فارس كرم: أنا مستمـر باللون الشعبي

من حضن ضيعته جزين كان قلبه ينبض بالأحلام التي لم يكن يجد لها متنفساً آنذاك، لكن حدسه كان أقوى من أي عراقيل، وكان يعلم أن سلاحه الذي سيوصله يوماً إلى تحقيق حلمه الأكبر في الشهرة هو صوته وشخصيته المميزة وذكاؤه. في طفولته كان صوته يصدح في أرجاء البيت، وكان أهالي جزين والجميع ينتظرون أن "يطلع من هالصبي شي". عندما تغفو عيناه كان يرى نفسه يقود السيارات الفخمة وإلى جانبه جميلة الجميلات. وكان له ما تمنى وأكثر... وفي اللحظة التي ابتسمت له فيها الحياة أثبت أنه صاحب موهبة حقيقية ميزته طوال 15 عاماً. كًثر حاولوا تقليده لكنهم احترقوا بلونه الشعبي وهو استمر. بدايات فارس كرم بحسب تعبيره كانت "بهدلة"، لأن كثرا راهنوا على فشله. حلمه في الفن كان كبيراً، ويستغرب من يقول "يلعن أبو الفن" لأن الشهرة ومحبة الناس نعمة. ويتابع: "سرّ نجاحي هو عفويتي ما بقدر إتشاوف على الناس أو كذّب وبعدم مسايرتي أنا الربحان بالنهاية". ينتمي إلى مدرسة السهل الممتنع التي تعتبر الأصعب. ويعترف بأن فنانين كثرا ربما يملكون صوتا أفضل من صوته لم يصلوا إلى قلوب الناس، في وقت يهزّ هو عروش كبار الفنانين. لا يعتبر نفسه أسير اللون الشعبي، بل مميز في هذا اللون الذي حرق البعض عندما اقتربوا منه. يرفض فكرة أنه لم ينجح في غناء الكلاسيكي، ويرى أن الناس أحبّت معظم أعماله الرومانسية، لكنه يؤمن بأن على الفنان أن يخلق هوية خاصة به، وقد قرر أن يستمر باللون الشعبي الذي أوصله إلى قلوب الناس... "الغنية الحلوة بتعيش". اعترف كرم بأنه لو جرى تقييم أعماله فنياً لاختلفت المعادلة، لكن على الأرض هو من الأقوى لأنه يقدم الفن الشعبي الذي تريده السوق والناس، وأكبر دليل نجاح حفلاته في كل العواصم "أنا مش فارس كرم دار الأوبرا أنا فارس كرم الناس البسطاء علماً إني غنيت على ألبرت هول وسبورتينغ كلوب ودار الأوبرا"... بعد غياب عاد بأغنية "عالطيب" التي تحقق نجاحاً كبيراً، وقد أكد أن أعماله لا بد أن تحدث صدمة. "لما نزلت "التنورة" قامت الدني وما عرفت تقعد وبعدا "نسونجي" وأرجيلة"... كرم سينضم إلى سياسة "روتانا" التي تعتمدها أخيراً في إصدار "ميني ألبوم" حرصاً منها على أن تأخذ كل أغنية حقها في التسويق والتصوير. وقد نفى كل ما قيل عن خلافه مع "روتانا" مؤكداً أن الشركة لم تُخطئ معه يوماً. وقريباً يصور "عالطيب" مع المخرج جو بوعيد. بالنسبة الى خوضه تجربة برامج اكتشاف المواهب من خلال برنامج "صوت الجيل الجديد" عبر شاشة دبي إلى جانب أسماء المنور وفايز السعيد، تحدث كرم بمنتهى الصراحة فرأى أن الفنان الذي لا ينتمي إلى لجان التحكيم اليوم يظن البعض أنه ليس موجوداً، لذلك قرر خوض التجربة، علماً أنه ليس العرض الأول. وهل تتحمل الساحة المزيد من الأصوات؟ برأيه، هي فرصة ذهبية للمشترك لطالما كانوا يحلمون بمثلها في بداياتهم "أنا هلكت لأعمل إسمي هني بـ 24 ساعة بصيرو نجوم". وهل كل الفنانين يستحقون لقب الحكم؟ أجاب: "بصراحة لا. لكن، ومن الآخر، نحن لسنا في عصر الصوت منّي وجرّ... الصوت شي والنجومية شي تاني". فارس كرم يخاف تلك اللحظة التي لن يعود فيها نجماً، لذلك يعيش قلقاً كبيراً ويدقق في اختياراته وإصداراته، ويعلم أنه ترك أثرا في مكان ما، وهذا ما أثبتته أعماله منذ البدايات، ولا يزال الجمهور يرددها ويطلبها في الحفلات "بس أنا إنسان واقعي وبعرف الناس بتنسى... يا شيخة العظيم وديع الصافي ونسيو". هو لا يؤمن بالصداقة في الفن بل مجرد سلام وكلام. لم يهنئه أحد على عمله الجديد، وبدوره توقف عن تهنئة معظمهم "حبيبتي، بالحياة أنجأ تلاقي صديق رح تلاقي بالفن؟". كرم أثنى على بعض الأسماء، واعتبر أغنية وائل كفوري "يا ضلّي يا روحي" آخر عمل جميل سمعه. إضافة إلى أغنية يارا "قالو حب" وقد وجه تحية إلى الفنان معين شريف واصفاً إياه بإبن البيت النظيف. على مواقع التواصل الإجتماعي أكد أن كثرا يعيشون كذبة من خلال شراء المتابعين والمعجبين... أما هو فلا يزال خارج تلك الموجة. يعترف فارس كرم بأن الشهرة أسكرته في وقت من الأوقات، لكنه اكتشف في النهاية أن لكل شيء نهاية "وعيت على حالي قبل ما إنتهي وغيّرت كل حساباتي بوجود أهلي حدّي". يعترف بأن الفن مجد باطل، وينتظر تلك اللحظة التي يعود فيها شغفه بالفن كما في السابق. لو عاد الزمن إلى الوراء لاختار الغناء من جديد. أسف لأن الفن سرقه من الزواج وملّ كلمة نسونجي التي ترافقه، ويأمل أن يستقر يوماً وقد يفعلها كرمى لعيون الوالدين. فارس كرم اعترف أنه يعيش اليوم بسلام ويصلي يومياً لأنه لم يجد الإستقرار إلا في الصلاة "لما بلشت صلّي صرت قوي وضحكتلي الدني". (نسرين الظواهرة – النهار)