يطوي اليوم الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري شهره الثاني على التكليف على وقع جمود قاتل في هذا الملف، وتراجع الآمال بامكانية ولادة الحكومة هذا الأسبوع، وفق ما أشاع الرئيس الحريري الاسبوع الماضي. ومن المتوقع أن تعود الاتصالات والمشاورات الحكومية اعتباراً من اليوم، خصوصاً وانها كانت غائبة بشكل كلي في خلال فترة السفر، وقبيل سفر وزير الخارجية جبران باسيل الى نيويورك.
وفي موازاة هذه الصورة الحكومية المعقّدة، برزت حماسة خارجية لتأليف حكومة في لبنان في وقتٍ قريب، عبّر عنها مجلس الأمن الدولي، الاّ ان العقد الداخلية لا تزال هي هي، فالعقدة القواتية لم تجد بعد طريقاً للحلحلة، على رغم قنوات الاتصال المفتوحة بين القوات اللبنانية وتيار المستقبل، فيما العقدة الدرزية تزداد تعقيداً، ولسان حال النائب السابق وليد جنبلاط أن زمن التسويات لم يحن بعد.
نزع التكليف من الحريري
ولفتت صحيفة "اللواء" الى انه وبعد المعلومات التي نسبت إلى مصادر بعبدا عن رغبة، بعد أسبوعين، لنزع التكليف من الرئيس الحريري بعريضة من 80 نائباً، تحدثت الأوساط القريبة من بعبدا عمَّا هو مطلوب من الرئيس المكلف، وهو كالتالي:
1- صيغة حكومية يقبلها الرئيس ميشال عون.
2- تتمكن من خلال تمثيلها وبرنامجها من نيل ثقة المجلس النيابي.
ومن هذين الشرطين يُمكن ان تطرح المخاوف: ماذا يعني مقبولة من الرئيس، هل يعني ان يتمثل النائب طلال أرسلان عن الدروز إلى جانب وزيرين للنائب السابق وليد جنبلاط، وهل يعني ان تتمثل "القوات اللبنانية" بثلاثة وزراء فقط، وهي تطالب بخمسة مع واحدة سيادية.. وإذا لم تكن الصيغة هكذا، يرفضها الرئيس، فماذا تكون النتيجة.. تتعلق محاولات حلحلة العقد؟!
وبالنسبة للشرط الثاني، هل تعني الثقة الممنوحة إذا جرى التوافق، سحب الثقة إذا لم يكن هناك توافق.
من هذه الوجهة، يطرح، السؤال، إزاء مَنْ يزرع التشكيك والالغام على الطريق بين "بيت الوسط" وبعبدا؟
صعوبة التأليف هذا الاسبوع
ألمحت مصادر سياسية وثيقة الصلة بأجواء قصر بعبدا، لصحيفة "اللواء" الى صعوبة تشكيل الحكومة هذا الأسبوع، بحسب التأكيدات التي كانت صورت في هذا الاتجاه في الأسبوع الماضي، إذ لفتت إلى ان قول الرئيس ميشال عون بأن هذا الأسبوع هو حاسم على صعيد الحكومة، يستند اساسا إلى ما أعلنه الرئيس الحريري قبل سفره، وفي خلال زيارته اسبانيا، مشيرة إلى ان الحديث عن موعد زيارة الحريري إلى قصر بعبدا، لا يزال رهن إرادة الرئيس المكلف، مع التأكيد هنا إلى ان ما يصدر من ايحاءات حول تباعد بين الرئيسين عون والحريري غير دقيق.
وقالت ان الرئيس عون يريد ان تتشكل الحكومة سريعاً لكنه لم يتحدث عن مهلة زمنية، ولم يشر مرّة واحدة إلى انه يبحث من مخارج لنزع التفويض النيابي من الحريري، أو انه راغب بتسمية شخصية سياسية غير الحريري لهذه المهمة.
الا ان المصادر نفسها رأت ان الرئيس الحريري لا يبدو قادرا على تقديم صيغة حكومية، بسبب مواقف الكتل التي تتبدل وتشهد مرّة تطرية ومرة تعقيداً، مشيرة إلى ان ما صدر من ردود فعل لا يُساعد في خلق مناخ إيجابي، وإنما يعمل على زيادة الخلافات الداخلية من جهة، وبالتالي يصبح المناخ المرافق للحكومة ضاغطاً، لافتة إلى انه عندما يصبح المناخ كذلك، فمن الصعوبة حصول تسويات أو تقديم تنازلات أو تسهيلات.
وأكّدت المصادر انه في ما خص العقدة الدرزية فإن المواقف الأخيرة رفعت من حدة التشنج، كما ان لا أفق في موضوع العقدة السنيّة، اما في ما يتعلق بالعقدة المسيحية، فقد توقفت المصادر عند الكلام الأخير للوزير ملحم رياشي وأعربت عن اعتقادها بأن هناك كلاماً كثيرا لكن عمليا لا شيء في الملف الحكومي.
وفي تقدير المصادر ان هذه المواقف أعادت أمور التشكيل إلى نقطة الصفر، وأكدت ما كان يردده الرئيس نبيه برّي بأن العقدة المسيحية هي العقدة الأولى والاهم.
في هذا الوقت، قالت أوساط حزبية عن الملف الحكومي والتأليف لصحيفة "الجمهورية: "لا شيء جديداً تحت الشمس"، فيما علّق نائب سابق ملتزم في تيار بارز للصحيفة عينها، مشيراً الى أن التصريحات عن تشكيل الحكومة شيء وما يحصل شيء آخر.
القوات توضح بالأرقام
في هذا الوقت، أوضحت مصادر مسؤولة في "القوات" لـ"اللواء" ان مواقف الأخيرة للوزير رياشي ليست جديدة، ولا تصعيدية بل مواقف واقعية، قال فيها بشكل واضح اننا امام خيارين: اما الالتزام بتفاهم معراب واما اذا لم يلتزم الوزير جبران باسيل به لا بأس علما اننا متمسكون به حتى النهاية، لكن الوزير باسيل وضع معادلة واضحة المعالم قال فيها بما ان القانون الانتخابي نسبي يجبا ن توزع الحصص الوزارية نسبيا بين القوى ووفق احجام ما نالته هذه القوى في الانتخابات الاخيرة.
اضافت المصادر: لقد شرح الوزير باسيل النسب على قاعدة ان التيار الوطني الحر نال 55 في المائة من الاصوات، والقوات اللبنانية نالت 31 في المائة، والكتائب والمردة 7 في المائة. طبعا نحن نشكك بهذه الارقام ونقول ان القوات نالت 37 في المائة، لكننا قلنا اننا سنسلّم بما قاله باسيل، و31 في المائة تعني ثلث الاصوات، وثلث الاصوات من 15 نائبا يعني خمسة مقاعد وزارية للقوات، وللتيار سبعة مقاعد ونصف وتحتسب الكسور لمصلحتها يعني ثمانية مقاعد وزارية. يبقى مقعدان.
وتابعت: على هذه القاعدة تحدث الدكتور جعجع والوزير رياشي، وبالتالي هذا الموقف هو التزام بالمعادلة التي وضعها الوزير باسيل، واذا اراد ان يوزع المقاعد نسبيا فنحن وفق ارقامه قلنا له ليكن لك ما تريد، وبناء على ذلك فموقفنا ليس موقفا تصعيديا بل هو اتى كترجمة عملية للمعادلة التي وضعها الوزير باسيل.