في تطور يعكس هشاشة الوضع السياسي والاقتصادي في
الولايات المتحدة، تسبب الإغلاق الحكومي
الفيدرالي في تعطيل نشر أحد أهم التقارير الاقتصادية الشهرية، وهو تقرير الوظائف عن أيلول، الصادر عادة عن
مكتب إحصاءات العمل الأميركي (BLS).
وكان مقرراً صدور البيانات صباح الجمعة عند الساعة 8:30 بالتوقيت الشرقي، لكنها غابت كليًا مع توقف المكتب عن العمل. وبذلك يجد المستثمرون والاقتصاديون أنفسهم أمام فراغ إحصائي في واحدة من أكثر المؤشرات حساسية للأسواق العالمية.
في غياب البيانات الرسمية، يعتمد المحللون على تقديرات شركات خاصة ومؤشرات بديلة. وتشير توقعات FactSet إلى أن الاقتصاد الأميركي أضاف نحو 50 ألف وظيفة في أيلول، مقارنة بـ 22 ألف وظيفة فقط في
أغسطس، بينما استقر معدل البطالة عند 4.3%.
التقديرات تشير أيضًا إلى أن القطاع الخاص قد أضاف نحو 62 ألف وظيفة، في حين خسر القطاع الحكومي قرابة 12 ألف وظيفة، خصوصًا في المؤسسات الفيدرالية المتأثرة بالإغلاق. أما متوسط الأجور وساعات العمل الأسبوعية، فيُتوقع أن يظل دون تغيير يذكر.
لكن وراء هذه الأرقام، تكمن صورة أكثر تعقيدًا. فمع التباطؤ الاقتصادي، أصبح الاقتصاد بحاجة إلى إضافة عدد أقل من الوظائف للحفاظ على استقرار معدل البطالة، نتيجة عوامل مثل التقاعد الجماعي وارتفاع معدلات الإحباط لدى الباحثين عن عمل.
ويُظهر تقرير فرص العمل لشهر أغسطس انخفاضًا حادًا في الوظائف الشاغرة بقطاع البناء بنحو 115 ألف وظيفة، وهو ثاني أكبر تراجع مسجل، متأثرًا بارتفاع الفوائد وأزمة الإسكان. ورغم ذلك، يواصل القطاع الصحي قيادة نمو الوظائف بدعم من التغيرات الديموغرافية وزيادة الطلب على الرعاية.
لكن مع ضعف إعلانات التوظيف وارتفاع عدد الباحثين عن عمل لفترات طويلة، تتزايد الصعوبات أمام العاطلين في العودة إلى سوق العمل. وتشير بيانات رسمية سابقة إلى أن أكثر من 25% من العاطلين ظلوا يبحثون عن عمل لأكثر من 27 أسبوعًا، وهو أعلى مستوى منذ 2016 باستثناء فترة
الجائحة.
وبينما يرى بعض المؤشرات أن البطالة لا تزال
تحت السيطرة، يبقى الغياب المؤقت للتقارير الرسمية حجر عثرة أمام التقييم الحقيقي للوضع. فحتى عودة البيانات الفيدرالية، ستظل صورة سوق العمل الأميركي ضبابية، بانتظار ما ستحمله الأسابيع المقبلة من مفاجآت.