Advertisement

صحة

اغتسال الدماغ.. كيف ينظف العقل نفسه أثناء النوم؟

Lebanon 24
09-09-2025 | 03:51
A-
A+

Doc-P-1414537-638930120024172700.jpeg
Doc-P-1414537-638930120024172700.jpeg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
على مدار عقود طويلة، ظل العلماء يفكرون في مشكلة أساسية، وهي كيف يتخلص مخ الانسان من النفايات التي يفرزها أثناء العمل والتفكير طوال اليوم، والتي تتضمن بروتينات وجزيئات زائدة قد تتحول إلى مواد سامة في حالة عدم التخلص منها، ومن بينها بروتينات الأميلويد بيتا وتاو التي تعتبر من المسببات الأساسية لمرض الزهايمر.
Advertisement

وبالنسبة لباقي أعضاء الجسم، يقوم الجهاز الليمفاوي بالتخلص من هذه الفضلات حيث تنتقل السوائل الزائدة إلى الطحال والعقد الليمفاوية وأجزاء أخرى من الجهاز الليمفاوي قبل أن تمر إلى مجرى الدم بحيث يتم التخلص منها.
ولكن هذه العملية الحيوية لا يمكن أن تتم بنفس الطريقة داخل المخ بسبب ما يعرف باسم الحاجز الفاصل بين المخ والدم، وهو غلاف واق يمنع انتقال العدوى إلى الخلايا العصبية داخل المخ ولكنه بالمثل يمنع أيضا انتقال أي شيء خارج المخ.

وفي عام 2012، توصل فريق بحثي بجامعة روشستر الأميركية برئاسة اخصائية طب الأعصاب مايكن نيدرغارد إلى وجود نظام دوري لم يكن معروفاً من قبل لطرد الفضلات السامة من المخ.

وتبين من خلال أبحاث على فئران التجارب تدفق السائل النخاعي داخل أنفاق حول الأوعية الدموية في المخ، حيث تمر هذه القنوات على نوعية من خلايا المخ تعرف باسم الخلايا النجمية وتختلط بما يعرف باسم "السوائل الخلالية"، حيث تقوم بجمع الفضلات وتحملها خارج المخ عبر المساحات حول الأوعية الدموية.

وفي عام 2013، نشرت نيدرغارد دراسة مهمة مفادها أن عملية التنظيف المنزلي تنشط أثناء الليل.

وتقول الباحثة في تصريحات للموقع الإلكتروني "ساينتفيك أميركان" المتخصص في الابحاث العلمية: "أثناء الاستيقاظ تتوقف عملية التنظيف، ويرجع السبب في ذلك على الأرجح إلى أن دقة عمل الأنظمة العصبية اللازمة لمعالجة مؤثرات العالم الخارجي لا تتوافق مع عملية الاغتسال".

وتؤكد هذه النتائج أن عملية اغتسال المخ التي تم اكتشافها مؤخرا هي واحدة من أهم فوائد النوم.

وتوضح "عندما تستيقظ وأنت تشعر بالنشاط بعد فترة من النوم الهادئ، فإن ذلك يرجع على الأرجح إلى أن المخ تعرض لعملية إعادة ضبط على غرار ما يحدث في حالة صيانة السيارة".

ولكن تلك الدراسات السابقة أجريت على الفئران التي تتسم عقولها بأنها أصغر وأقل تعقيدا من عقول البشر، كما أن فترات نومها عادة ما تكون متقطعة وليست متصلة مثل الانسان، وبالتالي كان كثير من العلماء يرفضون نظرية اغتسال العقل البشري أثناء النوم.

ويقول جوناثان كيبنيس اخصائي علم المناعة العصبية في كلية طب جامعة واشنطن الأميركية: "قبل 10 سنوات كان الحديث عن تدفق السوائل داخل المخ يبدو مثل الهرطقة".

وقد أمضى الباحثون السنوات العشر الماضية في دراسة ما إذا كانت عملية اغتسال المخ تحدث لدى الإنسان على غرار ما يحدث في حالة الفئران، وقد توصلت الأبحاث إلى إثبات صحة هذه النظرية، بل وأن الموجات الكهربائية التي تتحرك داخل المخ أثناء النوم، تقوم بدفع السائل النخاعي داخل المخ وخارجه.

ومن جانبه، يؤكد جيفري إيليف استاذ طب النفس والأعصاب بجامعة واشنطن أهمية ما يعرف باسم النظام "الجليمفاوي" الذي يقصد به آلية تنظيف المخ وإزالة الفضلات التي تتم أثناء نوم الإنسان.

ويقول في تصريحات لموقع "ساينتيفك أميركان" أن تعطل هذه المنظومة يؤدي على الأرجح إلى الإصابة باضطرابات عصبية ونفسية من بينها مرض الزهايمر، ويرى أن تعطل النظام الجليمفاوي قد يفسر سبب اختزان المخ لبروتينات الأميلويد وتاو في مرحلة الشيخوخة.

وذكر الباحث إيليف أن المتخصصين في مجال النوم ظلوا لسنوات طويلة يركزون على أهمية النوم في عملية اختزان الذكريات، كما أن الأطباء الذين درسوا المساحات التي تحيط بالأوعية الدموية لم يتبينوا الغرض منها بشكل واضح، بل واستبعدوا إلى حد كبير إمكانية أن تكون هذه المساحات في حقيقة الأمر قنوات لمرور السوائل، مضيفا أنهم "لم يدركوا مدى ديناميكية هذه القنوات".

ويقول الباحثون إن الجسم البشري ينتج ما بين 3 إلى 4 أمثال مخزونه من السوائل النخاعية كل يوم ثم يتخلص منها، وقد أدركت بعض الدراسات المبكرة ارتباط تدفق هذه السوائل بنبضات القلب، ولكن لم يتضح خلال الدراسات السابقة التغير الذي يطرأ على تدفق هذه السوائل أثناء النوم.

وخلال التجربة التي أجرتها الباحثة نيدرغارد لقياس معدلات التخلص من بروتينات الاميلويد أثناء استيقاظ الفئران ونومها وتخديرها، قام الباحثون بحقن متتبعات فلورية داخل أمخاخ الفئران لمتابعة تدفق السوائل النخاعية داخل المساحات حول الأوعية الدموية، وتبين لهم أن تدفق تلك السوائل يتراجع بنسبة 95% أثناء الاستيقاظ مقارنة بما يحدث أثناء النوم، وأن حجم هذه القنوات بين الأوعية يتسع بنسبة 60% عندما تكون الفئران نائمة أو في حالة تخديرها، وهو ما يؤكد أن الجسم يتعرض لتغيرات فسيولوجية أثناء الغياب عن الوعي تزيد من قدرة المخ على التخلص من فضلاته.

وفي دراسة مماثلة على البشر أجريت عام 2021، قام جراح الأعصاب بيير كريستيان إيدي من مستشفى جامعة أوسلو النرويجية بحقن متتبعات فلورية لمتابعة تدفق السوائل النخاعية لدى مجموعة من المرضى المتطوعين، مع تقسيمهم إلى مجموعتين، حيث تم السماح لأفراد المجموعة الأولى بالنوم بشكل طبيعي طوال الليل وإبقاء أفراد المجموعة الثانية مستيقظين خلال نفس الفترة.

وتم إجراء عملية تصوير بالرنين المغناطيسي لأفراد المجموعتين مرتين أثناء الليل ثم في اليوم التالي.

وتبين خلال التجربة أن حركة المتتبعات الفلورية التي ترصد تدفق السائل النخاعي كانت بطيئة بشكل كبير لدى المتطوعين الذين لم يسمح لهم بالنوم، وظهر أيضا أنه حتى بعد السماح لهم بالنوم في الليلة التالية، ظل معدل تدفق السائل النخاعي لديهم بطيئا مقارنة بأفراد المجموعة الأخرى، مما يدل على أن ثار الحرمان من النوم لا يمكن تعويضها بسهولة بمجرد النوم في الليلة التالية.

وأكد إيدي أنه "رغم اختلاف آلية عمل النظام الجليمفاوي بين البشر والفئران بشكل عام حيث تحدث التغيرات في العقل البشري خلال ساعات وليس خلال دقائق مثل الفئران، فمن المؤكد أن العقل البشري أيضا يغتسل أثناء النوم، وأن نقص النوم يؤثر بالفعل سلبيا على آلية عمل هذه المنظومة". (سكاي نيوز)
مواضيع ذات صلة
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك