تحت عنوان لماذا لم يُحدِّد "الطائف" مهلةً لتأليف الحكومة ؟، كتبت راكيل عتيق في صحيفة "الجمهورية": في 24 أيار 2018 كلّف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري تأليفَ الحكومة الجديدة. وإذ تفاءَل الحريري بتعاون الجميع معه لتأليف حكومة متوازنة سريعاً تعيش طويلاً، مرَّ على تكليفه هذه المهمّة شهران ولم يتمكّن بعد من فكّفكة العُقدِ التي تعوق الولادةَ الحكومية، في ظلّ تبَرّؤ الجميع من "الصبي" وأُمومتِه.
لا رئيس الحزب "التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط تنازَل، ولا رئيس الحزب "الديموقراطي اللبناني" النائب طلال إرسلان تراجَع. وفي حين يتكتّل النواب السُنّة موالين كانوا أم معارضين حول رئيس الحكومة لخشيتِهم المسَّ بصلاحياته، يصِرّون على تقاسمِ الحصّة السنّية في الحكومة وعدمِ حصرِها بالحريري فقط. أمّا على جبهة "التيار الوطني الحر"-"القوات اللبنانية"، فالتراجع يبدو أنه شملَ اتّفاقاتهما فقط، أمّا عن "الكرسي" فلا تنازُل ولا تراجُع.
العُقد المربوطة بإحكام و"الممانعة" لأيّ فكفكة أو حلحلة، إضافةً إلى الوضع الاقتصادي المتردّي، دفعت بمرجعيات غير مُناط بها العمل على خط التأليف، للدخولِ على هذا الخط، تلافياً للانهيار العظيم، وفي مقدّمة هذه الشخصيات، البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، فهناك "فقط الحقائب لم يدخل فيها بعد".
ولكن، سواء شُدَّت العُقد أو تَحلحلت، فإنّ إصدار مراسيم الحكومة محصورٌ تكليفاً برئيس الجمهورية، وتأليفاً به وبالرئيس المكلّف، ولكن ليست هناك أيّ مهلة منصوص عنها دستورياً وقانونياً تُقيّد الأخيرَ أو تُلزمه الإسراع في تأليف الحكومة، حتى إذا انقضَت ولم يؤلّف، عليه أن يعتذر أو يصبح معتذراً حُكماً، وينسحب من ساحة التكليف، فإمّا يعاد تكليفه بعد استشارات جديدة، أو يكلَّف شخصٌ آخر هذه المهمّة الدستورية.
وفي هذا المسار الدستوري، القانون الأعلى في لبنان واضح ولا يَحتمل الاجتهاد أو التفسير، فهو لم ينصّ على أيّ مهلة لإنجاز التشكيلة الوزارية، لا صراحةً ولا ضِمناً. فلماذا أغفَل الدستور المنبثق من "اتّفاق الطائف" هذه النقطة؟
لا يبدو أنّ الذين أجروا التعديلات الدستورية في مؤتمر "الطائف" عام 1989، وقونَنها المجلس النيابي في القليعات لاحقاً، قد غفلوا عن هذه النقطة، لأنّ الاتّجاه حينها إلى تقليص صلاحيات رئيس الجمهورية "الماروني"، وتعزيزِ صلاحيات رئيس الحكومة "السنّي" قد حتّم عدم إلزام رئيس الحكومة المكلّف بمهلةٍ لتأليف الحكومة.
ويوضِح المرجع الدستوري النائب والوزير السابق إدمون رزق، الذي شارَك في صوغ "اتفاق الطائف"، لـ"الجمهورية"، المسارَ الذي أوصَل إلى عدم تحديد مهلة لتأليف الحكومة.
فقبل "الطائف"، كانت لرئيس الجمهورية صلاحيات الرئيس في النظام الرئاسي، على الرغم من أنّ لبنان يعتمد النظامَ البرلماني، وكان رئيس الجمهورية يختار رئيس الحكومة ويفرضه من دون أيّ استشارات ملزِمة. ويؤكّد رزق، الذي واكبَ عهوداً عدة، أنّ الرئيس حين كان يسأل النواب من يريدون رئيساً للحكومة، كانت نسبة الـ 90 في المئة منهم تجيب: "اللي بتأمرو يا فخامة الرئيس".
لقراءة المقال كاملاً اضغط هنا.
(راكيل عتيق- الجمهورية)