Advertisement

لبنان

الحملة ضد ميقاتي لأنه رجل الانقاذ الوحيد

Lebanon 24
30-07-2018 | 04:48
A-
A+
Doc-P-498040-6367056739361839415b5ed0f236db7.jpeg
Doc-P-498040-6367056739361839415b5ed0f236db7.jpeg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger

لا نعرف بالتحديد المغزى من الحملة المفتعلة ضد الرئيس نجيب ميقاتي، وليس من مسوغ لأن يتهم بالتلاعب المالي من لا يحتاج لمزيد من المال، وقد وهبه الله نعمة كبيرة لم تكن لغيره، في الوقت الذي يرسي فيه مزيداً من التوجه السياسي المقبول من الجميع، وهو بات يشكل رأياً عاماً متمحوراً حول مختلف طروحاته، وفي أجواء الممارسات السياسية التي اتبعها منذ أن أتى إلى عالم السياسة اللبناني.

ما يؤكد مقولة تشكيله نوعاً من الرأي العام، هي نتيجة الانتخابات النيابية الأخيرة التي حملت معها جملة معانٍ، أولها وأهمها، رفض الماضي السياسي للمدينة، خصوصا القريب منه، أي ما جرى في المدينة من تداعيات لحدث اغتيال الرئيس رفيق الحريري سنة 2005، وما حملته من تطورات على الصعيدين السياسي والأمني، وانعكاس حدة الصراع الداخلي في المدينة، من جهة، وتوريطها في الأحداث السورية، من جهة ثانية، على حياة المدينة العامة، خصوصا على المستويين الاقتصادي والاجتماعي، ونتائجهما الكارثية.

نتيجة الانتخابات موقف طرابلسي بامتياز، تعني رفض المجتمع للمسار الذي زجت المدينة فيه على أيدي قوى التحالفين 14 و8 آذار، وجاءت النتيجة لتكسر الاصطفاف الذي فرضته أحداث 2005، ولتحدد خيار المدينة أي خط الرئيس ميقاتي، ولتقول أن طرابلس باتت ميقاتية الهوى، والهوية، والاتجاه، حتى لو بقي كثير من مخلفات المرحلة الماضية.

وطيلة السنوات الماضية، أنشأ فريقا الحكم في لبنان منظومة متكاملة تقاسمت البلد على كل المستويات، وأقامت التسويات في ظل الصراع، فدمرته في حروبها وصراعاتها، ودمرته في كل لحظة توافق فيما بينها عندما كانت الغاية من هذا التوافق ما هي إلا تقاسم البلد الذي أدى إلى شبه انهيار اقتصادي-مالي، وصولا الى كل مؤسسات الدولة، وتحول البلد في ظلاله إلى ما يشبه المزرعة الخاصة.

ان الاختراق السياسي الذي أحدثه الرئيس ميقاتي لتلك المنظومة، وترجمته الانتخابات النيابية الأخيرة، ليست بالامر اليسير مع قوى متجذرة في السلطة، ومؤسساتها، وما ملكته، وسيطرت عليه بالترغيب والتنفيع والرشوة، أو الترهيب الأمني الذي بلغ ذروته في مهلة التحضير للانتخابات النيابية، أو بالدعم الخارجي من قوى دولية مختلفة.

تمتعت سياسة الرئيس ميقاتي، ومنهجيته ببعد للنظر، فقد كان يدرك مخاطر ما تتعرض له المنطقة عبر لبنان، وتوقعه أن تنعكس المخاطر بما هو أخطر على البلد، فرفع شعار "النأي بالنفس" الذي انتقده عليه أصحاب السلطة، وللغرابة أن يتبنوه لاحقا، ويجعلون منه معيارا لساستهم الحالية، والتي يخشى أن يتحول الشعار الإيجابي على يد الرئيس ميقاتي، إلى شعار سلبي يختبيء خلفه من بيدهم قرار السلطة، ويخفون خلفه ما لا يجرأون على البوح به علنا.

لقد شكلت تحربة الرئيس ميقاتي تجربة جديدة بالحكم عبر سياسة "النأي بالنفس" في ظل ما كان يجري في المنطقة، ونجح بحماية لبنان من شرارة الحرب السورية، والتي كان من الممكن لو انتقلت شرارتها إلى لبنان بفعل مغامرة بعض الاطراف المتورطة بتلك الحرب، إلى تدمير كامل للبنان، السلطة والمجتمع.

منذ بداية دخوله العمل السياسي اللبناني، رفع الرئيس ميقاتي سياسة وشعارات تتناسب مع تركيبة البلد المتنوعة، والتي لا يمكن إدارتها باتجاه واحد، ووفق رؤى سياسية واحدة، فبلد شديد التنوع كلبنان لا يمكن أن يحكم إلا بالتوافق الذي لم يطرحه بشكل واضح، ولم يتبناه بصورة علنية، ومبرمجة، إلا الرئيس ميقاتي في تبنيه لـ "الوسطية"، بينما اعتمدت مختلف القوى الأخرى، خصوصا الرئيسية منها، منطق الغاء الآخر كمنطق كان سببا أولا ورئيسيا في الحروب الأهلية التي لم تهدا فصولا، ولا تزال حرارة جمرها تحت الرماد.

ولم يخرج الرئيس ميقاتي عن انتمائه الإسلامي، فتمسك بالصيغة الإسلامية الصحيحة والبناءة، وهي الوسطية في الإسلام مع الانفتاح على الآخرين، والاعتراف بحق الجميع في الحياة والممارسة السياسية.

إن الصيغة الإسلامية المعتدلة، والوسطية التي نظر لها الرئيس ميقاتي في العديد من اللقاءات الواسعة، والمؤتمرات الفكرية التي نظمها، حمت لبنان، وشماله خاصة من الانزلاق نحو مخاطر اللاعودة.

ومع اقتراب الحرب السورية من نهايتها، واعادة تشكل المنطقة بخارطة سياسية جديدة، يفرض اسم الرئيس نجيب ميقاتي نفسه كشخصية انقاذية قادرة على ترميم الداخل اللبناني وفق تصورات جديدة، لها الأفضلية في النجاح مقارنة مع بقية الطروحات، تماما مثلما أثبتت طروحاته التي لم يتراجع مرة واحدة عنها، صحتها، بينما فشلت بقية الطروحات، لا بل جذبت الكوارث إلى البلد.

وفي الوقت الذي يتعثر فيه تشكيل الحكومة اللبنانية الجاري في سياق المنطق السابق عينه الذي دمر البلد، ليس من يمكن أن يخرج بالبلد من أزمته، ومراوحته في مكانه من التجاذب المدمر على الصورة السابقة، إلا الرئيس ميقاتي، وطروحاته البعيدة النظر المعبر عنها بالوسطية والاعتدال والنأي بالنفس، كسلة شعارات يتمم واحدها الآخر.

من هنا تأتي الحملة المبرمجة لاستهدافه من خلال فبركة ملفات فارغة بالمضمون، تتسبب بقرقعة بالشكل، دون مسوغ، او اثبات، او وجه حق، في الوقت الذي تحمل الملفات التي تفتح بوجهه كل التلفيق، والكيدية، وستظهر التطورات القريبة كم أن هذه التهم هي في الواقع أداء طبيعي وتجاري شديد الشرعية والقانونية والأخلاقية ولو ان العامة تميل لتصديق التصوير السلبي على كل من يتعاطى الشأن العام. غير ان الأيام المقبلة ستثبت، كم هو ملفق هذا الملف وفارغ، وغدا لناظره قريب.

(سمير الحسن - كاتب وباحث استراتيجي)

 

 

Advertisement
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك