حتفلت القوات اللبنانية في كندا وأميركا الشمالية، برعاية وحضور رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع والنائب ستريدا جعجع، بالقداس السنوي لراحة أنفس شهداء المقاومة اللبنانية.
ترأس الذبيحة الإلهية راعي أبرشية كندا المارونية المطران بول ـ مروان تابت وعاونه الأب شربل جعجع والأب إيلي ديراني. بعد الرسالة التي قرأها الأمين المساعد لشؤون الانتشار مارون سويدي وبعد تلاوة الإنجيل المقدس، قال المطران تابت في عظته: :حضرة رئيس حزب القوات اللبنانية د. سمير جعجع والسيدة عقيلته النائب ستريدا جعجع، نرحب بكم أحرّ الترحيب في أبرشية مار مارون في كندا، أنتم وصحبكم الكريم من نواب ومنسقين وكوادر وقيمين على شؤون حزبكم ومناصريكم في كندا والولايات المتحدة. نتشارك اليوم في قداسنا هذا الذي نقدمه معكم لراحة نفوس شهداء القوات اللبنانية، ونرفع الدعاء لكم بالتوفيق والنجاح في مداولاتكم حول تفعيل الأداء الحركي وان تكونوا قد خَلُصتم في مؤتمركم في كندا الى توصيات فيها النفع العميم للقضية اللبنانية وتعزيز الألفة والوئام في العائلة المسيحية وفي الوطن".
وأضاف: "نصلّي أيضاً سويةً لتُرفع الغَمّة عن لبنان وتزول الظلامة من فوقه وتهدأ النفوس وتنعم براحة البال وتتعزز الثقة بالحال والمآل ويستقيم ميزان العدل فيه. كما نصلّي لتبقى الحرية مدماك كيانه وعلة وجوده وفرادة هويته. وندعو لك د. سمير وللسيدة ستريدا أن تظللكما العناية الإلهية وتسدد خطاكما لمتابعة تعميق المصالحات والمسامحة والغفران. وليكُن لك كما دائماً الجرأة في الثبات على الحق والعقل الراجح في المسالمة والإرادة الواعية في البناء والمشاركة الفعالة في متابعة ترسيخ الدولة والمساهمة في الحفاظ على الجمهورية القوية، وليبقى قلبك كما عهدناك مفعماً بالإيمان المسيحي العميق عضاضة رجاء أجدادنا وصمودهم في المحن والتجارب عبر العصور".
وأردف: "أحبائي، في هذا الأحد الرابع من زمن الصليب، المعروف بزمن النهايات، يدعونا بولس الرسول الى أن نشجّع بعضنا البعض وان نكون ابناء النهار لا أبناء الظلمة والليل. وفي الإنجيل يعطي يسوع مثل العبد الذي خالف مشيئة سيده فكان له العقاب المستحق. كان السؤال واضحاً: مَن هو العبد الأمين الحكيم الذي أقامه سيده على أهل بيته؟ الوكيل الأمين هو كل مسؤول. في العائلة، الموكِّل هو الله والوكلاء هم الأزواج. في الكنيسة، الموكّل هو المسيح والوكلاء هم الرؤساء الكنسيون. في الدولة، الموكِّل هو الشعب والوكلاء هم ممثلوه في الندوة البرلمانية والسلطة. وعلى الوكيل أن يتحلّى بميزتين: الأمان وهي صفة الوكيل المُحب، الذي عليه أن يفيد وهو يخدم بأمانة. الأمانة خلال الوقت المُعطى له في هذه الدنيا. والحكمة هي فضيلة تتصف بفطنة التصرّف، وهي من مواهب الروح القدس وتعني النظر الى الأمور والتعاطي معها من منظار الله وعلى ضوء تعاليمه".
وأشار تابت الى ان "المثل يُحذّر من التجاوزات في ممارسة السلطة، ومنها عقدة استصغار الآخرين والزملاء ورفض الحوار. يقول مار بطرس موجّهاً في هذا الإطار: احرسوا قطيع الله لا رغبة في مكسب خسيس بل لما فيكم من الحمية. لا تتسلطوا بل كونوا قدوة للقطيع. والمسيح أيضاً له تعليم في هذا الموضوع نقرأه في إنجيل مرقس، فيقول: تعلمون أن الذين يُعدّون رؤساء الأمم يسودونها ويتسلّطون عليها. فلا يكن هذا فيكم، بل من أراد أن يكون كبيراً فيكم فليكن لكم خادماً. ومن أراد أن يكون الأول فيكم، فليكن لكم خادماً".
وتابع: "فإذا كان هؤلاء الوكلاء لا يدرون ان الثابت الوحيد هو انه هناك آخرة يتصرفون وكأنهم مغفلون. ان المسيح سيأتي ليدين وعلينا أن نعلم أن غياب الله، ليس في الواقع إلا تغييباً له مرتكزاً على ادعاء الانسان أنه بعلمه وسيطرته على الطاقات الكونية يستطيع أن يستغني عن الخالق والمخلّص: فبعلمه يُكوّن الكون وبعلمه يُخلّص الانسان! فيُنصّب نفسه محوراً كونياً إذ يُصبح الله في نظره باطلاً. ولكن فلننظر! أي تكوين هو ذلك الذي يبنيه هذا الوكيل على حساب كرامة الانسان اليوم؟ أي خلاص هو ذلك الذي يفرضه بالحديد والنار؟".
وختم المطران تابت: "مع تضحيات شهداء القوات اللبنانية وكل الشهداء الذين ماتوا ليبقى لبنان، ندعو من كندا كل المسؤولين السياسيين في لبنان الى تثمين شهادتهم بأن يعملوا معاً من أجل الحفاظ عليه. ونصلّي اليوم من أجل صحوة جماعية، سياسيين وروحيين ومدنيين، لنحافظ على بلد الأرز وأهله من كل الأطياف ومنتشريه فيبقى صورة نضرة ومثالاً يُحتذى في غيرة مسؤوليه عليه ومحبة ابنائه له. فيبقى للشهادة وللشهداء المعنى الأسمى على ما ورد في الإنجيل: من أُعطي كثيراً يُطلب منه الكثير، ومن استودع كثيراً، يُطلب منه أكثر ممّا في يده".
وخدمت القداس جوقة مار مارون بقيادة الأب مارسيل عقيقي. وفي ختام الذبيحة الإلهية، دعا المطران تابت جعجع وزوجته الى المذبح بحيث قدم لهما هديةً من الرعية والأبرشية هي عبارة عن صليب مصنوع من خشب الزيتون في الأراضي المقدسة.