّ الدخول الروسي العسكري الى سوريا، والذي كانت تحتاج اليه سوريا بقوّة، ما كان ليتمَّ بنجاح لولا المساعدة والمساهمة الايرانية. لذلك فإنّ مصلحة روسيا هي بوجود ايراني ولكن وفق حجم اصغر بقليل من الحالي، ذلك انّ التباين الروسي - الايراني يطال ايضاً النظرة الاستراتيجية السياسية حيال سوريا.
فروسيا تسعى إلى تسوية في اطار دولةِِ علمانية وفدرالية، مع الاحتفاظ بقواعدها العسكرية الساحلية. أمّا ايران فتريد تسويةً تؤكّد على دورها الاقليمي في إطار مشروع ايدويولوجي قومي وديني.
ويدرك الرئيس السوري بشّار الاسد جيّداً أنّ موسكو غير معنية ببقاء شخصِه في السلطة، على عكس طهران التي لديها مصلحة دائمة في بقائه، ما يَعني انّ التركيبة العسكرية السورية التي تميل الى روسيا اكثر من ايران يقف قرارُها عند الرئيس السوري إضافةً الى شعور الأسد بأنّ ايران قادرة على منحِه شيئاً من الحماية والحصانة بوجه الضغوط الروسية خلال مفاوضات التسوية.
وإيران لا تكتفي بهذه الحسابات، ذلك أنّ هناك من يتحدث عن عملية دمجٍ تجري داخل الجيش السوري لمجموعات محسوبة على طهران، كذلك هناك "حزب الله" السوري الجاري إنشاؤه بهدف ملءِ فراغ "حزب الله" اللبناني بعد انسحابه من سوريا.
وخلال المرحلة الأخيرة رُصِد وصول الكثير من العائلات الباكستانية عبر قطر لمطار بيروت ومِن ثمّ الى سوريا حيث ستستقرّ هناك.
وهو ما يعني انّ قمّة ترامب – بوتين قد لا تخرج بأكثر من ضمانِ المنطقة الجنوبية لسوريا من دون حضور ايراني. وقد قسّمت القيادة العسكرية الروسية هذه المنطقة الجنوبية الى اربع قيادات عسكرية على تواصلٍ مباشر معها".
لقراءة المقال كاملاً إضغط هنا.