Advertisement

لبنان

هذا ما كشفته رسالة الراعي الفصحية

اندريه قصاص Andre Kassas

|
Lebanon 24
02-04-2024 | 02:00
A-
A+
Doc-P-1182108-638476448387790827.jpg
Doc-P-1182108-638476448387790827.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
كشفت رسالة الفصح للبطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي بما لا يقبل الشك أن في لبنان فئتين من اللبنانيين هما على ضفتين متقابلتين ومتناقضتين، في الشكل والمضمون، وأن لكل منهما تفكيرًا مختلفًا في الجوهر وفي الأداء، وأن ما يباعد بينهما أكثر بكثير مما يقرّب بينهما، وإن كانا يعيشان تحت سماء واحدة، وفي ظل قانون واحد ولو نظريًا، وأن تلاقيهما على قواسم مشتركة قد أصبح من سابع المستحيلات، إذ لكل منهما نظرته الخاصة عن أي لبنان يريد، وكيفية العيش فيه. وهذا ما يعيدنا تقريبًا إلى نظرية "هونغ كونغ" و"هانوي"، التي كانت سائدة في الزمن الذي سبق اغتيال الرئيس رفيق الحريري. وهذا ما يفسّر عدم التوصّل إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية في ظل التمديد لفترة الشغور شهرًا جديدًا يُضاف إلى الأشهر الماضية، التي تتراكم شهرًا بعد شهر من دون أن تلوح أي بادرة أمل في وضع حدّ لهذا الفراغ القاتل في سدّة الرئاسة الأولى المسندة مسؤوليتها، عرفًا، إلى أحد الموارنة.
Advertisement
 
صحيح أن الأزمة الرئاسية كانت قبل حرب غزة وحرب الجنوب، وهي نتيجة يراها البعض طبيعية لعدم توافق اللبنانيين المختلفين على كيفية انقاذ بلدهم مما هو غارق فيه من أزمات اقتصادية واجتماعية ومعيشية، ولكن ما هو صحيح أيضًا هو أن فئة من اللبنانيين عبّرت عنها، حضوريًا وغيابيًا، رسالة الفصح، ترى أن الفئة الأخرى وعلى رأسها "حزب الله" تأخذ لبنان رهينة من خلال فتح جبهة الجنوب بقرار فردي، وكأنها أرادت أن تكرّس واقعًا مفروضًا من جهة، ومرفوضًا من جهة أخرى، لمعادلة مصادرة قرار الحرب والسلم من يد الدولة. وبهذه المعادلة يكون "الفريق الممانع"، وفق نظرية "الفريق المعارض"، قد ألغى المساحة الضيقة، التي كان من الممكن أن يتحرّك فيها اللبنانيون الآخرون، الذين لا ينتمون إلى أي من هاتين الفئتين المتناقضتين، والذين كانوا يهدفون في تحركّهم، وإن كان محدودًا، إلى الغاء لخطوط التماس الفاصلة بين هاتين الفئتين المتمترستين وراء مواقف هي أشبه بأكياس الرمل، التي كانت تفصل بيروت إلى "بيروتين".   
 
وعلى رغم هذا التباعد في الرؤية والنهج بين خطّين متوازيين فإن الذين لا يزالون يؤمنون بإمكانية التلاقي يواصلون تحرّكهم لعل وعسى يصل المتخاصمون والمتناحرون والمختلفون إلى كلمة سواء، بعد أن يكتشفوا أن تشبث كل منهم بموقفه وإصراره على أن الحق إلى جانبه لن يبني وطنًا موحدًّا، بل أوطان مشرذمة ومقسّمة.
ومقابل الفئة التي تعبّر "بكركي" عن هواجسها وتحرّك الفئة التي تضع نفسها في خانة الاعتدال، فإن الفريق "الممانع"، والذي تعبّر عنه "حارة حريك" يرى أنه لو لم تفتح "المقاومة الإسلامية" جبهة الجنوب "دعمًا لشعبنا الفلسطيني الصامد في قطاع غزة واسنادًا لمقاومته الباسلة والشريفة" لكان الإسرائيلي "يتنزّه" اليوم في شوارع الحمرا وفي جونيه، تمامًا كما كانت الحال يوم تصدّى "حزب الله" لـ "داعش" و"النصرة" في الجرود لمنعهما من الوصول إلى الساحل الكسرواني مثلًا. وهذا ما عبّر عنه بوضوح المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان في ردّه على البطريرك الراعي.
 
فهذا الاختلاف في النظرة إلى لبنان وكيفية الدفاع عنه، سواء بـ "الحياد" الذي ينادي به الراعي، أو بـ "المقاومة"، التي يدعو إليها "حزب الله" كسبيل وحيد لإنقاذ لبنان، يُترجم يوميًا بمواقف متصاعدة ومتدرجة، بحيث تبلغ مستوى يصعب معه النزول عن الشجرات الباسقة، على أن الحل الممكن متوافر، وهو اللجوء إلى دستور الطائف، الذي لا يزال ساري المفعول، والاحتكام إليه وحده في الاستحقاقات الداهمة، ومن بينها بالطبع الانتخابات الرئاسية، وكذلك المؤسسات الشرعية، التي لا تزال قائمة وتعمل، ومن بينها مؤسسة الجيش، الذي أثبت عبر التجارب السابقة أنه الضمانة الوحيدة لوحدة بدأت معالمها تتلاشى تدريجيًا وتصاعديًا.
 
 
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك
Author

اندريه قصاص Andre Kassas