لم يعكس تشكيل اللجان النيابية وتوزيعها بين المكونات السياسية المختلفة الممثلة في البرلمان، نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة. فحافظت القوى على أحجامها من دون أن يظهر أن ثمة تغييرات جوهرية فرضها استحقاق 6 أيار. فما يسمى بغلبة حزب الله وحلفائه في الانتخابات النيابية الاخيرة، لم يكن له أثر على صعيد تشكيل اللجان. لم تتحسن حصة حزب الله، إذ ظلت مقتصرة على رئاسة لجنة واحدة هي لجنة الإعلام والاتصالات مع تغيير في شخص رئيسها من النائب الجنوبي حسن فضل الله إلى النائب البقاعي حسين الحاج حسن. في حين حل النائب نواف الموسوي مقرراً للجنة الإدارة العدل مكان زميله السابق نوار الساحلي، علما أن ثمة محاولات جرت قادها الرئيس نبيه بري لمنح حزب الله رئاسة لجنة الأشغال باءت بالفشل أمام إصرار تيار المستقبل على الاحتفاظ برئاسة هذه اللجنة، الأمر الذي هدد بأزمة كادت أن تدفع إلى اعتماد الانتخاب في تشكيل اللجان، وهو ما لا يريده الرئيس بري على الإطلاق، فاستقر الأمر على ما كان قائما من قبل. فعاد حزب الله إلى رئاسة لجنة الإعلام في حين أن حركة أمل عادت إلى رئاسة لجنتي الخارجية عبر النائب ياسين جابر والزراعة عبر النائب أيوب حميد. في المقابل استعاد المستقبل إمساكه بالحصة السنية كاملة عبر النواب بهية الحريري في رئاسة لجنة التربية وسمير الجسر في رئاسة لجنة الدفاع، وعاصم عراجي في رئاسة لجنة الصحة، فضلا عن ترؤس نزيه نجم لجنة الأشغال، وهي حصة المستقبل ذاتها التي كانت في المجلس النيابي السابق. وهنا لم تتمكن المعارضة السنية من ترؤس أي من اللجان المخصصة للطائفة السنية.
لكن ما يجدر الوقوف عنده، هو ميل حزب "القوات" لرئاسة لجنة الادارة والعدل التي كانت برئاسة النائب السابق روبير غانم المصنف كمستقل في إطار 14آذار، وهي واحدة من لجنتين تشكلان عمادي العمل التشريعي (العدل، والمال والموازنة التي بقيت برئاسة النائب ابراهيم كنعان). هذا الأمر جاء كتعويض للقوات عن تغييبها عن هيئة مكتب المجلس من ناحية، ومن ناحية أخرى برغبة من الرئيس بري الذي يرتاح إلى العمل مع النائب جورج عدوان ولأن ثمة غزل معلن غير خاف بين حركة أمل والقوات اللبنانية. أما ما تبقى من لجان أخرى لا يسجل حولها أية دلالة سياسية نافرة.
والسؤال هل يمكن قراءة ما حصل على صعيد اللجان كمؤشر لما سيحصل على مستوى التركيبة الحكومية؟ تجيب مصادر نيابية مطلعة لـ"لبنان24" بأن التمسك بالحصص والتوازنات في ما يتعلق بالحكومة هو أكثر حدة واكثر شراسة، فمشهد ساحة النجمة أمس ليس بالضرورة ان يكون مطابقا لما سيحصل على الخط الحكومي.
يبقى أن تشكيل اللجان قبل تأليف الحكومة يعني أن اللجان ستنطلق في عملها في مرحلة قريبة، وأن لا شيء يمنع قانونياً ودستورياً من أن تتمثل الحكومة في اجتماعات اللجان بوزراء تصريف الأعمال أو مدرائهم العامين.