اذا كانت عطلة نهاية الأسبوع حافلة باللقاءات والمصالحات فان الأسبوع الطالع هو أسبوع الاجتماعات وتداعيات هذه اللقاءات على الساحة الداخلية. فمن عين التينة الى اللقلوق مروراً بإلغاء زيارة رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع الى الجبل وما رافقها من علامات استفهام سيكون لها الأثر على الأحداث المنتظرة في بحر الأسبوع.
أسبوع حافل
اذاً تنشط هذا الاسبوع حركة الاجتماعات السياسية والمالية، فالى الاجتماع المقرر اليوم، يعقد مجلس الوزراء جلستين الاولى للموازنة والثانية لجدول أعمال عادي أبرز بنوده انجاز بعض التعيينات القضائية والادارية التي تم الاتفاق عليها مبدئيا.
وفي هذا الاطار، لفتت صحيفة "اللواء" الى ان ايَّا من المصادر الوزارية لم يُؤكّد المعلومات التي تحدثت عن عقد جلسة لمجلس الوزراء اليوم الاثنين أو بعد غد الأربعاء (بسبب العطلة الرسمية غداً) للبدء بدراسة أولوية لمشروع موازنة العام 2020، وان كانت أكدت عقد جلسة الخميس المقبل لإقرار التعيينات في المراكز القضائية الشاغرة.
وبحسب مصدر وزاري مطلع فإن حديث جلسة الاثنين كانت مجرّد فكرة جرى تداولها، والظاهر ان الأهم بالنسبة للرئيس الحريري، هو جلسات العمل التي سيعقدها، ويأتي في طليعتها الاجتماع المالي المنتظر اليوم في السراي الحكومي للاتفاق على الخطوات التنفيذية لاطلاق اكتتاب باليوروبوند ضمن مهلة لا تتعدّى الشهر المقبل.
وفي هذا الاطار، لفتت صحيفة "الشرق الأوسط" الى ان اجتماع الرئيس الحريري مع القوى السياسية المشاركة في الحكومة، هو "لتوحيد الرؤية حول مشروع الموازنة قبل أن يباشر مجلس الوزراء بدراسته في جلسات سيعقدها لاحقاً"، مشيرة الى أن "الغاية من لقاء اليوم تكمن في قطع الطريق على كل ما من شأنه أن يؤخر إقرار الموازنة في موعدها الدستوري، وهذا يستدعي من المشاركين فيه الترفع عن الدخول في مهاترات يراد منها إقحام الموازنة في لعبة المزايدات الشعبوية"، معتبرة نقلاً عن مصدر وزاري ان "هذا اللقاء يجب أن ينتهي إلى تعبيد الطريق أمام الموازنة لتأمين عبورها الممر الدستوري بدلاً من إغراقها في سجالات عقيمة"، محذراً من أن "عدم التوافق على قواسم مشتركة يعني أن إقرار مشروع الموازنة سيُترك لمواجهة القضاء والقدر".
الى ذلك، يعقد اجتماع في وزارة الدفاع للبحث في الآليات الواجب اعتمادها من اجل ضبط الحدود والمعابر غير الشرعية التي يتم من خلالها التهريب، بعد الأخذ والردّ عقب كلام رئيس الحكومة الحريري الجمعة عن وجود نحو 150 معبراً للتهريب، على عكس ما كان صرح به وزير الدفاع الياس بوصعب حاصراً العدد بعشرة أو ما يزيد قليلاً.
وفي تقدير مصادر مطلعة، ان عناوين الأسبوع الطالع لا تختلف عن الموضوعات التي شغلت الاهتمام الرسمي والسياسي في الأسبوع الماضي، سواء على صعيد المعالجات الجارية للأزمة المالية التي يواجهها البلد، أو متابعة الاستحقاقات المصيرية بما يتعلق بترسيم الحدود البحرية والبرية، لكن الأهم من كل ذلك سياسياً هو استثمار المصالحات التي انتهى إليها الأسبوع الماضي، سواء بين "حزب الله" و"الحزب التقدمي الاشتراكي"، أو بين هذا الأخير و"التيار الوطني الحر"، بحيث يصل لبنان، ومع القيادات السياسية إلى مرحلة صفر مشاكل، على حدّ تعبير الوزير وائل أبو فاعور، فتفتح أبواب الحوار السياسي والاقتصادي بين الفرقاء بما يؤسّس لمرحلة جديدة بالكامل من الوئام والسلام، تكاد تكون أشبه بالحلم الذي سرعان ما يندثر عند طلوع الصباح.
مصالحات بالجملة
وكان لافتاً لقاءات المصالحة التي عقدت في عين التنية واللقلوق، وبحسب مصادر "اللواء"، فإن لقاء رئيس "التيار الوطني الحر" الوزير جبران باسيل ورئيس كتلة "اللقاء الديمقراطي" النائب تيمور جنبلاط يوم الجمعة الماضي في اللقلوق، بدعوة من باسيل، وبعده اللقاء القيادي يوم السبت بين "حزب الله" و"الحزب التقدمي الاشتراكي" في عين التينة برعاية وحضور الرئيس نبيه برّي حمل مؤشرات مهمة سياسية وحكومية على تفاهمات بين قوى سياسية وأساسية مؤثرة في صنع القرار وتنفيذه على كل المستويات، من شأنها اراحة الحكم والحكومة والرئيسين ميشال عون وسعد الحريري، ما لم تحصل مناكفات من أطراف أخرى متضررة، أو معترضة على طريقة مقاربة الملفات بدأت تظهر مؤشراتها، في إلغاء زيارة رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع التي كانت مقررة للشوف يوم السبت، رغم نفي "القوات" لهذا الاحتمال، وتأكيد جعجع ان السبب ليس سياسياً وليس أمنياً، وان كان تحفظ عن ذكر السبب، مؤكداً ان الزيارة ارجئت ولم تلغَ، وانها ستتم حتماً في وقت لاحق، وانه كان سيلتقي زعيم الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط في المختارة.
وبحسب المعلومات فإن لقاء اللقوق، والذي لم يعلن الا بعد أن كشف النقاب عنه عضو تكتل "لبنان القوي" النائب سيزار أبي خليل، أسفر عن تجاوز أزمة جريمة قبرشمون - البساتين قبل ثلاثة أشهر، بالتوافق على وضعها بيد القضاء وعدم التدخل السياسي في مساره، علماً ان المحكمة العسكرية ستعاود اليوم استجواب الموقوفين في الحادثة التي ذهب ضحيتها اثنان من مرافقي الوزير صالح الغريب.
شينكر في بيروت
الاّ أن زيارة مساعد وزير الخارجية الأميركي المكلف ملف ترسيم الحدود ديفيد شنكر، الأولى لبيروت، ستخطف الأنظار هذا الأسبوع، خصوصاً وانه سيستكمل مهمة سلفه ديفيد ساترفيلد لناحية ترسيم الحدود البرية والبحرية بين لبنان واسرائيل. وسيشدد على ضرورة تثبيت قواعد القرار 1701 في أرض الجنوب أولا، كشرط أساس لتتمكن الوساطة الاميركية من التقدم. وسيسبقه عشية وصوله الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله الذي سيلقي كلمة سياسية في التاسعة مساء اليوم.
وفي هذا السياق، علمت "اللواء" من مصادر دبلوماسية رفيعة المستوى، ان شنكر سيصل الى بيروت مساء اليوم، وهو سيلتقي الرئيس نبيه بري كونه المعني الاول والمكلف رسميا بالتفاوض حول هذ الموضوع، ومن دون استبعاد احتمال اجتماعه بالرئيس ميشال عون، على ان يعقد لقاءً غداً مع رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل.
وقالت المصادر: ان النقطتين العالقتين بين لبنان والكيان الاسرائيلي ليستا مستحيلتي الحل، وتتعلقان برعاية المفاوضات ووقف الانشاءات والاعمال العسكرية للعدو الاسرائيلي عند الحدود، حيث ان الرئيس بري يريد رعاية كاملة من الامم المتحدة في حضور الاميركي، على أعلى المستويات براَ وبحرأ، بينما تريد اسرائيل للترسيم البري رعاية الامم المتحدة وللترسيم البحري رعاية اميركية، ويمكن ايجاد حل للخلاف بموافقة الكيان الاسرائيلي اذا اصر لبنان على موقفه، خشية توقف المفاوضات، ذلك ان اسرائيل واميركا كما لبنان يريدون الانتهاء من تحديد الحدود البحرية للبدء باستثمار النفط والغاز من البحر.