دعا شيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز الشيخ الدكتور سامي ابي المنى الدولة
السورية، "لتقديم ضمانات للموحدين
المسلمين فيها، تؤمن الاستقرار وسلامة أمنهم وعيشهم
الكريم، للوصول الى الحل المنشود على مستوى جرمانا وصحنايا والاشرفية، كمقدمة لمحافظة السويداء ايضا"، معتبرا انه" بشجاعة الاتفاق والتفاهم نصل الى بناء الدولة العصرية التي نريدها جميعا. ورافضا المطالبة بأي تدخل دولي"، ومحذرا من "مخططات توسعية وإغراءات، لاجتذاب مكوّن سوري، اذ ان طائفتنا لا تريد الانفصال او انشاء كيان مستقل عن الوطن السوري".
كلام الشيخ ابي المنى جاء في مقابلة الى محطة "
الجزيرة مباشر" بخصوص تطورات الأوضاع في
سوريا، وقراءته للمشهد الحاصل، قائلا: "نقرأ المشهد بتمعن والأمور ليست واضحة تماماً، هناك مبادرات ولكن هناك حذر، ونتمنى ان نصل الى مرحلة عدم وجود هذا الحذر والتخوّف، وتلك مسؤولية الدولة ومسؤولية الأمن العام وهي ايضاً مسؤولية الوجهاء والعقّال والأهالي، لكنها مسؤولية الدولة بالدرجة الأولى، بان تنشر الثقة والاطمئنان بين ابنائها".
اضاف: "ابناؤنا في صحنايا، في الأشرفية، في جرمانا، في السويداء ليسوا بخارجين على القانون ولا يرضون بان يصنفوا كذلك، فهم ابناء الدولة، وعبر تاريخهم وفي تراثهم، هم بناة الدولة ومساهمون في استقلالها ولا يرضون بان يصنفوا وكأنهم ضدها، ولكن على الدولة ان تقدّم لهم ضمانات وان تقدم لهم ما يؤمن لهم استقرارهم وسلامتهم وامانهم وعيشهم الكريم، هذا ما نسعى اليه وما نأمل ان يسعى دائما المسؤولون والوجهاء الى تنفيذه. ما اتفق عليه جيد، بان تكون هناك ضوابط أمنية وأمور تعالج بروية وبحكمة، ولكن الأمر بيد الدولة وبالتعاون مع الأهالي. لا يمكن للدولة ان تفرض الأمر فرضاً وكأن الأهالي من كوكب آخر، الأهالي هم أبناء هذه المنطقة، على الدولة ان تسعى بان يكونوا مرتاحين ومطمئنين، فيكونوا مساهمين في بناء الاستقرار وفي المشاركة في الدولة. اما السلاح فلم يكن يوما للخروج على الدولة، ولم يكن يوما للاعتداء، بل كان عبر التاريخ لحماية الأرض والعرض والكرامة، ربما حصلت بعض الأمور التي أدّت الى التخوف وأدّت الى التمسّك بالسلاح، على الأقل السلاح الفردي، اذ لا حاجة لسلاح ثقيل. فلسنا في معركة مع الدولة ولا يرضى أبناؤنا هناك أن يكونوا في المواجهة مع الدولة، إنّما السلاح الخفيف هو لحماية البيوت من السرقات والتعدّيات والانتهاكات، ويجب ان تأخذ الدولة هذا الأمر بعين الاعتبار، ولا يكون الامر بنوع من التشفّي والتشنج او القسوة وكأنهم تحت المقصلة، وعليها ان تبرهن هذا الأمر".
تابع شيخ العقل: "يجب ان يكون هناك حوار وتفاهم وتسوية، هناك عقلاء في السويداء ونحن على تواصل معهم، الأمر يحتاج الى طمأنة الناس ويحتاج الى شروط وضوابط وضمانات. نحن نتكلم هنا مع المعنيين بالأمر مع
الدول العربية ومع سفراء الدول العربية ومع سفير
تركيا، ومع
الأمم المتحدة ومع الجامعة العربية، هم بادروا الى زيارتنا والسؤال عن الموضوع. نحن لا نطالب بتدخل دولي اطلاقاً، يجب على سوريا أن ترعى شأنها وأن تنهض بدولتها، ولكن الدول الشقيقة والمعنية بالموضوع والأمم المتحدة والجامعة العربية يجب أن تساهم جميعها في تقديم ضمانات، أي أن تحاور، والاستاذ
وليد جنبلاط زار الرئيس
الشرع وتكلّم معه، وعليه ان يقدم المبادرات والضمانات. الأمر يحتاج الى حوار، هناك خيوط وعناصر تساعد، أكان من
لبنان أو من سوريا، وسوريا فيها ما يكفيها من الوجهاء والعقلاء، أو كان من الأشقاء العرب ومن تركيا والأمم المتحدة والجامعة العربية، هذا ما نسعى إليه دون أن يصنّف او يفسّر ذلك بانه طلب لتدخل دولي وهذا أمر مرفوض، وعلينا أن نتمعّن في الأمر فنرى أن لإسرائيل أطماعها، لذلك يجب أن نكون متيقظين وحذرين لانه يمكن أن يكون مخططات توسعية أو نوع من الإغراء او الإيحاء بحماية ما، كما حصل، فتثير القلق والبلبلة وتخلط الأوراق. علينا أن نقطع الطريق على اي تدخل خارجي بتفاهم داخلي، وهذا ما نأمله، بالنسبة لطلب الحماية الدولية نحن نعطي رأينا في الموضوع ونقدّم انفسنا للخدمة وللمساعدة، أما القرار فهو لأهلنا في سوريا واذا كان هناك من بعض التباين بينهم فهناك من يساعد في توحيد الموقف، لان المرحلة تاريخية ومفصلية وتتطلب موقف موحد، نحن تواصلنا عبر الأيام الماضية نتيجة المحنة التي مرت على أشرفية صحنايا وفي جرمانا والتي أدّت الى ما أدّت اليه من انتهاكات وتعدّيات وإصابات وسقوط
شهداء، تواصلنا مع من يسعى الى توحيد الكلمة في السويداء وهذا أمر طبيعي وعلى الجميع أن يتعاونوا مع هذه المساعي، نحن نساعد من هنا ونحثّ اخواننا على الاتفاق والتفاهم لكي يكون موقفهم موحّداً في تحديد الأمور والمطالب وفي التفاهم مع الدولة، وعلى الدولة كذلك ان تكون متجاوبة وان تفسح في المجال، الأمر ليس كُن فكان، يجب ان يكون حوار وتفاهم وطمأنة للناس أولاً واخيراً، كي لا يكون هناك صدام آخر هنا او هناك ومرة بعد مرة".
وردا على سؤال حول ثمار ونتائج الجهود المبذولة، قال الشيخ ابي المنى: "هناك جهود إن كان من الأستاذ وليد
جنبلاط أو من الشخصيات السورية ومن أبناء الجبل، أو من قبلنا في مشيخة العقل، فنحن على تواصل دائم مع شيوخ العقل،
سماحة الشيخ الهجري، سماحة الشيخ الحناوي، سماحة الشيخ جربوع وكذلك مع الشخصيات من أبناء العائلات العريقة والنخب من أصحاب المواقف ومن المثقفين، نحن على تواصل معهم وهم مقتنعون بانه لا بد من تسوية ومن اتفاق يريح الجانبين ويريح الدولة لأننا نريد الدولة ونريد المساهمة والمشاركة في بنائها، ولكن أنا أحمّل الدولة المسؤولية لكي تطمئن الناس ولكي تجذب الناس الى هكذا تسوية وهكذا تفاهم لا أن تخيفهم بتصرفات يمكن أن تدفعهم الى المواجهة لا سمح الله- انا متفائل بانه يمكن ان نصل الى اتفاق قائم على وحدة الموقف، بالتلاقي والحوار مع الدولة، وأعود وأقول بأنه لا يجب ان يكون هناك تدخل خارجي، خاصة التدخل الاسرائيلي الذي يخلط الأوراق، كما حصل في القصف منذ أيام الذي يعقد الأمور، أقول ذلك ليسمع أهلنا في الداخل الفلسطيني. ان محبتهم واندفاعهم لحفظ اخوانهم ولمساعدتهم أمر مبرّر يشكرون عليه فهذا تاريخهم، ولكن اليوم لا يمكن ان نعقد الأمور أكثر، فلنترك الأمور لأهلنا في سوريا ليتصرفوا بما يمليه عليه تاريخهم ودينهم وارثهم الاجتماعي والوطني.
وعن تدارك ما هو اسوأ، قال: "لقد ألمحت الى تلك اليد الخفية التي يمكن ان تغري الدروز، الذين يعيشون منذ سنوات حالة الفقر والحاجة للعيش الكريم والكثير من مقومات الحياة، فتغريهم تلك اليد بالدعم والمساعدة والحماية. المساعدة الانسانية لا ترفض ولكن الحماية التي تهدف الى ما تهدف اليه من سيطرة ومن اجتذاب مكون من مكونات الشعب السوري هذا امر خطير هم لا يريدون الانفصال اطلاقا وهذا ما قاله كل من تكلمت معه من اصحاب السماحة ومن العقلاء ومن ابناء الجبل، ابدا...لا يريدون الانفصال ولا يريدون ان تكون لهم منطقة خاصة بهم وكأنها مستقلة عن سوريا ابدا، هم يريدون سوريا وطناً واحداً، وهم مع وحدة سوريا ارضا وشعبا، هذا هو تاريخ سلطان باشا الأطرش وتاريخ آل الهجري وآل جربوع وآل الحناوي وكل العائلات العريقة، التي تعتز باصولها وجذورها العربية والتي تعتز بهويتها العربية وبدينها
الاسلامي الحنيف ومذهبها التوحيدي، هذا لا يخرجنا ابدا عن الاسلام ولا عن العروبة ولا بان تكون هذه المرحلة مختلفة عن ما نحن أساساً عليه. لذلك حذرنا ونحذر ونخشى من مخططات ولذلك نتكلم مع الأمم المتحدة ومع الدول الصديقة وسيزورنا سفراء من
اوروبا قريبا، وتكلمنا مع السفراء العرب ومع سفير تركيا، لكي نؤكد على هذه الهوية وعلى هذا الواقع وتلك الهواجس ولنؤكد على المطالب".
وحول المحاولات الاسرائيلية للعب على التناقضات كذريعة للتدخل، قال سماحة شيخ العقل: "لست بمحلّل سياسي، فهناك العديد من التحليلات التي نقرأها، وهذا واحد منها بان لاسرائيل أطماع وهي تلعب على التناقض الداخلي او تلعب على العواطف، فهناك من يرغب في الاتصال مع أهله في اسرائيل في
فلسطين كما حصل في الزيارة
الدينية التي هي محض دينية بعد أكثر من
ستين سنة من الانقطاع، فيزور الأهل احباءهم هذا أمر مختلف، ولكن أتت هذه الزيارة في هذه الظروف التي يخشى فيها من المخططات والتغيرات وبأن تأخذنا الى ما نريده. لذلك قلنا أننا يجب أن نحكّم العقل فتزال التناقضات وتحل الأمور بالنقاش والتفاهم، ولو كان هذا التفاهم خطوة خطوة، كما يحصل في محيط
دمشق، فنحن الآن أمام حل في جرمانا وصحنايا والاشرفية، عسى ان يكون مقدمة لحل آخر في السويداء، ولن يكون ذلك بكبسة زر، ولدينا كما قلت عناصر عديدة أصبحت موجودة ومشجّعة لقيام مثل هذا الحوار. لذلك اقول بأنني متفائل وان الدروز هم على ما هم عليه من أصالة وشجاعة وبطولة ورجولة، ولكن يجب أن تفسّر اليوم بشجاعة الاتفاق والتفاهم لنصل الى بناء الدولة العصرية التي نريدها جميعا".