سيطرت الأجواء الايجابية "الحذرة" على الساحة السياسية اللبنانية، عقب الاجتماع الذي عقد أمس في بعبدا بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس سعد الحريري، بانتظار ما ستؤول اليه الاتصالات والمشاورات التي ستعقد في الساعات القليلة المقبلة، والتي ستتظهر نتائجها بعد الاجتماع المقرر عقده غداً بين الرجلين.
التفاؤل سيّد الموقف
وأشارت المصادر لصحيفة "النهار" الى ان الامور تتجه الى حلحلة ومن غير المستبعد ولادة الحكومة قريباً، لافتة الى وجود أجواء من الحلحلة ولاسيما في العقدتين المسيحية والدرزية، اللتين ما زالتا تحتاجان الى بعض الاتصالات التي سيتابعها الحريري.
وقالت المصادر إن الاجتماع الذي عقد بعد اكثر من شهر من آخر لقاء لهما ساده الارتياح المتبادل وقطع الطريق على اَي تأويلات أو تحليلات عن علاقة متشنجة بين الرئيسين، وفيه طرحت صيغ مع بدائل وسط تكتم على مضمون المقترحات القديمة أو المتجددة.
وأشارت المصادر الى امكان تقديم صيغة شبه نهائية غداً اذا اثمرت اتصالات الحريري نتائج إيجابية، مع عدم استبعاد ولادة الحكومة قبل عيد الجيش في الاول من آب.
وفي هذا الاطار، تحدّثت المعلومات لصحيفة "اللواء" الى ان الزيارة لم تحمل جديداً على صعيد حسم مسألة تأليف الحكومة، مثلما كان تردّد سابقاً، بل أفضت الى ايجابيتين هما نفي وجود خلاف بين الرئيسين عون والحريري في قاموس الرجلين، والاتفاق على عودة التواصل، من خلال زيارات شبه يومية أو أسبوعية سيقوم بها الحريري، بما يعني ضمناً بأنه كانت هناك أجواء ملبدة بين الرئيسين، ونجحت الزيارة المستأخرة في تبديدها.
وأوضحت مصادر مطّلعة على التشكيلة التي رفعها الحريري للرئيس عون، لـ"الشرق الأوسط" أنها تتضمن 4 وزراء مسيحيين لـ"القوات اللبنانية"، مع وزارة سيادية و3 دروز من حصة "الاشتراكي". وقالت مصادر الحريري لـ"الشرق الأوسط": "هذه الصيغة ترضي الجميع وتؤمن صحة التمثيل برأي الحريري الذي تداول بها مع الرئيس عون بوصفه المعني الوحيد ببحثها مع الرئيس المكلف تشكيل الحكومة"، وأكدت أنه "إذا صفت النوايا ولَم تكن هناك معوقات خارجية وإرادة إقليمية في عرقلة الحكومة يجب أن يتم السير بالاقتراح".
واذ وصفت مصادر "اللواء" الصيغة المقدمة بالمقبولة، لفتت الى انه جرى نقاش واخذ ورد حولها بين الرئيسين واستعراض بعض البدائل المحدودة الممكن ادخالها على التشكيلة والتي سيُجري الحريري التفاوض حولها اليوم مع القوى السياسية لنيل موافقتها على البدائل المقترحة. واوضحت المصادر انه حصل تقدم واضح في الامور، وان الرئيس عون كان هذه المرة اكثر ارتياحا من المرات السابقة لما عرضه الحريري، ومن المفروض ان تتبلور الامور يوم غد الجمعة في ضوء اتصالات الحريري مع الاطراف المعنية، وقد يحصل تقدم سريع اذا وافقت الاطراف السياسية المعنية على البدائل التي عرضها عون.
وأشارت المصادر لـ"الأخبار" إلى أن التداول لم يخرج عن صيغة حكومة من ثلاثين وزيراً من دون زيادة إلى 32 أو نقصان إلى 24 وزيراً، وقالت: "إذا تجاوب الأفرقاء المعنيين مع الصيغة أو البدائل، من غير المستبعد أن تتألف الحكومة قبل الأول من آب، عيد الجيش يوم الأربعاء المقبل".
في المقابل، قالت مصادر مطّلعة على ما يجري داخل هذا المطبخ الحكومي، لـ"الجمهورية": "حتى الآن لا يمكن القول إنه تمّ بناء الارضية الصالحة لإشادة المبنى الحكومي عليها، فالتأليف ما زال في مرحلة البدايات، ولم يغادر بعد مربّع الفشل الذي يراوح فيه منذ ان شغّل الحريري محركاته قبل أسابيع". وبحسب المصادر، فإنّ هذه الجرعة التفاؤلية الحريرية استندت الى رغبة الرئيس المكلّف المُعلنة بتفعيل حركة مشاوراته، وأراد من خلالها الحريري ان يوجّه رسالة الى من يتهمون بالمماطلة وتضييع الوقت يؤكد فيها انّ حجر الاساس قد تمّ وضعه لبناء حكومته، وذلك لدحض الكلام الذي يتسرّب من مصادر مختلفة من انّ حركته لم تؤدّ الى تقدم يذكر. وهنا بيت القصيد، الّا انها لم تستند الى وقائع ملموسة وايجابيات جدية تؤشّر الى رَدم تلال التعقيدات التي ما زالت ماثلة في طريق حكومته.
العقد على حالها
وأشار مطلعون على ملف التأليف عبر "الجمهورية" الى ان العقد تتمركز في اربع نقاط: الأولى، عقدة الثلث المعطّل الذي ما زال التيار الوطني الحر يصرّ عليه مدعوماً بموقف رئيس الجمهورية. الثانية، العقدة المسيحية التي صارت أقل صعوبة مع ليونة القوات اللبنانية في ما خَصّ حجمها التمثيلي والحقائب التي ستسند اليها، الّا انّ هذه الليونة لم يجرِ تلقّفها بعد من قبل التيار الوطني الحر. والنقطة الثالثة، العقدة السنية التي هي العقدة الأسهل، التي يمكن ان يجري حلّها بحوار ومقايضة ما، في ظل عدم استعداد ايّ طرف على الدخول في معركة حول هذا الأمر.
وفي ما يتعلّق بالعقدة المسيحية، فأوضحت مصادر الرئاستين لـ"الأخبار" أن الأمور "باتت مُسهلة على صعيد العقدة المسيحية، ولكن تبقى العقدة الدرزية التي تحتاج إلى أخذ ورد في ضوء عدم جنوح بيان اللقاء الديموقراطي إلى التصعيد واكتفائه بمقاربة عمومية للملف الحكومي".
وفي هذا الاطار، علم من مصادر "اللقاء الديموقراطي" ان لا جديد في موضوع التأليف أو سعي الرئيس المكلف في لقائه رئيس الجمهورية الى تثبيت اقتراحه القائم على اعطاء "القوات اللبنانية" أربع حقائب وكتلة "اللقاء الديموقراطي" المقاعد الدرزية الثلاثة، وان الحلّ ينتظر موافقة الرئيس عون و"التيار الوطني الحر".
وأكدت مصادر في كتلة اللقاء الديمقراطي لـ "الأخبار" أن أحداً "لم يأتِ إلينا ويعرض علينا صيغاً جديدة، فلا أفكار أو مقترحات يمكن مناقشتها. وعلى أساس ذلك نحن كنا ولا نزال متمسكين بموقفنا". وقالت المصادر: "لسنا في جو وجود صيغة حكومية جديدة كما يُحكى في القصر الجمهوري". وتوقعت أن يحصل تواصل بين الحريري وجنبلاط في وقت قريب.