كتب محمد بلوط في صحيفة "الديار" تحت عنوان "ماذا يعني أن يوقف بري محركاته؟": "ماذا يعني ان يوقف الرئيس نبيه بري محركاته في ما خص المبادرة من اجل حل قضية قبرشمون؟ وهل يعني ذلك ان الوضع وصل الى حائط مسدود؟
منذ اللحظة الاولى بعد حادثة قبرشمون اكد الرئيس بري على ثلاثية الحل: الأمن، القضاء، والسياسة، ناصحاً الجميع بأن تقترن الخطوات الأمنية والقضائية بمصالحة سياسية بين الأطراف المعنية.
وحاول رئيس المجلس بموافقة وتأييد جامع صياغة مبادرة للحل تأخذ بعين الاعتبار نزع فتيل التفجير في الجبل وتعزيز استقراره، وان يأخذ القضاء مجراه بعيداً عن التجاذبات والتدخلات، وان يصار الى عقد لقاء مصالحة في قصر بعبدا برعاية الرئيس عون.
وقصد بري القصر الجمهوري لهذه الغاية، وابلغ عون بالاقتراح المذكور، ولم يسمع منه اعتراضا على الفكرة. وقضى الاقتراح بأن تعقد المصالحة برعايته وحضور جنبلاط وباسيل وارسلان.
وتقول المعلومات ان بري اراد حضور باسيل هذه المصالحة لأن ما حصل جرى أثناء جولته في الجبل، وبالتالي فانه معنيّ بتداعيات الحادث.
ولوحظ في ذلك الوقت ان السجال تركز بين الحزب التقدمي الاشتراكي والحزب الديمقراطي اللبناني، بينما حرص التيار الوطني الحر على أن لا يكون في الواجهة دون التخلّي على مؤازرة حليفه ارسلان بقوة.
وانطلاقاً من هذه الاجواء حاول الرئيس بري السعي الى ترتيب الاجواء وترطيبها بين التقدمي والديمقراطي واستقبل بعد قطيعة امتدت من الانتخابات النيابية النائب طلال ارسلان سعياً الى مصالحة تجمعه مع جنبلاط في بعبدا.
وحاول الرئيس بري الفصل بين قضية قربشمون والتئام مجلس الوزراء، خصوصاً ان هناك حاجة ملحة لعودة اجتماعات الحكومة لأسباب اقتصادية ومالية وانمائية ايضا.
لكن محاولاته ومبادرته كانت دائما تصطدم برفض من هنا وتراجع من هناك، بحيث بات الرئيس بري مقتنعاً مؤخراً بأن فشل هذه المبادرات سببه هذه المواقف التي توحي وكأنه ليس هناك ارادة حقيقية لارساء الحل حتى الآن.
ولم يستسلم رئيس المجلس لليأس فاستمر بالسعي لايجاد ثغرة في جدار الازمة مركزاً على المصالحة بين جنبلاط وارسلان واسقاط حقوق الطرفين على ان يستمر ويتابع القضاء عمله كما حصل في قضية الشويفات.
وجاء الكلام الذي نقل عن الرئيس عون بان كمينا اعد في قبرشمون لاستهداف الوزير باسيل لينقل المسألة من مكان الى اخر، حسب ما قال بري امام النواب في لقاء الاربعاء امس، مشيراً الى انه سمع كلاماً مشابها من اللواء عباس ابراهيم ما جعله يرسل الى رئيس الجمهورية موقفا واضحاً وهو انه اوقف محركاته في خصوص المبادرة بشأن قضية قبرشمون، مذكراً في الوقت نفسه ان اقتراحه الاساسي والاول كان عقد لقاء مصالحة يجمع جنبلاط وارسلان وباسيل.
ويقول الرئيس بري كانت هناك آمال بنجاح المساعي مؤخراً لكن الرياح جرت بما لا تشتهي السفن، مؤكداً ان التواصل مستمر مع الرئيس عون ورئيس الحكومة وسائر الاطراف، وان البلاد بحاجة لجهود الجميع من اجل الخروج من الازمة.
وينقل عنه زواره ايضاً قوله "انا لا ولن اسمح بتمزيق البلد مهما حصل"، موحياً بان ايقاف محركات مبادرته لا يعني الاستسلام للواقع الراهن، ومؤكداً مرة اخرى ان الحل بالمصالحة مع متابعة القضاء عمله بشكل طبيعي.
وحول موضوع عدم التئام مجلس الوزراء لا يخفي الرئيس بري انزعاجه واستياءه الشديدين. مضيفاً "بعد في جو اتعس من هذا الجو الذي نعيشه"؟
ويجدد رئيس المجلس التأكيد على ضرورة انعقاد مجلس الوزراء اليوم قبل الغد لان هناك اموراً مهمة جداً، يجب مقاربتها اكان على الصعيد المالي والاقتصادي او على الصعد الاخرى. والمهم ان تجتمع الحكومة لتوحي بالثقة للداخل والخارج ولمؤسسات التصنيف المالي التي تعطي حوالى 40% في تقريرها لسلوك الحكومة فكيف اذا كانت غائبة؟ ويلفت الى ان اجتماع الحكومة في الفترة الاولى اسهل من الوقت الحالي بعد تصاعد التوتر واتساعه على خلفية حادث قبرشمون.
لكنه يستدرك قائلاً ان مثل هذه الاجواء المتشنجة يجب ان تحفزنا جميعاً للعمل من اجل عودة جلسات مجلس الوزراء وانتظام عمل المؤسسات لان لا بديل عن هذا المسار مهما اشتدت الازمات.
من جهة اخرى نقل النواب عن الرئيس بري ايضاً انه تلقى ويتلقى من عدد من السفراء يطلبون مواعيد ملحة، ما يؤشر الى اهتمام متزايد بمجريات الوضع في لبنان".