في الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام 2017 علقت شركة "تويتر" ما لا يقل عن 58 مليون حساب لمستخدمين، والأسبوع الماضي أعلنت الشركة تعليق 70 مليون حساب خلال شهري أيار وحزيران الماضيين، وكلها حسابات مشبوهة أو مزورة.
موقف الشركة ضد "الحسابات الخبيثة" أو "المقفلة" من تعداد المتابعين، كما تسميها، جاء في أعقاب مكافحة جهود التضليل الروسية خلال حملة انتخابات الرئاسة الأميركية عام 2016، لكنه أثار تساؤلات حول ما إذا كان من الممكن أن تؤثر هذه الإجراءات الصارمة على نمو مستخدمي "تويتر" وما إذا كان على الشركة تحذير المستثمرين في وقت سابق من هكذا خطوة.
وبعيداً عن الاعتبار الأمني، شملت "تداعيات" القرار التويتري بشكل مباشر حسابات ملكات وأمراء ورؤساء ورجال دين وفنانين وأشخاصاً ممن كان يصطلح على تسميتهم بـ "المؤثرين" على مواقع التواصل فتقلصت أعداد متابعيهم بشكل مريع وصادم، إذ تبين أن شعبية هؤلاء، أو جزءاً من شعبيتهم الالكترونية "fake".. مزورة وغير حقيقية ومدفوعة الثمن.
من أبرز من انخفض عدد متابعيه على تويتر الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي كان عدد متابعيه حتى نحو 53,300,000 متابع، لتتم إزالة نحو 300 ألف متابع، أما أكثر المتأثرين بهذه الخطوة كان الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، الذي خسر نحو مليوني متابع، وهو الرقم نفسه الذي خسره أمير قطر تميم بن حمد، بالاضافة لمئات الأسماء في العالم العربي التي اختفى فجأة مئات الآلاف من متابعيها!
الإجراء وتداعياته يفتح باب النقاش في ثقافة السوشيل ميديا، وما تنتجه من نمطية واستسهال وخفّة وتسرّع لا يمكن الركون إليها في صنع وعي أو تجديد قيم، وإن كانت قدراً لجنون ثورة الاتصالات وأحد تجلياتها. ومع ذلك فإن خطوة الشركة العالمية ضرورية ومهمة بعدما باتت الشهرة والتأثير والانتشار والنجومية تقاس بعدد المتابعين، وعدد الإعجابات، أو إعادة التغريد، حتى لو كانت وهمية أو بمقابل مادي من قبل حسابات مزورة لا وجود لها، أو ما يعرف بالذباب الالكتروني، الذي بات ذراعاً قذرة لتنفيذ أعمال مشبوهة أو إرهابية لا تقل خطورة وإجراماً عن ممارسات المقرصنين (الهاكرز) في عدم قانونيتها، سواء أطالت سمعة الأشخاص أو حياتهم أو حقوقهم أو مسّت بالسرية المصرفية أو داتا المعلومات والبيانات أو الأجهزة الرسمية أو الشركات الخاصة، أو تلك التي تعمل بخبث على تلفيق الجرائم وتركيب الملفات كما حصل مؤخراً مع الفنان اللبناني زياد عيتاني، وكل ذلك يقود إلى تزايد أهمية "الأمن السيبراني" في الزمن الراهن.
منذ مطلع الألفية الجديدة، تطورت نظم وأشكال الاتصالات والتواصل عبر الانترنت بشكل سريع وكبير جداً، من أيام مقاهي الانترنت وغرف الدردشة، إلى اللابتوب فالتابلت والسمارت فون.. وصولاً إلى ثقافة "إذا أردت أن تكرم ضيفك فما عليك إلا أن تعطيه "واي فاي" و"باس وورد".. وتمام الإكرام في الشاحن"!!
ماذا بعد؟
هناك "نظارات غوغل" و"سمارت سكن"، فمؤخراً نشر خبر عن قيام إحدى الشركات بإتاحة الفرصة لموظفيها ليصبحوا موظفين إلكترونيين، وقد وافق بعضهم على زرع رقائق إلكترونية في اليد، تمنحهم القدرة على الدخول لمقر الشركة وأنظمة الحاسوب من دون اللجوء إلى إجراءات الهوية التقليدية.
هذه الرقائق تبعث منها موجات تُخزَّن فيها كل البيانات التي تجعلها مكاناً لجواز السفر وبطاقة الهوية والبنك والتأمينات... لكن ما هو غير معروف حتى الآن، هل يمكن اختراق هذه الرقاقة من قبل "الهاكرز"؟ تخيل اختراق «هاكرز» لزميلك في العمل من خلال جلده، وبالتالي التحكم في شبكة أعصابه، ومدى انتاجيته!
قفزات سريعة سبقت أفلام الخيال (Science Fiction) التي كانت حذرت من مخاطر انقياد البشرية للذكاء الاصطناعي والروبوتات أو القراصنة الالكترونيين.
إنه لأمر مرعب.. ما الاقتراحات؟