كتبت "المدن": حجم التحريض والمساس بالوحدة الوطنية اللبنانية، الوارد في صفحة "حراس الجبل" في "فيسبوك"، إستدعى تحركاً رسمياً لبنانياً على مستويات رفيعة لتعقبه، وملاحقة المتورطين به، تمثل باستنفار أمني قضائي انطلق خلال الايام الماضية، في محاولة لتقصي الحقيقة وتوقيف المتورطين في صفحة فيسبوكية تتضمن تحريضاً على الوحدة الوطنية، وتدعو اللبنانيين للانفصال عن الدولة، وسط وجود شبهة اسرائيلية قوية تقف وراء الصفحة.
وقبل اسبوعين، بدأ انتشار صفحة على فيسبوك باسم "حراس الجبل"، تدعو فئة من اللبنانيين للانفصال عن الدولة اللبنانية، وحمل السلاح، كما تدعو للسلام مع اسرائيل، وتعمل على تصوير العلاقات مع دولة الاحتلال بوصفها ذات منفعة لبنانية.
وحتى مساء الخميس، كانت الصفحة لا تزال مفتوحة، وكان تصفح منشوراتها متاحاً، قبل أن تُغلق صباح الجمعة أمام الاشخاص الذين لا تربطهم صداقة فيها، وذلك بعدما تصاعدت الدعوات اللبنانية للحذر منها، علماً أن مديري الصفحة كانوا قد ردوا على تقارير لبنانية هاجمتهم، وبرروا لذلك بالتشجيع على التطبيع مع اسرائيل.
ولم يجزم القضاء اللبناني ما إذا كان مشغلها لبناني أم غير لبناني، وما إذا كان الموساد أو أطراف اسرائيلية أخرى تقف وراء الصفحة، وما إذا كانت التغريدات والتعليقات فيها تصدر من الداخل اللبناني أم من خارجه. كل ذلك يندرج ضمن اطار الفرضيات، وتحقق فيها الاجهزة الامنية، ويركز مكتب مكافحة الجرائم المعلوماتية التابع لقوى الامن الداخلي بدوره، على التحديد الفني لشكل التشغيل وهويته، بانتظار أن تفضي التحقيقات الى استكمال الملف القضائي للبت فيه.
مصدر قضائي أوضح أن موضوع صفحة "حرّاس الجبل" ليس جديداً، بل كان متداولاً منذ أسبوعين تقريباً عبر وسائل التواصل الإجتماعي وبعض المواقع الإلكترونية، مؤكدأ أن النيابة العامة تحرّكت تلقائياً، بناء على هذه المعلومات، وكلّفت الأجهزة الأمنية جمع المعلومات حولها لتكوين ملفّ قضائي.
وأشار المصدر القضائي لـ"المدن"، الى أنه "عند التثبت من وجود مشروع جُرمي نتيجة عملية التقصي وجمع المعلومات، يجري إطلاع النائب العام التمييزي القاضي سمير حمود على طبيعة المشروع الجرمي، عندها يأمر بتوقيف المتورطين، وإحالتهم على القضاء العسكري بوصفه المرجع المختص للمحاكمة في هكذا جرائم". وشدد على أنه "في حال ثبوت هذه التورّط تكون القضية على قدر كبير من الخطورة، لأن هكذا مشروع يمسّ الإستقرار الداخلي، ويضرب الوحدة الوطنية وصيغة العيش المشترك".
الى ذلك، كشف مصدر أمني لـ"المدن" أن "أجهزة أمنية متعددة تعمل على تعقب المعلومات المرتبطة بهذا الملف"، لافتاً الى أن "مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية يتولى تقنياً وفنيّاً الجانب المرتبط بتحديد هوية الأشخاص الناشطين في هذا المشروع داخلياً، فيما تتولى مخابرات الجيش وفرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي تتبع حركة المتفاعلين معه ومراقبة حركة الإتصالات المشبوهة داخلياً وخارجياً".
ويأتي إكتشاف هذا المشروع، مع تنامي ملفات التعامل مع العدو الإسرائيلي بشكل لافت، حيث تصدر المحكمة العسكرية أسبوعياً أحكاماً عدّة بحق لبنانيين عملاء للعدو الإسرائيلي، بينهم موقوفون ومتوارون عن الأنظار، وآخرين مقيمين إسرائيل وينشطون في تجنيد عملاء لتزويدهم بمعلومات أمنية تخدم الدولة العبرية.
وكان قاضي التحقيق العسكري الأول رياض أبو غيدا، اتهم يوم الثلاثاء الماضي الشاب الموقوف مصطفى دياب بـ"محاولة إجراء اتصال بالعدو الإسرائيلي بهدف إفشاء معلومات لصالحه والتعامل معه". وأفاد قرار اتهامي أصدره أبو غيدا، بأن المتهم "أجرى إتصالاً بالناطق باسم جيش العدو الإسرائيلي "أفيخاي أدرعي" عبر صفحة الأخير في موقع "فايسبوك"، وأبدى إعجابه بأفكاره، وأنه يؤيد السلام مع دولة إسرائيل كبلد جميل، قائلاً له "أنا من منطقة الجنوب وفهمك كفاية"، لكنّ أدرعي لم يجب على محادثاته.
ووفق القرار الإتهامي، فقد أقدم المتهم أيضاً على "إجراء محادثة باللغة الإنكليزية مع ضابطة إسرائيلية عبر تطبيق "ماسنجر"، وأكد لها رغبته بأن يكون له أصدقاء في إسرائيل، للتواصل معهم لا سيما في الأمور اللوجستية، وأن لديه معلومات تساعد إسرائيل في لبنان، لكن الضابطة المذكورة إكتفت بسؤاله "ماذا تريد؟"، ولم تجبه عن أي شيء آخر، إلى أن ألقت شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي القبض عليه في 20 حزيران الماضي.
(المدن)