Advertisement

إقتصاد

هل يتكرر سيناريو اليونان في لبنان؟

Lebanon 24
19-09-2018 | 23:54
A-
A+
Doc-P-512143-636730236685100321.jpeg
Doc-P-512143-636730236685100321.jpeg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
كتبت البروفسور غريتا صعب في صحيفة "الجمهورية": هناك العديد من العبارات باللغة الانكليزية والتي هي من أصل يوناني مثل كلمات أزمة Crisis وأصل الكلمة هو Krisis وتعني اللحظة الحاسمة. ومن سخرية القدر، أنه خلال العقد الماضي أصبحت هذه الكلمة مرتبطة إرتباطاً وثيقاً بأصلها اليوناني.
Advertisement

قد يكون من الصعب فصل كلمة أزمة عن اليونان، رغم ثلاثة برامج إنقاذ للاقتصاد اليوناني، سيما وأن المشاكل الهيكلية ما زالت عالقة وتتراوح بين بيروقراطية الدولة إلى التهرّب الضريبي إلى الديون الضخمة والتي تعدّت 180 في المائة من إجمالي الناتج المحلي للبلاد. وسيكون هذا العبء مستمرا على مدى عقود من الزمن. أضف إلى ذلك عواقب طويلة الأمد قد يكون أهمها هجرة الأدمغة بما يجعل من الصعب على اقتصاد البلاد الانتعاش بمستويات مريحة.

رغم أن الاصلاحات التي أدخلتها الحكومات اليونانية المتعاقبة كانت مؤلمة بالنسبة لقطاعات واسعة وشرائح متفاوتة بين السكان.

تستهدف الاصلاحات التي تعهدت أثينا القيام بها مقابل تقديم القروض معالجة العيوب الصارخة كنظام المعاشات التقاعدية والبيروقراطية والتهرّب الضريبي. وثمة تدابير أخرى مثل تحرير قانون العمل وتراخيص جديدة للأعمال التجارية بهدف تعزيز النمو والإستثمار. وأزمة الديون اليونانية عبارة عن ديون سيادية مستحقة للإتحاد الأوروبي ما بين العامين 2008 و2018. وكادت اليونان في العام 2010 أن تتخلّف عن سداد ديونها وهدّدت سلامة منطقة اليورو بأكملها، وأقرضها الإتحاد الأوروبي منذ شباط 2015 ما يساوي 294.7  مليار يورو وهي أكبر عملية تعويم في التاريخ المعاصر لم تدفع اليونان منها سوى  41.6 مليارا. ومن المقرر سداد هذه الديون في العام 2059 ، وأكبر المقرضين كانت ألمانيا والتي فرضت تدابير تقشفية على اعتبار أن ذلك سوف يحسّن الميزة التفاضلية لليونان في الأسواق العالمية. وللعلم، هذه التدابير جاءت بنتائج عكس المرجو منها سيما من ناحية زيادة البطالة ونسبة الدين إلى الناتج المحلي والذي بلغ في العام 2017 معدل 182 بالمائة علماً أنه وحتى تسديدها الديون لدائنيها عليها الإلتزام بتدابير التقشف هذه.

مشكلة لبنان، وهو أكبر ثالث بلد مديون في العالم تشبه إلى حد بعيد الأزمة اليونانية سيما من ناحية العجز والوضع المالي الهش والتراجع المثير للناتج المحلي في السنوات الأخيرة ونسبة الديون المرتفعة مقارنةً بالناتج المحلي والعجز الكبير الحاصل في الحساب الجاري. كلها أمور تستدعي التوقف عندها في ظل غياب خطط واضحة لمعالجة الوضع الاقتصادي وفي ظل تداعي أزمة النزوح السوري على لبنان والذي أنهك كيانه وقضى على ما تبقى من مقوماته.

وإذا كانت خطة ماكينزي هي العلاج انما تفتقد لغاية الان إلى آلية للتطبيق مما يعني أن الأمور قد تبقى على هذا الوضع وربما تتراجع إذا لم تحدث صدمة إيجابية تتشكل معها حكومة تترجم إدراك المسؤولين لخطورة الوضع وكون لبنان لا يستطيع التحمل أكثر، وفي ظل محاولات للجم الفساد لا تزال ضعيفة وغير جدية.

السيناريو الذي واجهته اليونان منذ العام 2009 لغاية الآن قد لا يتوفر للبنان. وإذا كانت اليونان مهمة للمشروع الأوروبي والعملة الواحدة، وإذا كان لبنان هو مفتاح الحفاظ على ما تبقى من عملية السلام في الشرق الأوسط، إلا أن المقارنة تبقى ضعيفة سيما في غياب المقومات التي تدعم اليونان، سيما البنك الأوروبي وألمانيا وصندوق النقد الدولي، بينما لبنان ما زال يراهن على 11 مليار دولار إستطاع الحصول عليها في مؤتمر سيدر. وصندوق النقد الدولي كان شديد اللهجة في تقريره عن لبنان سيما في سياق إنخفاض معدلات النمو وإرتفاع أسعار الفوائد العالمية. وليس من الغريب أن يدعو صندوق الدولي إلى زيادة الضريبة على القيمة المضافة كذلك إجراء تخفيضات كبيرة في دعم الطاقة وهي أمور أصبحت من الوسائل التي يستعملها صندوق النقد مع العديد من الدول الشبيهة بوضعية لبنان.

يبقى الرهان محصورا بأمور قد تحصل وتساعد إلى حد بعيد في إعادة عجلات النمو إلى ما كانت عليه في العام 2010 سيما مشروع إعادة اعمار سوريا والتنقيب على النفط والغاز إلا أن ذلك يبقى رهن إصلاحات إدارية جوهرية من حيث الادارة والفساد.

قد تختلف الاوضاع بين اليونان ولبنان، لكن أوجه الشبه هي سوء الادارة والفساد. أما العوامل التي تساعد اليونان في محنتها فهي غير متوفرة للبنان.

هكذا لم نصل بعد إلى تدابير تقشفية كالتي حصلت في اليونان إلا أن تأخير تشكيل الحكومة بات يزيد العبء على المواطن مع تراجع الإقتصاد والحركة التجارية ومع ميزان تجاري في عجز دائم، علماً أنه إقتصادياً جاءت تدابير التقشف اليونانية بنتائج متناقضة أقل ما يقال فيها غير كافية، الامر الذي ساعد على التهرّب الضريبي وهجرة الأدمغة. وهذا ما سوف نراه في لبنان، والأمر كله يتوقف على النظام برمته وعلى إدارة الحكومة المقبلة تنفيذ الإصلاحات وخطط إقتصادية شاملة.

المصدر: الجمهورية
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك