وأخيراً، وبسحر ساحر تمت المصالحة في قصر بعبدا، بين رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط ورئيس الحزب الديمقراطي النائب طلال ارسلان، وشكّلت الدعوة الى عقد جلسة لمجلس الوزراء قبل ظهر اليوم في القصر الجمهوري في بعبدا أولى البشائر.
كيف ولد الحل
افادت المعلومات لصحيفة "اللواء" ان المصالحة قامت على الاساس الذي عمل عليه الرئيس نبيه بري واللواء عباس ابراهيم منذ مدة، اي على اساس ان تتابع المحكمة العسكرية تحقيقاتها وتقرر بناء لذلك اي قضاء سيتابع جريمة البساتين، فيما يكون مجلس الوزراء قد استأنف اعتبارا من اليوم جلساته لمتابعة المواضيع التي توقف عندها قبل اربعين يوماً، تاريخ جريمة البساتين في 30 حزيران وتعذر انعقاد جلسة مجلس الوزراء في 2 تموز، خاصة ان اللقاء جاء عشية سفر رئيس الحكومة الى واشنطن بعد عطلة العيد التي سيمضيها مع عائلته في السعودية، كما جاء اللقاء بعد بيان السفارة الاميركية في بيروت، الذي حث الاطراف ضمنا على المعالجة السياسية والقضائية المستقلة، فيما الهاجس الاهم في كل هذه التحركات والمواقف هو انقاذ الوضع الاقتصادي والمالي للبلد، ووقف التوتير الامني والسياسي.
وعُلم انه بعد فشل مساعي الخميس التي لم تنجح، جرى تواصل بين الرئيسين ميشال عون وبري تم خلاله الاتفاق على مواصلة المسعى وتكليف بري بمتابعتها وطرح بري ان تعقد جلسة المصارحة تليها المصالحة. وجرت الاتصالات مجددا الى ان وافق جنبلاط وارسلان مقابل ضمانات او تطمينات للرجلين، يجري الاتفاق عليها في الاجتماع. بما يُطمئن جنبلاط الى عدم استهدافه، ويُطمئن ارسلان الى عدم طي ملف الجريمة ومحاسبة المرتكبين. وشارك حزب الله بالاتصالات مع ارسلان.
وفي تفاصيل الاتصالات التي أفضت إلى المصالحة، قالت المصادر لـ"الشرق الأوسط" إن بري وجنبلاط تعاونا على إقناع الحريري ليل الخميس - الجمعة، فأعطى الحريري ضمانات لجنبلاط بأنه لن يكون هناك أي طرح للملف على المجلس العدلي، ولا تصويت عليه في الحكومة، وطمأن جنبلاط حول هواجسه بأنه لا حل للقضية إلا سياسياً، وهو أمر متفق عليه بين بري والحريري، وأن المصالحة هي مدخل لتنفيس الاحتقان، وإعادة تفعيل الحكومة.
ولفتت المصادر إلى أن الحريري الذي كان له دور لافت وأساسي في التسوية، لعب دوراً في إقناع الرئيس عون بأن المدخل لحل الأزمة هو المصالحة التي اقترحها بري، وأشارت إلى أن عون كان متجاوباً مقتنعاً باستعادة كل الأمور عبر المصالحة، منعاً لأن يذهب البلد إلى المجهول، واقتنع من الحريري بذلك بعد تقييم الأمور.
وقالت المصادر إن الاتصالات امتدت إلى ما بعد منتصف الليل مع الرئيس عون، وحتى الفجر مع جنبلاط، فيما فوض "حزب الله" بري "على بياض" ببلورة الحل، على قاعدة المصالحة التي يدعمها الحريري بلا شروط. وقالت المصادر إن الحريري اتصل بوزير الدولة لشؤون النازحين صالح الغريب، ودخل "حزب الله" بثقله على خط الضغط على أرسلان لحسم الوضع، فيما كانت له بالتوازي اتصالات مع الرئيس عون.
وفي هذا السياق، أبلغ مصدر وزاري بارز ومعني بالاتصالات واللقاءات التي أجريت طوال فترة الازمة بلوغاً الى الحل الذي أبصر النور أمس، "النهار" ان عوامل عدة أدت الى ولادة هذا الحل الذي لعب الدور الاساسي فيه الرئيسان بري والحريري، ومن أبرز هذه العوامل "صمود " رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي ووضوح الحقائق وكشفها أمام الرأي العام بما حال دون التمادي في توظيف التداعيات سلباً، وكذلك تضامن حلفاء جنبلاط معه، ومن ثم تنامي الضغط العربي والدولي لمنع تفاقم الازمة بما فيها ضغوط غير معلنة والضغط الهائل الذي شكله الهم الاقتصادي والمالي. كما قال إن وصول المحاولات لاحالة ملف قبرشمون على المجلس العدلي الى طريق مسدود كان له دور مؤثر في التعجيل في الحل وان "حزب الله" كان المؤثر الاساسي على ارسلان لحمله على قبول هذا الحل.
وأفادت مصادر مطلعة على اللقاء الذي استمر ساعتين " إنها كانت جلسة مصارحة ومصالحة والكل تكلم بمسؤولية وحرية عن كل المعطيات المرتبطة بحادث قبرشمون".
وقالت مصادر مطلعة لـ"اللواء" ان اجتماع "المصارحة والمصالحة" كما اتفق على وصفه في قصر بعبدا اتسم بالمسؤولية والحرية، فكانت المصافحة والمصارحة ثم المصالحة، لكن الرجلين لم يتبادلا القبلات، واقتصر لقاؤهما على المصافحة لدى مشاركتهما في الاجتماع الخماسي، مع العلم انهما قبيل انعقاد اللقاء انتظرا كل منهما في قاعة جانبية، وشوهد أرسلان يحمل معه مغلفاً أصفر اللون.
ونفت المصادر ان يكون الاجتماع قد تناول أي إسقاط للحق الشخصي.