يصطحبك بقطار فلسفته الخاصة لعوالم شخصياته التي يؤديها، "يونس جبران" ليس أديباً عادياً ولا شخصية حفظ دورها ليرويها للمشاهد، بل شخصية غاص في تفاصيلها وأحلامها ووصلت به إلى حّد التقمص، لكن من دون تأثير تشوهاتها عليه. يطرق الممثل السوري باسل خيّاط أبواب المغامرة دون التمسك بنجاح مضمون، وهو ما يجمعه بالمخرج رامي حنا صديق الدرب والنجاحات، يعترف أنه سمع مراراً بأنه متهمٌ بالغرور لكنه يؤكد لـ"لبنان 24" بأنه "ثقته بنفسه ملازمة لشخصيته منذ الصغر".
يلعب الممثل السوري باسل خياط شخصية كاتب مشهور يحمل اسم "يونس جبران" في مسلسل "الكاتب" (إنتاج ايغل فيلمز، كتابة ريم حنا وإخراج رامي حنا). وهو المسلسل الذي أثار تعليقات تنوعت بين سلبية وايجابية، وهو ما يعتبره خياط، ظاهرة صحية، لأن السكون أو الثبات في المكان الواحد سواء أكان نجاحاً أو فشلاً هو غير مفيد وبالتالي عندما يُثير العمل جدلاً فذلك يعني أن هناك حركة، والحركة تفسح المجال للتطور. ويضيف: "فلنحدث جدلاً لكسر الجمود الذي تعاني منه الدراما العربية".
ويتحدث بطل مسلسل "الرحلة" عن المشاهد العربي، معتبراً "أن الجمهور العربي يتمتع بذكاء وثقافة فنية لا ترتبط بالثقافة الأكاديمية، وبالتالي علينا نحن الممثلين وصنّاع الدراما أن نتحمل مسؤولية تقديم أعمال تخاطب عقل الجمهور وأن نرفع من مستوى ما نقدمه للذوق العام، والأمر لا يتعلق بالنخبة لأن هناك عمل نخبوي وعمل يخاطب الناس ويحاول أن يرتقي بالذوق العام".
يعرّف خيّاط "يونس جبران" بأنه "شخص يمتلك وجهة نظر واضحة وصريحة، يدخل التجربة ويترك نفسه تنساق إلى ما يمكن أن تنتجه". ويضيف: "يونس جبران يمتلك "الايغو" المرضي وثقته بنفسه شبه عمياء، كما أنه متلون حسب الموقف والحدث، شخص ذكي جداً وكاتب رواية بوليسية وأدبية".
يغوص باسل خياط في تعريفه للشخصية التي أثارت جدلاً واسعاً ويقول: "يونس جبران يكتب رواية أدبية، أما "سيد حلمي" الذي يؤدي دوره الممثل مجدي مشموشي فكتب رواية بوليسية، يعتبر "يونس" أن مستوى الرواية البوليسية أقل شأناً من الرواية الأدبية التي يضع اسمه عليها، وبالتالي قام بابتكار خلطة أدبية بوليسية لتقديم رواية "حارس القمر" التي كتب تفاصيلها البوليسية "سيد حلمي" وقدمها "جبران" بأسلوبه". ويتابع: "يونس شخصية تدعو للتساؤل والمتابعة إذ انه يتعامل مع الأحداث الصعبة بأسلوب سوريالي، كما أنه يعيش ضمن عوالمه الشخصية لدرجة انه يستطيع أن يدخل ضمن عوالم الشخصيات التي يكتبها، وبالنسبة إليه الحقيقة تكمن داخل الكتاب ومنبعها خارجه".
عن مدى تأثير هذه الشخصية على باسل خياط، يقول لـ"لبنان 24": "يونس جبران أثّر بي، ولكنني لا أترك تشوهات الشخصية تؤثر عليّ بل يقتصر الأمر أنني أرافقها كل يوم، وأعيشها كل يوم وأتحدث بلسانها كل يوم".
يُعتبر مسلسل "الكاتب" مغامرة إذ ان المجتمع العربي لم يعتد على مشاهدة أعمالٍ بوليسية عربية، وتعليقاً على ذلك، يلفت خيّاط إلى أنها "ليست المرة الأولى التي يخوض فيها مغامرة من خلال عمل يقدمه، إذ قدم العام الماضي مغامرة من خلال مسلسل "الرحلة" وقبلها "30 يوم" و"طريقي" ومغامرات من خلال "على حافة الهاوية" و"أبو خليل القباني"، مشيراً إلى أنه عندما يلجأ الممثل للمغامرات يجب أن يتخذ احتياطاته، وأعتقد أنني اتخذت هذه الاحتياطات".
ويفنّد خياط هذه الاحتياطات بالقول: "الثقة بالنفس والتعب الذي بذلته على نفسي والإصرار والجهد الذي أقدمه لتأدية الشخصية من خلال عقلي وقلبي وروحي، بالإضافة إلى التعاون مع مخرج لديه وجهة نظر خاصة والتعاون مع شركة انتاج تسعى إلى تقديم الجديد. نحن لم نخض مغامرة من دون احتياطات، نحن ندرك تماماً ماذا نفعل".
ورداً على سؤال عن الصفات المشتركة بينه وبين الشخصية التي يؤديها في "الكاتب" وإن كانت صفة الغرور هي صفة مشتركة بينهما يقول خيّاط: "الغرور بشخصية جبران هي حالة شبه مرضية، أما بالنسبة لباسل لا يمكنني أن أقول أنني شخص مغرور ولكنني أعتبر أن التعامل مع الأشخاص هو الذي يوّلد الثقة، ولا يمكنني أن أحكم على أحد من قيل أو قال وعن بُعد، يجب أن أتعرف إليه قبل أن أحكم عليه. بالتأكيد لدي ثقة كبيرة بنفسي وهذه الصفة تلازمني منذ صغري".
بعد الأعمال العديدة التي قدمها والشخصيات المثيرة للجدل والمركبة، يسعى باسل خياط إلى الشخصية الغنية التي تستفزه، والتي تجعله يُخرج المزيد من المفاتيح التي يخبأها في صندوقه الأسود، لافتاً إلى أن "كل واحد منا لديه صناديق يخفي فيها أشياءً لا يعرفها عنه أحد وهي ضمن عالمه النفسي الخاص والتي تراكمت عبر الزمن". يعترف أن الانسان لا ينتهي من اكتشاف نفسه، بل هو كل يوم يكتشف جديداً فيها، كما انه لا ينكر أنه يمتلك فلسفته الخاصة. ويرفض خيّاط أن يقف أمام الكاميرا ليتحدث فقط بلسان الشخصية التي يجسّدها بل يذهب إلى أبعد من ذلك ويعيش الدور الذي يؤديه وإلا لن يجد نفسه ممثلاً.
عن تعاونه مع المخرج رامي حنا، يقول خيّاط: "لا شك أن قائد العمل والممسك بزمامه هو المخرج، وتربطني برامي حنا علاقة منذ فترة طويلة، فهو ممثل رائع ومخرج أروع، أحب ذكاءه وسعة اطلاعه، كما تجمعنا صفة مشتركة هو أننا نسعى للمغامرة لا نستكين بأننا موجودين هنا ونلعب ضمن الشروط النظامية أو ضمن شروط النجاح المضمونة، لا بل نريد أن ننجح بمكان آخر، ومن نوعٍ مختلف، فالنجاح المضمون هو جمود للممثل والمشاهد على حد سواء".
(كارولين بزي - لبنان 24)