تصفّح بدون إعلانات واقرأ المقالات الحصرية
|
Advertisement

فنون ومشاهير

"غرام وإنتقام" لجو قديح: ما الأخطر... الجنس أو الحب؟

Lebanon 24
26-02-2016 | 00:48
A-
A+
Doc-P-120383-6367053622576986911280x960.jpg
Doc-P-120383-6367053622576986911280x960.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
لا ينبغي أن تكون متخصّصاً في الأدب الفرنسي أو خرّيج إحدى جامعات باريس المرموقة لتستمتع حتى الذروة بمسرحية «غرام وانتقام» لجو قديح التي انطلقت أمس الأوّل على مسرح "الجميّزة" مع كوكبة من المسرحيين اللبنانيين الذي قدّموا أداءً مذهلاً لواحدة من روائع الأدب الفرنسي والعالمي "Les Liaisons Dangeureuses" للكاتب Pierre Choderlos de Laclos. في تمام الساعة الثامنة والنصف من مساء الأربعاء، فتح مسرح «الجميّزة» أبوابه لمجموعة من الوجوه الفنية والإعلامية التي توافدت لتحجز مقاعدها في العرض الأوّل لمسرحيّة "غرام وانتقام" التي يكسر جو قديح من خلالها قاعدة الـ One-Man- Show التي حكمت مسرحه في السنوات الأخيرة. مع برناديت حديب، برونو طبّال، باتريسيا سمَيرة، سولانج تراك، والحضور التكريمي للممثلة القديرة رينيه الديك، تراقصت أمام ناظري الجمهور خيالات شخصيّات تتمزّق بين الرغبة والسلطة والانكسار لتخيط بشكلٍ مسرحي تصاعدي شبكة معقّدة من العلاقات الخطرة بين رجال ونساء يتناوبون على تقديم ثنائية السلطة والانصياع. مازن كيوان أهدى العمل واحداً من أجمل مقوّماته وهو البعد البصري الراقص في مشهدية آسرة قد تكون اختزلت سطوراً عديدة من النصّ الأصلي ومعاني عميقة في بنيته الأساسية. مع التانغو، ذاق المشاهد طعم الرغبة المتراقصة بين أجساد الممثلين وعلى إيقاعات موسيقية مضبوطة سافرت المشاعر إلى صور ومدن وحكايات قديمة. قد يكون جو قديح حظي بأفضل طاقم عمل ممكن من ممثلين تمكنوا من نقل كلّ الانفعالات المعقدة سواءٌ من خلال نبرة الصوت أو الحركة على المسرح أو بالأجساد الرشيقة المتمايلة التي رسمت لوحات مشبّعة بالرغبة والخوف واللذّة. في هذا الإطار برزت برناديت حديب بأداء "أفعواني" خطر الانسيابية. بدت في دورها الأنثوي المغمّس بالسلطة والنفوذ كمَن تلبس جلد أفعى يمكّنها من اختراق الأفكار والأجساد بسلاسة مريبة. ولا شك أنها في لحظات الذروة المسرحية تمكّنت من انتزاع قلوب المشاهدين من صدورهم وهي العبارة التي تستخدمها في العمل في إشارة إلى سطوتها الدموية على مَن حولها من رجال ونساء. هكذا تدور في فلكها مجموعة من العلاقات المغناطيسية المتجاذبة والمتنافرة ما يعزّز البنية السردية للنص ويحكم حبكته في تسلسل تشويقي للأحداث تمهيداً للسؤال الأخير: يا ترى ما الأخطر، الجنس أو الحب؟ هذا السؤال الذي يطرحه نصّ لاكلو الأساسي قد يجد إجابته الخاصة في نهاية العمل المسرحي؟ ولا تقلّ أدوار برونو طبّال وسولانج تراك وباتريسيا سمَيرة حضوراً ورونقاً على الخشبة. أما جو قديح مخرج العمل ولاعب أحد الأدوار الأساسية فيه، فقد تولّى بالإشتراك مع ماري كريستين طيّاح اقتباس النص إلى العربية مع تطعميه بجمل بلغته الفرنسية الأصلية. لا يكتفي قديح بلبننة النصّ في عملية ترجمة مباشرة وواضحة وإنما يخلط فيه الحقبات الزمنية مستعملاً مثلاً على الرغم من الأزياء والأحداث التي تعود إلى القرن الثامن عشر مصطلحات ترتبط بالهاتف الخليوي المستعمل في زمننا هذا، خالطاً بذلك الخطوط الزمنية بطريقة عبثية ساخرة ومخاطباً بلهجة لا تخلو من التهكم من الزمن الحالي مع كلّ ما يحمله العمل من إسقطات تجوز على الواقع الإنساني العام أو الاجتماعي الضيق في لبنان اليوم على ما يلمح في إحدى الجمل حيث يغمز إلى "نساء لم يصلن بفضل ذكائهن وحسب إلى مكانة عالية"... ورغم أنّ العمل ينطلق في بدايته بوتيرة بطيئة نسبياً إلّا أنه سرعان ما يخطف المشاهد إلى إيقاعه وعوالمه الخاصة، حيث الحب يوازي الجنس خطورةً، وحيث تختلط معالم العاطفة بالشهوة وحب السيطرة، لتعيد رسم الحدود السيكولوجية التي تؤطر علاقة الرجل بالمرأة وفقاً لمعادلات جديدة وغالباً مطمورة تحت طبقات من النكران أو اللاوعي الفردي والجماعي. يؤكّد قديح من خلال مسرحيته الجديدة على وجود هذا النوع من المسرح «الفرنكو-لبناني» الذي استطاع أن يقدّم واحدةً من أجرأ المعادلات الفكرية وأخطر العلاقات الجنسية-العاطفية ضمن إطار محترف يحترم المشاهد ويقدّم جرعات عالية من الفنون المختلفة التي تجتمع على خشبة واحدة. ورغم أنّ قديح قد يكون اختار الاحتفاظ بأسماء الشخصيّات كما هي في العمل الأساس تكريماً للنصّ الأدبي الأصلي، إلّا أنّ اختياره أسماءَ عربية أقرب إلى المجتمع اللبناني كان قلّص المسافة أكثر بين المشاهد والخشبة، وساهم في ردم البعد الزمني والجغرافي بين النصّ الأصلي ومشاهدي "غرام وانتقام" المستمرّة لغاية 27 آذار المقبل على «مسرح الجميّزة»، لتفرض نفسها واحدةً من الأعمال المسرحية البارزة التي تستحق دون شك المشاهدة. (الجمهورية)
Advertisement
مواضيع ذات صلة
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك