فرضَت المبادرة الروسية حول النازحين، نفسها على المشهد اللبناني بنداً اولاً في أجندة الاهتمامات. خصوصا انّ الجانب الروسي يتبنّاها من موقع الواثق بسلوكها المسار المحدد وهو إنهاء هذا الملف بإعادة النازحين الى ديارهم، وهو ما تجلّى بخطوات ممهدة عبر وزارة الدفاع الروسية التي أعلنت عن فتح معبرَين للاجئين السوريين من الأردن ولبنان. على أن يلي ذلك فتح ثلاثة معابر أخرى لهذه الغاية.
وفي هذا الاطار، يزور الموفد الخاص للرئيس الروسي الى سوريا ألكسندر لافرنتييف بيروت اليوم على رأس وفد رفيع المستوى ديبلوماسي - عسكري يضم اليه ١٣ شخصية من ممثلين لوزارتيْ الخارجية والدفاع، حيث من المقرر أن يلتقي كلاً من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس سعد الحريري ويعقد معهما اجتماعات موسّعة يشارك فيها عن الجانب اللبناني الى الرئيس والرئيس الحريري وزير الدفاع وممثلون لوزارة الخارجية وقادة الاجهزة الامنية.
موقف لبناني موحّد تجاه العودة
وعلمت "المستقبل" أنّ رئيسي الجمهورية والحكومة اتفقا أمس على الصيغة الواجب اعتمادها من جانب الدولة اللبنانية إزاء المقترحات الروسية الهادفة إلى إعادة النازحين إلى سوريا، وهو ما أكد عليه الحريري بإعلانه الاتفاق مع عون على "موقف واحد" حيال الموضوع. في حين أفادت أوساط بعبدا أنّ الرئيسين سيستمعان خلال لقائهما الوفد الروسي اليوم إلى تفاصيل ما يحمله من مقترحات حول الخطة المُرتقبة لعودة النازحين إلى وطنهم واللجنة المُشتركة المعنية بهذه العودة، على أن يُصار بالتالي إلى تحديد التمثيل اللبناني في هذه اللجنة بحسب طبيعتها ليكون هذا "التمثيل بالمثل، أمنياً إذا كانت اللجنة ذات طابع أمني أو ديبلوماسياً إذا كانت ذات طابع ديبلوماسي".
اللواء ابراهيم يدخل على الخطّ
وفي السياق ذاته، إلتقى رئيس الجمهورية بعيداً من الأضواء اللواء عباس ابراهيم، الذي نقل اليه حصيلة الإجتماع الذي عقده والوفد الروسي الذي زاره أمس برئاسة الملحق العسكري الروسي بالوكالة العقيد Denis Khitryy، وبحث معه في الآليّات المقترحة لشكل ومهمة لجنة التنسيق اللبنانية - الروسية التي يقترحها الروس لإدارة ملف إعادة النازحين السوريين في ضوء المبادرة الروسية الأخيرة وكيفية مقاربة الموضوع، كما تمّ التفاهم بشأنه بين الرئيسين الأميركي والروسي دونالد ترامب وفلاديمير بوتين.
وعلمت "الجمهورية" انّ من بين المقترحات المتداولة ان يكون اللواء ابراهيم باعتباره من يدير هذا الملف بالتنسيق مع السلطات السورية رئيس الفريق اللبناني في اللجنة المشتركة، والتي سيترأس الجانب الروسي منها السفير الروسي في بيروت الكسندر زاسبكين.
المقترحات الروسية
وأفادت مصادر مواكبة للتحرك الروسي في شأن عودة النازحين، ان روسيا تستعجل البدء بعملية العودة الآمنة، وستعمل على انشاء لجنةً خاصة في بيروت على غرار اللجنة التي أنشئت في الاردن وقد تضم الى لبنان وروسيا ممثلين للأميركيين. وللبنان مصلحة في اشراك الولايات المتحدة او اَي دولة كبرى فيها نظراً الى الحاجة الى دعم كبير لهذه العودة سواء مالياً أو لوجستياً أو سياسباً أو امنياً.
وقالت مصادر ديبلوماسية روسية لـ"الجمهورية" انّ موسكو تعتقد انّ ملف النازحين قد حان وقت إقفاله، وهي تَتفهّم حجم المعاناة التي يكابدها النازحون، وكذلك حجم العبء الذي يشكّله هؤلاء النازحون على الدول التي تستضيفهم، ومن ضمنها لبنان الذي يعتبر اكثر الدول استضافة للنازحين، موسكو عَبّرت عن استعدادها الدائم لمساعدة لبنان في هذا المجال.
وأشارت المصادر الى انها تتوقع بروز خطوات ايجابية وممتازة في المدى المنظور، وقد وضعت موسكو الدول المعنية في صورة المبادرة التي هي بصددها، خصوصاً في الاردن وكذلك الأمر تجاه لبنان الذي نلمس إيجابيّات في مقاربته للمبادرة الروسية. مشيرة الى دور اساس للسفير الروسي في لبنان الكسندر زاسبكين.
ولفتت مصادر دبلوماسية روسية لـ "الأخبار" إلى أن المشكلة في ملف عودة النازحين السوريين هي عند الجانب اللبناني، "فروسيا تعرف ماذا تريد، وكذلك الدولة السورية، لكن على اللبنانيين أن يتوحدوا وأن يكون موقفهم واحداً من الطرح الروسي وآلية التعاطي مع ملف عودة النازحين". وأكدت أن روسيا ليس لديها خطة خاصة بلبنان، "بل برنامج عمل يشمل كل الدول التي لجأ إليها النازحون السوريون".
وأشارت مصادر دبلوماسية وسياسية لـ"الجمهورية" الى انّ زيارة الوفد الدبلوماسي العسكري الى لبنان تتزامن ووجود وفود روسية اخرى في تل ابيب برئاسة وزير الخارجية سيرغي لافروف، كما في فرنسا والمانيا سعياً الى أوسع توافق دولي على خطط إعادة النزوح وكلفته المقدرة على الأراضي السورية.