بعد أن رسخت نفسها كأحد أعمدة سوق العملات المشفرة العالمية، وانضمامها إلى مؤشر "إس آند بي 500"، تجد شركة "كوين بيس" نفسها اليوم في موقف حرج، بعدما تراجعت قيمة سهمها بنسبة 17% خلال أسبوع واحد، في أعقاب نتائج مالية دون التوقعات، لتُسجل ثاني أسوأ أداء لها منذ إدراجها في البورصة.
هذا التراجع أثار تساؤلات جديدة حول استدامة نموذج التسعير المرتفع الذي تتبعه الشركة، في ظل ضغوط المنافسة من منصات تقدم خدمات مشابهة برسوم أقل، مثل "كراكن" و"روبن هود"، فيما تتهيأ منصات أخرى مثل "جيميني" و"بوليش" لخطط إدراج قريبة.
رغم أن "كوين بيس" لاتزال تحظى بأكثر من 50% من سوق التداول الفوري في
الولايات المتحدة، فإن حصتها العالمية تقلصت من 5.65% إلى 4.56% قبل أن تتعافى قليلاً، بينما سجلت منافساتها نسب نمو أسرع في الإيرادات، لا سيما "روبن هود" التي تضاعفت عائداتها من تداول العملات المشفرة، و"كراكن" التي وسعت عروضها لتشمل تداول الأسهم وصناديق المؤشرات.
في الربع الثاني من عام 2025، نمت إيرادات كوين بيس بنسبة 3% فقط، وهي أبطأ وتيرة نمو تسجلها منذ عامين، في وقت تُواجه فيه هوامش أرباحها تحديات متزايدة بسبب قرارها برفع رسوم التداول على بعض أزواج العملات المستقرة.
المحللون يرون أن الشركة أمام
مفترق طرق: إما أن تخفض رسومها للحفاظ على المستخدمين، أو تستمر في الدفاع عن هوامشها، وتخاطر بخسارة جزء من السوق.
وقالت المديرة المالية لـ "كوين بيس"،
أليسا هاس، إن قرار فرض رسوم على أزواج العملات المستقرة كان استراتيجياً، لكن الأرقام تشير إلى أن ذلك أدى إلى تراجع ملحوظ في حجم التداول.
في مواجهة هذا الواقع، بدأت "كوين بيس" توسيع خدماتها لتشمل تداول الأسهم والعقود الآجلة وخيارات العملات المشفرة، إضافة إلى تقديم خدمات الحفظ المؤسسية، في محاولة لتقليل اعتمادها على إيرادات التداول وحدها، والتي لطالما تميزت بالتقلب.
كما تستفيد الشركة من شراكاتها مع "سيركل" وغيرها من اللاعبين الكبار في السوق، وتحتفظ بسيولة نقدية تفوق 9 مليارات دولار، ما يمنحها هامشاً للتحرك في خضم المنافسة.
يُتداول سهم "كوين بيس" حالياً بمضاعف أرباح مستقبلي قدره 44 مرة، أي أقل من "روبن هود" التي تتجاوز 65 مرة. ويرى محللون مثل
أوين لاو من "أوبنهايمر" أن تراجع السهم الأخير قد يكون فرصة للشراء، متوقعاً ارتفاعاً في الإيرادات بنسبة 46% في الربع المقبل، شرط أن تستمر الشركة في تحسين أدائها التشغيلي.
لكن هذا التفاؤل يبقى مشروطاً بقدرتها على الصمود أمام التحديات
القادمة، خاصة مع تحوّل التداول في العملات المشفرة إلى خدمة أشبه بالسلعة التقليدية، ما يُضعف العلاوة السعرية التي كانت تتمتع بها سابقًا. (بلومبرغ)