Advertisement

إقتصاد

الخليج يستقطب المليارات بعيدًا عن النفط

Lebanon 24
01-08-2025 | 00:34
A-
A+
Doc-P-1399266-638896308511095274.png
Doc-P-1399266-638896308511095274.png photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
تتسارع وتيرة تحوّل خريطة الاستثمار في دول الخليج، مدفوعةً ببرامج تنويع اقتصادي طموحة تُقلّص الاعتماد على عائدات النفط. فبعد عقود من تدفق رؤوس الأموال إلى مشروعات الهيدروكربونات والبنية التحتية التقليدية، أصبحت قطاعات الطاقة النظيفة، والتقنيات المتقدمة، والسياحة، والرعاية الصحية محاور جذب أساسية للمستثمرين الدوليين.
Advertisement

وتحتل السعودية والإمارات موقع الصدارة في استقطاب الشركات العالمية لعقد شراكات استراتيجية وتنفيذ مشروعات تشغيلية ضخمة. فأحدث تقديرات وكالة "إس آند بي غلوبال" تؤكد قدرة دول الخليج على مواصلة جذب رؤوس الأموال العالمية، مستندةً إلى بيئات تنظيمية مرنة وملاءة تمويلية ضخمة، رغم التحديات المتمثلة في تعدد الجهات الحكومية المشرفة على المشروعات وندرة الكفاءات المحلية المتمرسة في القطاعات الناشئة.
 
تشكل التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، والطاقة النظيفة، والخدمات المالية، والسياحة، والزراعة، والرعاية الصحية أبرز القطاعات التي جذبت تدفقات كبيرة من الاستثمارات الأجنبية إلى الخليج مؤخراً، مدعومة بمبادرات حكومية وتحالفات مع شركات عالمية كبرى.

التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي: باتت "هيوماين" السعودية نقطة جذب رئيسية للاستثمارات الأجنبية في الذكاء الاصطناعي، إذ التزمت ثلاث من كبرى شركات الرقائق الأميركية، هي: "إنفيديا" (Nvidia)، "إيه إم دي" (AMD)، و"كوالكوم" (Qualcomm)  بضخ استثمارات مباشرة تشمل توريد معدات متقدمة، وإنشاء بنية تحتية، ومراكز تصميم، ما يعزز موقع المملكة بين أسرع الأسواق الناشئة في استقطاب رأس المال بهذا القطاع.

صرح د. أحمد عبد الله، الشريك الزميل في "FTI Delta"، في لقاء تلفزيوني مع "الشرق"، بأن هيئة السعودية للذكاء الاصطناعي تتوقع مساهمة القطاع بـ12% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2030.

وفي صفقة وُصفت بأنها الأضخم من نوعها في الخليج، أعلنت "إيه إم دي" (AMD) عن استثمار بقيمة 10 مليارات دولار بالتعاون مع "هيوماين" لإنشاء مراكز بيانات تعتمد على رقائقها المتطورة على مدى خمس سنوات.

كما وافقت "إنفيديا" (Nvidia) على تزويد "هيوماين" بـ18 ألف شريحة من طراز "غريس بلاكويل" (Grace Blackwell) لتشغيل مراكز بيانات سعودية بقدرة أولية 500 ميغاواط، ترتفع إلى 1.9 غيغاواط بحلول 2030، في شراكة تُعد مثالاً بارزاً على الاستثمار الأجنبي المباشر في بنية الحوسبة المتقدمة. ووقعت "كوالكوم" (Qualcomm) مذكرة تفاهم لتزويد "هيوماين" بمعالجات "سناب دراغون" و"دراغون وينغ"، إضافة إلى تأسيس "مركز كوالكوم للتصميم" لتطوير تقنيات أشباه الموصلات وتدريب الكفاءات المحلية ضمن التزامات طويلة الأجل.

في الإمارات، أعلنت "أوبن إيه آي" (OpenAI) عن أول توسع دولي لها عبر مشروع "ستارغيت الإمارات" (Stargate UAE) بالشراكة مع "G42" وبدعم من الحكومة الأميركية. يشمل المشروع إنشاء مركز حوسبة متقدم في أبوظبي بقدرة 1 غيغاواط، يُتوقع تشغيله جزئياً في 2026، ليصبح الأكبر خارج الولايات المتحدة. ويشارك في تطويره "أوراكل" (Oracle)، و"إنفيديا" (Nvidia)، و"سوفت بنك" (SoftBank)، و"سيسكو سيستمز" (Cisco Systems)، فيما ستصبح الإمارات أول دولة تطلق تطبيق "تشات جي بي تي" وطنياً في قطاعات التعليم والصحة والطاقة.

الطاقة النظيفة والهيدروجين الأخضر: تُعد دول الخليج ثاني أسرع مناطق العالم نمواً في الطاقة المتجددة بعد الصين، وإضافةً إلى استثماراتها المحلية، جذبت تمويلاً ضخماً في الطاقة الشمسية وتخزين الطاقة، واستقطبت شركات عالمية من فرنسا والصين واليابان وكوريا لدعم خطط تنويع مصادر الطاقة، وفق تقرير صادر عن "فاينانشال تايمز".

شهدت السعودية استثمارات كبيرة في الهيدروجين الأخضر في "نيوم"، بقيادة شركة "إير برودكتس" (Air Products) الأميركية بالشراكة مع "أكوا باور" (ACWA Power) السعودية. وتُقدّر كلفة المشروع بنحو 8.4 مليار دولار لإنتاج 600 طن يومياً بحلول 2026، بتمويل مصرفي دولي من آسيا وأوروبا.

كما فازت شركتا "توتال إنرجيز" (TotalEnergies) و"إي دي إف رينيوابلز" (EDF Renewables) الفرنسيتان بعقود تطوير محطات شمسية بقدرة 1.7 غيغاواط، باستثمارات تتجاوز 2.1 مليار دولار ضمن البرنامج الحكومي للطاقة المتجددة.

وأعلنت شركة "جينكو سولار" (JinkoSolar) الصينية عن استثمار 400 مليون دولار لإنشاء مصنع لإنتاج وتجميع الألواح الشمسية في الإمارات بمجمع محمد بن راشد للطاقة الشمسية، لتلبية الطلب المحلي والتوسع الإقليمي. ويُطوّر في أبوظبي مشروع تخزين بطاريات بطاقة 19 غيغاواط/ساعة باستثمار مشترك مع شركات يابانية وكورية، وتبلغ كلفته نحو 6 مليارات دولار، ليصبح من أكبر مشروعات التخزين عالمياً.

وفي البحرين، خُصص جزء من اتفاقية استثمارية بقيمة 3.4 مليار دولار وُقّعت مع الحكومة البريطانية في يونيو 2025 لدعم مشروعات الطاقة النظيفة، وتشمل التعاون مع "أوكتوبوس إنرجي" (Octopus Energy) و"لايت سورس بي بي" (Lightsource BP) لتطوير محطات شمسية ضمن خطة المملكة لخفض الانبعاثات.

الخدمات المالية وإدارة الأصول: تسعى عواصم خليجية مثل الرياض ودبي وأبوظبي والدوحة إلى تعزيز حضورها كمراكز مالية إقليمية، عبر جذب مؤسسات عالمية في الخدمات المصرفية وإدارة الأصول. وتستند هذه الجهود إلى حوافز تنظيمية وبيئات أعمال متطورة، في سياق أوسع لتنويع اقتصادات المنطقة وزيادة جاذبيتها لرؤوس الأموال الأجنبية.

حصل بنك "بي إن واي ميلون" (BNY Mellon) على ترخيص في أيار 2025 من السلطات السعودية لإنشاء مقر إقليمي تشغيلي في الرياض، وفق تقرير لوكالة أنباء "رويترز"، كما افتتحت بنوك مثل "غولدمان ساكس" و"سيتي غروب" مقرات لها في المملكة.

في الإمارات، شهد القطاع المالي في أبوظبي ودبي نمواً ملحوظاً مع افتتاح شركات عالمية كبرى مقرات تشغيلية جديدة. فقد افتتحت "لازارد" (Lazard) و"بلاك روك" (BlackRock) مكاتب مرخصة في سوق أبوظبي العالمي، بينما عززت "كاناكورد" (Canaccord) و"بارينغز" (Barings) نشاطهما في مركز دبي المالي. كما انتقلت مؤسسات بارزة مثل "غولدمان ساكس"، و"بريفان هوارد أسيت مانجمنت" (Brevan Howard Asset Management)، ومكتب عائلة راي داليو إلى أبوظبي، ما يعكس تنامي جاذبية الإمارات كمركز مالي إقليمي ودولي.

كما افتتحت "آشمور غروب" (Ashmore Group) مكتباً مرخصاً في الدوحة عام 2024 لإدارة أصول محلية، فيما دشّنت "غلوبال إنفراستركتشر بارتنرز" (GIP) مكتباً إقليمياً لإدارة مشاريع البنية التحتية. 

السياحة والترفيه: يُعد الترفيه والسياحة والرياضة والثقافة من القطاعات الرئيسية التي تراهن السعودية على تطويرها لتنويع مصادر الدخل بعيداً عن النفط بالشراكة مع القطاع الخاص. وتستهدف رؤية المملكة 2030 رفع مساهمة صناعة الترفيه إلى 4.2% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2030.

وفي سبيل تحقيق هذه الغاية، وقّعت شركة نيوم سلسلة من الشراكات مع شركات عالمية بارزة لتطوير مشاريعها السياحية الكبرى على ساحل البحر الأحمر وفي المناطق الجبلية. من أبرز هذه الاتفاقات التعاون مع مجموعة "ماريوت إنترناشونال" (Marriott International) لإدارة ثلاثة فنادق فاخرة على جزيرة سندالة، من بينها منتجعان ضمن علامة "لاكشري كولكشن" (Luxury Collection) وفندق تابع لعلامة "أوتوغراف كولكشن" (Autograph Collection).

كما عقدت "نيوم" شراكة مع شركة "إنيسمور" (Ennismore) لتطوير وإدارة وجهات ضيافة متميزة في مشروع تروجينا الجبلي، الذي يخطط لتقديم تجارب سياحية شتوية فريدة في قلب المملكة.

إلى جانب ذلك، تعاونت نيوم مع مؤسسة "أوشن إكس" (OceanX) الأميركية لاستكشاف الحياة البحرية ودعم السياحة البيئية المستدامة في البحر الأحمر.

وتعمل شركة البحر الأحمر الدولية المملوكة لصندوق الاستثمارات العامة على تطوير اثنتين من كبرى الوجهات السياحية الفاخرة في السعودية: مشروع البحر الأحمر وأمالا. أبرمت الشركة شراكات مع علامات فندقية عالمية مثل "فورسيزونز" (Four Seasons)، التي ستدير مجمعاً سياحياً في جزيرة شورى، ومع "حياة" (Hyatt) و"ماريوت إنترناشونال" (Marriott International) لتطوير وتشغيل عشرات المنتجعات الفاخرة على الساحل الغربي.

أما مشروع القدية الترفيهي المقام على مساحة 360 كيلومتراً مربعاً قرب الرياض، فيستهدف أن يصبح وجهة عالمية للترفيه والرياضة والثقافة، ويشمل إنشاء استاد الأمير محمد بن سلمان لاستضافة مباريات كأس العالم، وحلبة سباق فورمولا 1.

وفي خطوة لتعزيز التنوع، وقّعت شركة القدية للاستثمار اتفاقية مع "سيكس فلاغز" (Six Flags) الأميركية لإنشاء أول مدينة ملاهٍ للعلامة في الشرق الأوسط، إضافةً إلى استحواذها على شركة مشاريع الترفيه "سفن" لتحقيق التكامل في القطاع.

كما شهدت الدرعية توقيع عقود تطوير سياحي ضخمة مع شركاء أجانب مثل "الشركة الصينية للهندسة المعمارية" (CSCEC)، إلى جانب شركات محلية لتنفيذ فنادق فاخرة ونادٍ للفروسية بقيمة تتجاوز 15 مليار ريال.

يُعد موسم الرياض من أكبر الفعاليات الترفيهية في السعودية، حيث استقطب أكثر من 19 مليون زائر من تشرين الاول حتى كانون الثاني 2025. جرت فعاليات الموسم العالمية المتنوعة ضمن 14 منطقة ترفيهية، أبرزها بطولة "UFC" للفنون القتالية المختلطة، مباريات توحيد ألقاب الملاكمة، بطولة أساطير التنس، ومباراة السوبر الأفريقي.

كما استضاف كأس العالم للرياضات الإلكترونية وسباق الدرونز، ما ساهم بانتعاش السياحة وزيادة الإشغال الفندقي في الرياض.

أما في البحرين، فتشهد المشروعات السياحية الكبرى مثل توسعات جزر أمواج وشواطئ خليج البحرين شراكات مع شركات إدارة فندقية عالمية مثل "فور سيزونز" (Four Seasons) و"فيرمونت" (Fairmont) لتشغيل الفنادق والمنتجعات. وفي الكويت، يتعاون مشروع "مدينة الشرق" مع شركات استشارات وهندسة أوروبية أبرزها "آراب" (ARUP) لتخطيط المرافق الترفيهية والضيافة وفق أحدث المعايير الدولية.

الزراعة والغذاء: تتسارع جهود الإمارات لتعزيز الأمن الغذائي عبر استثمارات وشراكات دولية واسعة. في أبوظبي، أُطلقت وحدة "مجمع تنمية الغذاء ووفرة المياه" المعروفة باسم "أغوا" (AGWA) لزيادة الناتج المحلي بنحو 25 مليار دولار واستقطاب استثمارات بقيمة 34.8 مليار دولار بحلول 2045، ضمن استراتيجية وطنية تشمل مبادرة "ازرع في الإمارات".

في دبي، يبرز مشروع "وادي تكنولوجيا الغذاء" ومشروع "غيغا فارم" بالتعاون مع شركة "انتليجنت غروث سولوشنز" (Intelligent Growth Solutions) البريطانية لإنتاج 3 ملايين كيلوغرام من الخضراوات سنوياً وإعادة تدوير النفايات الغذائية باستخدام مئات الأبراج الزراعية الذكية.

كما أبرمت شركة "موارد" التابعة لمجموعة "ألفا ظبي" شراكة مع شركة "بلنتي" (Plenty) الأميركية لإنشاء سلسلة مزارع عمودية باستثمارات تصل إلى 680 مليون دولار، تشمل مزرعة لإنتاج الفراولة في أبوظبي، بحسب تقرير لـ"بلومبرغ".

في قطر، أطلقت "حصاد فود" مشروعاً للزراعة المائية بالتعاون مع "يارا إنترناشيونال" (Yara International) النرويجية وشركات هولندية مثل "هوخندورن" (Hoogendoorn) و"إم إس تي هولند" (MST Holland) و"جيفي" (Jiffy)، بهدف بناء بيوت زجاجية تقلل استهلاك المياه وتزيد الإنتاج المحلي، بحسب تقارير "غلف تايمز" ومنصة "AgFunderNews" لأخبار الاستثمار الغذائي والزراعي.

الرعاية الصحية: تتجه دول الخليج إلى عقد شراكات واسعة مع شركات عالمية لتوسيع قطاع الرعاية الصحية ورفع جودة الخدمات. تأتي هذه الخطوات ضمن خطط تنويع الاقتصاد وتطوير بنية تحتية متقدمة تعتمد على الابتكار والذكاء الاصطناعي. وتشمل المبادرات تأسيس مراكز علاجية متخصصة واستحواذات على شبكات طبية دولية ومشاريع تصنيع الأدوية.

في إطار هذه الجهود، أطلقت المملكة العربية السعودية ملتقى الصحة العالمي ضمن مساعي تنويع الاقتصاد وفق رؤية 2030. ويعد الملتقى منصة تجمع مستثمرين دوليين وصناع قرار ومزودي خدمات طبية، بهدف رفع مساهمة القطاع الخاص في الرعاية الصحية السعودي من نحو 11% حالياً إلى 50% بحلول نهاية العقد.

خلال النسخة الأخيرة للملتقى في تشرين الاول 2024، أعلنت وزارة الاستثمار عن فرص استثمارية تتجاوز 120 مليار ريال تشمل مشاريع لتوسعة المستشفيات وتأسيس مراكز طبية متخصصة، إلى جانب إطلاق صندوق "عافية" برأسمال 250 مليون دولار، بدعم من منصة "جدا" التابعة لصندوق الاستثمارات العامة، لتمويل شركات الرعاية الصحية المحلية والعالمية. (بلومبرغ)
مواضيع ذات صلة
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك