تصفّح بدون إعلانات واقرأ المقالات الحصرية
|
Advertisement

لبنان

أرقام لا تبشّر بالخير.. هذا ما يتنفسه اللبنانيون يوميا

جاد حكيم - Jad Hakim

|
Lebanon 24
20-12-2025 | 14:39
A-
A+
Doc-P-1457931-639018637311121556.png
Doc-P-1457931-639018637311121556.png photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
في أحدث ترتيب عالمي لمؤشر التلوّث على قاعدة بيانات Numbeo لعام 2025 في منتصف السنة، ظهر لبنان في المرتبة الثالثة عالمياً بنتيجة 89.6 نقطة، خلف الكاميرون 91.9 وميانمار 89.8.

هذه النتيجة تضع لبنان في قلب قائمة الدول الأكثر تضرراً وفق هذا المقياس، لا باعتباره ملفاً بيئياً معزولاً، بل كصورة يومية يختبرها الناس في الهواء والمياه والنفايات والضجيج والازدحام. المؤشر نفسه يعتمد على تقييمات المستخدمين ويقدّم مزيجاً من عناصر تلوّث مرتبطة بجودة الحياة، ما يجعله حساساً لما يلمسه المواطن مباشرة أكثر مما يعكس قياساً مخبرياً واحداً.

وعندما ندخل إلى تفاصيل لبنان على المنصة نفسها، تتضح "التركيبة" التي ترفع الرقم إلى هذا السقف المرتفع. تظهر مؤشرات عالية مرتبطة بتلوّث الهواء 77.49 وتلوّث مياه الشرب أو صعوبة الوصول إليها 71.29 وعدم الرضا عن إدارة النفايات 85.20. وفي بيروت تحديداً، ترتفع المؤشرات أكثر في بعض البنود مثل تلوّث الهواء 82.86 وتلوّث مياه الشرب أو صعوبة الوصول إليها 73.82.

اللافت أيضاً أن لبنان لا يتصدر عالمياً فقط، بل يتصدر غرب آسيا وفق تصنيف Numbeo نفسه، إذ يأتي أولاً إقليمياً بالنتيجة عينها 89.6، بينما يأتي الأردن ثانياً 77.1 ثم سوريا 75.1. هذه المقارنة الإقليمية مهمة لأنها تنزع عن الملف أي تبرير مناخي أو جغرافي، وتعيده إلى نموذج إدارة خدمات وبنى وبلديات ونفايات ومياه وشبكات نقل.

بعد لبنان مباشرة في القائمة العالمية، تبرز دول كبيرة الكثافة السكانية ومناطق تمدد حضري سريع مثل نيجيريا التي تأتي رابعة بنتيجة 87.9، ما يعكس أن لبنان يقع ضمن كتلة الدول الأكثر تدهوراً على هذا المؤشر حتى بالمقارنة مع بلدان تواجه تحديات حضرية ضخمة. وفي المقابل تظهر دول أوروبية شمالية بنتائج متدنية جداً على مؤشرات Numbeo الإقليمية مثل فنلندا 11.7 وآيسلندا 16.7 وإستونيا 16.9 في منتصف 2025، ما يوضح حجم الفارق بين نموذجين مختلفين للحوكمة والخدمات.

ولأن Numbeo قائم على الإدراك العام، تزداد الصورة وضوحاً حين تُقارن بنتائج مؤشرات أكثر "منهجية" في القياس. على مؤشر الأداء البيئي EPI لعام 2024 الصادر عن Yale، يأتي لبنان في المرتبة 126 من 180 بنتيجة 39.9، وفي محور جودة الهواء تحديداً في المرتبة 89 بنتيجة 40.0، بينما ينخفض ترتيب التعرض للجسيمات الدقيقة PM2.5 الناتجة عن النشاط البشري إلى المرتبة 121 بنتيجة 27.4.

أما على مستوى القراءة المباشرة للهواء، فتُظهر صفحة IQAir الخاصة ببيروت في 15 كانون الأول 2025 قيمة PM2.5 عند 14.5 ميكروغرام لكل متر مكعب، أي أعلى بنحو 2.9 مرة من إرشاد منظمة الصحة العالمية السنوي. هذه الأرقام لا تكفي وحدها لكتابة "حكم نهائي" على بلد بأكمله، لكنها تؤكّد، ان لبنان ليس فقط في صدارة مؤشرات الانطباع العام، بل يملك أيضاً إشارات قياس تدعم أن ملف الهواء جزء فعلي من المشكلة.

الخلاصة أن ترتيب لبنان ثالثاً عالمياً لا يجب أن يُقرأ كمنافسة على "الأسوأ"، بل كتنبيه رقمي شديد الوضوح إلى أن التلوّث بات ملفاً سيادياً وصحياً في آن واحد. وبينما تختلف منهجيات القياس من منصة إلى أخرى، يبقى الثابت أن لبنان حاضر على جداول المقارنة الدولية في خانة متقدمة جداً، وأن الدول التي تليه أو تسبقه ليست "تفصيلاً" بل مرآة لما يعنيه غياب الإدارة البيئية المستقرة عندما يتحول إلى حياة يومية.
Advertisement
المصدر: خاص لبنان24
مواضيع ذات صلة
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك

جاد حكيم - Jad Hakim