Advertisement

لبنان

ليست حادثة حضانة Garde rêve الاخيرة.. ما خفي كان اعظم فماذا يحصل خلف الابواب؟

زينب زعيتر Zainab Zaiter

|
Lebanon 24
13-07-2023 | 02:25
A-
A+
Doc-P-1087067-638248373530246111.jpg
Doc-P-1087067-638248373530246111.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger

 
هل تذكرون قبل سنتين عندما أثارت جريمة انسانية بشعة، الرأي العام، بعد انتشار فيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي تظهر المرضى في مركز "سانتا ماريا للامراض العقلية" في عنايا، وهم يتعرضون لأعنف اشكال سوء المعاملة، حيث كانت اقدام النزلاء تُربط بالأسِرَّة ويتم اطعامهم من الخبز العفن؟ وبالامس، ليست حادثة حضانة  Garde rêve، سوى غيض من فيض ما قد يحصل في بعض المراكز التي يُطلق عليها اسم دور الاحتضان والتي من المفترض أن تقدم الرعاية لمختلف الفئات العمرية من الطفولة وحتى الكهولة.. فما خفي كان أعظم.

Advertisement
 
يروي أحد المعالجين النفسانيين في حديث مع "لبنان 24" مجموعة من القصص المؤلمة لحوادث شخصية إختبرها خلال فترة عمله وزياراته لمراكز احتضان عدة، اطلع فيها عن كثب عن بشاعة ما يحصل خلف الابواب الموصودة لتلك المراكز سواء الحضانات او دور الايتام والعجزة او مراكز ومستشفيات الامراض النفسية. ومن هذه القصص ما تم متابعتها وتقديم شكاوى بها، وهو ما سيفتح الباب واسعا امام كُثر للتجرؤ والكشف عن اي ممارسات فوضوية قد تحصل في هذه المراكز لاخذ الاجراءات القانونية والعادلة بحقها، على غرار ما حصل مع حضانة  Garde rêve التي تم اقفالها والادعاء على القيمين عليها والمربية المعنفة بجرم "محاولة قتل وإيذاء أطفال".
 
ذباب وحفاضات
 يتحدث المعالج انّه في احدى دور الحضانة التي زارها مرة، وتحديدا في الغرفة المخصصة للاطفال الرضع، كان الذباب يحوم حول الاطفال ولا وجود لأي مربية، وحادثة اخرى لشاب توفي قبل سنوات في احدى مراكز الرعاية النفسية، وبقيت اسباب الوفاة مجهولة. كما يروي قصة لأحد كبار السن الذي كان يتمتع بصحة جيدة ولكنه تعرض لحادث في قدمه، ما اضطره للجوء الى احد دور العجزة لعدم وجود اي قريب يهتم به، وعلى الرغم من انّه كان يستطيع المشي الا انّه أخبر المعالج مرة انّ أكثر ما يزعجه في المكان أن الادارة تمنع على المتواجدين الدخول الى الحمام في اوقات متأخرة من الليل، لذا تفرض على كل النزلاء باعمار محددة أن يضعوا "الحفاضات" ليلا.
 

 
سجن الاحداث
ومثلها العشرات من الحوادث التي قد تحصل يوميا ولا أحد يعلم بها، بعدما يتجرد البعض من الانسانية ويتحولون الى أعداء لأنفسهم وللانسان الاخر. حوادث تسلط الضوء على ما هو أبعد من مجرد "مريضة نفسية" تعنّف طفلة، بل على عشرات مراكز ايواء الفئات المهمشة وخصوصا الايتام وكبار السن والمرضى النفسيين، لجهة تأمين الرعاية التامة لهؤلاء واخضاع تلك المؤسسات التي غالبا ما تكون مؤسسات ربحية تنظر الى الطفل كأنّه "دولار" الى قوانين صارمة ورقابة متشددة من جهة، وضرورة أن تخضع هذه المؤسسات لرقابة اجتماعية نفسية من قبل اخصائيين على غرار ما يحصل في سجون الاحداث من جهة اخرى.
فمن يضمن لهؤلاء الاطفال عدم التعرض لصدمات نفسية بشكل يومي، ومن يضمن للمريض النفسي أن يحصل على معاملة سوية، لا ضربه وايذائه وربطه بالجنازير، ومن يضمن لهذا المسن الذي يعيش ايامه الاخيرة ألا يتعرض للاهانة، فقط لأن قساوة الحياة جعلته في دائرة فارغة فلا ابن ولا زوجة ولا حفيد ولا قريب يسأل عنه.
 
صدمة نفسية
وأبعد من ذلك، ولنأخذ على سبيل المثال حادثة الحضانة الاخيرة، فهل قد يعتبر احدكم أنّ هذه السيدة هي إمراة تتمتع بكامل الاهلية؟ حكما كلا، فهي اولا تحتاج الى متابعة نفسية لانها تعاني عمليا من اضطرابات سلوكية، وهو ما يفتح الباب ايضا على أهلية من يعمل في هذه المراكز، ما يستوجب الرقابة النفسية والاجتماعية اولا على العاملين في مراكز الايواء، لانهم مسؤولون بالدرجة الاولى عن جزء من تربية جيل للمستقبل يتعرض للعنف والصدمات النفسية.
وهنا يشدد الاختصاصي في علم النفس العيادي حسين حمية، على ضرورة أن يخضع الاطفال في حضانة  Garde rêve الى متابعة نفسية بعد الصدمات التي كانوا يتلقونها خلال فترة وجودهم فيها. وبحسب حمية فانّه وعلى امتداد التاريخ وفي كل دول العالم، يشكل عمل مراكز الايواء والعناية تحديا كبيرا لجهة تأمين الرعاية الحقيقية لهذه الفئات التي تصنف مهمشة، سواء كبار السن او المرضى النفسانيين او الايتام، ويقول: "من هنا تتضح اهمية سن القوانين الصارمة والمتشددة التي يفقتد احيانا لبنان لها، من حيث الاشراف والرقابة بالنظم الحديثة، اي أن يكون هناك اولا واخيرا مراقبة مباشرة وامكانية اطلاع الاهل او المعنيين بصورة تامة على ما يحصل في هذه المراكز، فهناك بعض السيدات اللواتي اكدن انهن "يسلّمن" اولادهن من على الباب ومن غير المسموح لهن الدخول الى الحضانة خلال دوام العمل. اضف الى ذلك المراقبة الصارمة على عدد الاطفال والمربين الذين يتابعونهم، فلا يجوز في احدى مراكز الايواء ان يكون هناك مربيا واحدا لمئة طفل".
 
مواكبة نفسية
ومن هذا المنطلق يتحدث حمية عن البناء النفسي للاطفال في ظل هكذا ظروف، ويقول: "لا نتحدث فقط عن مأكل ومشرب بل مواكبة نفسية اجتماعية كي لا يكون هؤلاء الاطفال او الايتام او المشردون عرضة للانحرافات السلوكية فيما بعد. أو أن يكون الاطفال في الحضانات عرضة لصدمات نفسية، وطبعا لا نعمم في هذا الاطار انما نعرض واقعا يتوجب التشديد في متابعته".
وإذ لا يمكن تجاهل انّ المؤسسات المعنية تقوم بواجبتها كاملة عند ورود اي شكاوى او تحول قضية ما الى رأي عام، فلا يمكن للوزارات المعنية ان تضع مراقبا 24\ 24 في كل مركز، الا انّ التشدد في المراقبة الدورية وسن قوانين اكثر تشددا قد تكون مطلوبة في هذه المرحلة.
وبحسب حمية: "على الوزارات المعنية أن تتكفل بمتابعة شروط العمل بشكل مستمر في هذه المراكز وتطبيق القوانين بصرامة، وخصوصا في الحضانات التي تربي اجيالا للمستقبل، وتتعاطى مع فئات غير قادرة على التعبير. وهنا أوجه رسالة للاهل مهما كانت ظروفكم وانشغالاتكم، احرصوا على ملاحقة اولادكم، اسالوا عن ترخيص الحضانة، عن تخصص المربيات، راقبوا كل زاوية في المكان، اسألوا عن عدد الاطفال في المركز، وقبل كل ذلك راجعوا اولوياتكم مع اولادكم وخصوصا في هذه المرحلة العمرية الخطيرة، فمهما كان هناك من ايجابيات تقدمها هذه الدور ،الا انّ هناك ضريبة كبرى يجب التنبه اليها. ولا نتحدث من باب التنظير وانما من باب الحرص".
 
الضحية والمجرم

ويتابع حمية: "وعندما نقول ما خفي كان أعظم، نصل بطبيعة الحال الى دور الايتام والعجزة، ونطلب من المعنيين الكشف المستمر على هذه المراكز وتعزيز دور الاخصائي النفسي والمرشد الاسري فيها". فهل يحتاج الضحية الى علاج نفسي، وماذا عن الشخص "المجرم" الذي قام بالتعنيف؟
يجيب حمية: "بالطبع، العلاج للجهتين. اولا للاطفال او الايتام او المسنيين الذي يخضعون الى صدمات مستمرة بسبب سوء المعاملة، وبالتالي الحاجة الماسة الى الدعم النفسي لتجاوز اي مرحلة خطيرة. وكذلك الحال بالنسبة الى المعنفيين، فهؤلاء مرضى ايضا، ولا نتحدث من باب التبرير والاعفاء من العقوبة، بل نتحدث عن مرضى يعانون من اضطرابات سلوكية، وهؤلاء يحتاجون بالدرجة الاولى الى متابعة نفسية على اساس القاعدة التي تقول، كلنا مرضى بشكل او باخر".
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك