صدر عن المكتب الإعلامي للرئيس فؤاد السنيورة البيان التالي: "دأبت صحيفة الاخبار منذ يوم 12 تموز من هذا الشهر ولمصادفة الذكرى الحادية عشرة للعدوان الإسرائيلي في تموز 2006 على لبنان، على نشر مجموعة من الاخبار او المقالات او التحليلات الهدف منها النيل من الرئيس فؤاد السنيورة والاستمرار في منهج التجني والافتراء وتشويه السمعة والحقائق. وقد خصصت الجريدة المشار اليها صباح يوم الجمعة في 13/07/2018 مجموعة من المقالات حصرتها للحديث عن هذا العدوان، لكن تلك المقالات في هذا العدد وفي روايتها عن تلك المرحلة حفلت بمجموعة من الاخطاء والتراكيب والاجتزاءات والتحريفات والاختلاقات غير الصحيحة والمفتعلة.
أول تلك الأخطاء: يقول كاتب إحدى المقالات إن الرئيس السنيورة قال للحاج حسين الخليل: "ان جورج اتصل بي وكان يقصد الرئيس بوش"، وذلك بعد ان استدعى الرئيس فؤاد السنيورة الحاج حسين خليل فور خروجه من القصر الجمهوري حيث كان دولة الرئيس السنيورة مجتمعاً مع الرئيس لحود ذلك الصباح عندما اتاهما سوية الخبر عن الحادثة التي جرت عبر الخط الأزرق على الحدود اللبنانية الجنوبية مع الأراضي الفلسطينية المحتلة.
إن هذا الامر غير صحيح على الاطلاق. فيومها وحتى تلك الساعة التي وصل فيها الحاج حسين خليل الى السراي الحكومي وحتى مغادرته لم يكن قد جرى بين دولته واي مسؤول أميركي أي اتصال، وبالطبع لم يكن قد جرى بين دولته وبين الرئيس بوش أي اتصال. إن الذي حصل في ذلك النهار وبعده مذكور في المقالين اللذين كتبهما بناء للحديث الذي أجراه الكاتب محمد أبي سمرا مع الرئيس فؤاد السنيورة ونشرا في صحيفة النهار بتاريخ 11 و12/07/2007 بشأن الرواية المختصرة والكاملة لما جرى في تلك الحرب من تاريخ نشوبها وحتى إقرار القرار الدولي 1701 وهي مثبتة في المقالين الآنفي الذكر.
بعد ذلك الاجتماع الذي جرى مع الحاج حسين خليل ومع الاتضاح التدريجي لمسار حجم الرد العسكري الإسرائيلي بأنه كان يتحول إلى هجوم عسكري كاسح واسع النطاق، بدأت الاتصالات بالرئيس السنيورة بعد ظهر ذلك النهار وبعده من قبل عدد من الرؤساء والملوك العرب ومن وزراء خارجية عدد من الدول الصديقة ومنها الولايات المتحدة الأميركية، وكذلك من الأمين العام للأمم المتحدة. وبعد ذلك وفي الأيام والاسابيع اللاحقة كانت الاتصالات تجري وبكثافة وعلى خطين من قبل أولئك المسؤولين ومن قبل الرئيس السنيورة من أجل متابعة تطور الأزمة الخطيرة الناشئة وكيفية العمل من أجل الحد من أضرارها وتداعياتها على لبنان وعلى اللبنانيين.
ثاني تلك الاخطاء القول انه انعقدت جلسة استثنائية لمجلس الوزراء في القصر الجمهوري ذلك النهار، والحقيقة ان جلسة مجلس الوزراء انعقدت في المقر المؤقت في الوسط التجاري في مقر المجلس الاقتصادي والاجتماعي وبحضور الرئيس لحود الذي ترأس الجلسة.
ثالث تلك الأخطاء إن الصحيفة قالت إنها تنشر محضراً لجلسة مجلس الوزراء يوم الثاني عشر من تموز، والحقيقة انها أقدمت على نشر مقاطع مختارة مقتطعة ومجتزأة من نصها الكامل ومحرفة بقسم كبير منها من محضر الاجتماع، وبالتالي فإن الكاتب لم ينشر محضر الاجتماع. وعلى ما يبدو فإن الصحيفة أو كاتب المقال قصداً من عملية النشر هذه، وبالشكل والمضمون الذي تم نشره، تشويه الحقائق وليس نشر كامل النقاشات التي تبين حقيقة المواقف والآراء التي ادلى بها رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء والوزراء كل بمفرده، وحقيقة وجوهر تلك المداخلات. والسبب في ذلك هو أن الهدف قد بات واضحاً، كما يمكن للقارىء أن يستخلصه من نشر تلك المقالات وبعناوينها المثيرة ألا وهو في الأساس العمل على تشويه صورة الرئيس السنيورة والفريق الوزاري الذي كان يعارض سياسة ومواقف وتصرفات حزب الله، ولا سيما في أمور محددة تتعلق بسيادة الدولة اللبنانية وحرية قرارها الوطني، وعلى ضرورة بسط سلطتها الكاملة على ترابها الوطني وعلى كافة مرافقها، وعلى حقها الحصري باحتكار حمل السلاح واستعماله عند الاقتضاء.
رابع تلك الأخطاء: انه في العدد ذاته، نشرت الصحيفة مقالة للوزير آنذاك الأستاذ طراد حمادة يروي فيها، ومن وجهة نظره بالطبع، ان الرئيس السنيورة أبقى وفد قيادة الجيش خارج اجتماع مجلس الوزراء لكي يقوم بحجب وتشويه الحقائق العسكرية على مجلس الوزراء. والحقيقة أن ما حصل كان بعد مرور أيام عديدة على بدء العدوان الإسرائيلي، وحيث أنه وفي إحدى تلك الجلسات لمجلس الوزراء ان طلب إلى وفد قيادة الجيش الانتظار لبعض الوقت قبل أن يطلب إليهم الدخول إلى غرفة الاجتماعات لمجلس الوزراء. وذلك كان أمراً طبيعياً حيث كان المقصود بداية أن يتمكن مجلس الوزراء من الاستماع الى كامل المعلومات السياسية التي تجمعت ذلك النهار، والى التطور الحاصل على صعيد الاتصالات الدبلوماسية ولا سيما عما كان يحصل في المداولات الجارية لدى أعضاء مجلس الامن والاتصالات الجارية مع الرؤساء ووزراء الخارجية العرب وغير العرب عبر ما كان يدلي به رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة والوزراء اللبنانيون المعنيون من معلومات. وذلك جرى قبل البدء بالبحث في تلك الجلسة بالجوانب العسكرية والميدانية فيما يختص بالهجوم الإسرائيلي والتصدي له عبر الاستماع إلى وفد قيادة الجيش. وبالتالي لم يكن السبب في ذلك التأخير آنذاك كما ذهب الى تفسيره وادعائه الوزير طراد حمادة. وفي ذلك تشويه كامل لما حصل يومها في مجلس الوزراء وافتئات كامل على الحقيقة.
والحقيقة أنه وفور دخول قائد الجيش ومدير المخابرات إلى قاعة مجلس الوزراء، قاما بالإدلاء بجميع ما كان لديهم من معلومات ومن آراء واقتراحات، وذلك بحرية كاملة حسب ما كانت وما زالت هي القاعدة عندما يستدعى قائد الجيش أو وفد قيادة الجيش للادلاء بما لديهم من معلومات أمام مجلس الوزراء.
في حصيلة الاجتماع الأول لمجلس الوزراء الذي جرى مساء يوم 12/07/2006، أصدر مجلس الوزراء بياناً يقول:
"إن الحكومة اللبنانية لم تكن على علم، وهي لا تتحمل المسؤولية ولا تتبنى ما جرى ويجري من أحداث على الحدود الدولية، وهي تستنكر وتدين بشدة العدوان الإسرائيلي الذي استهدف ويستهدف المنشآت الحيوية والمدنيين". وهي لذلك تطالب بعقد جلسة عاجلة لمجلس الأمن لتناول ومعالجة تلك الاعتداءات. وهي تبدي استعدادها للتفاوض عبر الامم المتحدة وأصدقاء ثالثين لمعالجة ما جرى من احداث ما أدت إليه والأسباب التي دعت إلى ذلك".
بعد ذلك تابعت جريدة الاخبار نشر ما تسميه محاضر مجلس الوزراء في اليوم الثاني للعدوان أي يوم الخميس في 13/07/2018 وهو ما حصل في جلستين قبل الظهر وبعده. ولكن الصحيفة قامت به بذات الطريقة المجتزأة بما لا يعطي الصورة الحقيقية والكاملة لما كانت عليه مداولات مجلس الوزراء وأهمية الموقف الذي كان يحرص عليه رئيس الحكومة لجهة التأكيد على التضامن الوطني والحفاظ على وحدة البلاد واللبنانيين في مواجهة العدوان الإسرائيلي.
في محصلة الأمر، وانطلاقاً من الاقتراح الذي قدمه دولة الرئيس السنيورة في اليوم الثاني للعدوان، صدر عن مجلس الوزراء في مساء يوم الخميس في 13/07/2006 البيان التالي:
"انطلاقا من الموقف الذي أعلنته الحكومة اللبنانية أمس وتأكيداً عليه، ومع استمرار العدوان الإسرائيلي المفتوح وتوسعه ضد المدنيين والمنشآت الحيوية في البلاد، والذي أوقع عدداً كبيراً من الشهداء والجرحى والخسائر المادية والاقتصادية الجسيمة:
1- يشجب مجلس الوزراء هذا العدوان الذي يتعارض مع كل القرارات والقوانين والمواثيق والأعراف الدولية. ويعتبر أنه ليس صحيحاً أنه يأتي في سياق الدفاع المشروع عن النفس أو غير ذلك من ادعاءات إسرائيلية مهما كانت الأسباب.
2- يحيي مجلس الوزراء أرواح الشهداء وصمود اللبنانيين وحرصهم على تضامنهم ووحدتهم التي تشكل العامل الأساسي في مواجهة العدوان وحماية الوفاق الوطني.
3- يؤكد مجلس الوزراء التزام لبنان بقرارات الشرعية الدولية وتمسكه باستقلاله وسيادته ووحدة أراضيه، وكذلك التزامه باحترام الخط الأزرق.
4- تدعو الحكومة اللبنانية مجلس الأمن إلى اتخاذ قرار شامل وفوري لوقف إطلاق النار، وفك الحصار بكامل أشكاله، وتطالب بوضع حد للعدوان الإسرائيلي الذي يغتال المواطنين الآمنين ويدمر المنشآت الحيوية والاقتصادية، كما تطلب إلى المجتمع الدولي العمل فورا لمعالجة شاملة للأزمة الراهنة التي حصلت على الخط الأزرق وأسبابها وتداعياتها.
5- إن استمرار عمليات التدمير والقتل التي تمارسها إسرائيل لن تحل المشكلة بل ستزيد الأمور صعوبة وتعقيدا، مما يؤدي إلى تهديد خطير للسلم والأمن الدوليين وبخاصة في منطقة الشرق الأوسط.
6- تؤكد الحكومة اللبنانية على مسؤوليتها في حماية الوطن والمواطنين، وفي المحافظة على أمنهم وسلامتهم، وعلى حقها وواجبها في بسط سلطتها على كامل أراضيها، وممارسة سيادتها وفي اتخاذ قرارها الوطني في الداخل والخارج.
7- يرحب مجلس الوزراء بمبادرة الأمين العام للأمم المتحدة إلى إرسال وفد رفيع المستوى للعمل على التخفيف من حدة التوتر وإعادة الاستقرار، والحض على احترام القانون الإنساني الدولي وحماية المدنيين والمنشآت المدنية".
في ضوء ما تقدم، يهم المكتب الإعلامي للرئيس السنيورة أن يؤكد ويشدد على أمرين أساسيين:
أولا: الحرص الدائم والثابت للرئيس السنيورة على حرية واستقلال وسيادة لبنان وعلى حق وواجب لبنان في التصدي لأي اعتداء على أرضه من خلال قواه الذاتية وفقا للدستور. وكذلك على حرصه في الحفاظ على وحدة اللبنانيين في التصدي للعدوان والعمل الجاد للخروج الوطني والأمني من المأزق الخطير الذي أصبح لبنان في خضمه نتيجة العدوان الإسرائيلي عليه.
وفي هذا المضمار، كان السلوك والأداء الرفيع والمسؤول الذي مارسته حكومة الرئيس السنيورة خلال حرب تموز، بكونها كانت على قدر وعلى مستوى خطورة المرحلة العصيبة التي كان يواجهها لبنان. وفي هذا المجال، تثبت الوقائع أن الحكومة اللبنانية آنذاك استطاعت بحكمتها وتبصرها وجهدها خلال تلك الفترة من أن تبحر في بحر مليء بالألغام والأفخاخ وان تحافظ بالتالي على وحدة لبنان وعلى تضامن اللبنانيين وان تطرح على المجتمعين العربي والدولي اقتراحات عملية وان تنجز:
1- صياغة ورقة النقاط السبع التي أصبحت الأساس في صدور القرار الدولي 1701 والتي حظيت بموافقة الرئيس بري وتمسك بها السيد حسن نصر الله.
2- ان تنجح في انعقاد اجتماع روما وانعقاد القمة الروحية في بكركي الداعمة للنقاط السبع، وكذلك للحكومة اللبنانية، وان تدفع أيضا في اتجاه عقد اجتماع مؤتمر القمة الإسلامية في كوالالمبور لدعم لبنان.
3- كما وأن تنجح في انعقاد اجماع وزراء الخارجية العرب في بيروت الذي قدم الدعم العملي للبنان ولشعبه وانتدب عددا من وزراء الخارجية العرب للذهاب إلى نيويورك مع الأمين العام للجامعة العربية لمتابعة أعمال جلسات مجلس الأمن.
4- وان تتوصل تلك الحكومة التي سماها الرئيس بري آنذاك بحكومة المقاومة السياسية إلى انعقاد مجلس الأمن لإصدار القرار 1701 الذي استند كذلك إلى قرار مجلس الوزراء بشأن انتشار الجيش اللبناني في الجنوب، وهو الأمر الذي لا يزال ينعم لبنان بفضله وبفضل الله برخاء وأمن واستقرار وهو ما نتمناه ان ينسحب ذلك على كافة الاراضي اللبنانية.
من جهة ثانية، يهم المكتب الإعلامي للرئيس السنيورة ان يتساءل عن سبب إصرار جريدة الاخبار على الاستمرار في تشويه الحقائق وإثارة الضجيج الإعلامي عبر العناوين المضخمة والمثيرة من أجل كسب انتباه القراء دون ان يكون في الواقع للكثير من تلك العناوين المضمون التي توحي به القراءة السريعة لتلك العناوين.
إن هذه الممارسات لا تنحصر بتلك المقالات المنشورة في العدد الصادر يوم الجمعة الماضي المشار اليه، بل تكرر ذلك في ما نشر في عددي الاخبار الصادرين يومي السبت والاثنين في 14 و16 تموز 2018 بكونهما أتيا مجتزأين ومن خارج السياق من أجل تشويه الحقيقة الكاملة التي سعى الرئيس السنيورة طوال فترة العدوان، والتي استمرت حتى الرابع عشر من تموز 2006 في الحرص على حماية لبنان وحماية اللبنانيين في كل لبنان ولا سيما في المناطق التي كان يستهدفها العدو الإسرائيلي، وكذلك الحرص على المقاومين الذين هم أولاً وأخيراً لبنانيون وكانوا يدافعون وبحق عن لبنان وعن الشعب اللبناني.
المشكلة تكمن في ما دأبت عليه هذه الصحيفة منطلقة من سياسة متبعة لديها ومتعمدة من قبلها، والذي أصبح عليه منهجها الدائم والثابت في التهجم ظلما على الرئيس السنيورة وعلى الفريق السياسي الذي ينتمي إليه".