لا تعني إدراج دولة في "
القائمة الرمادية" التابعة لمجموعة العمل المالي (FATF) أنها متورطة مباشرة في عمليات فساد أو تمويل غير مشروع، بل هو تحذير دولي بوجود ثغرات تشريعية ورقابية قد تجعلها بيئة قابلة للاستغلال في جرائم غسل الأموال أو تمويل الإرهاب. هذه الخطوة تضع الدولة تحت مراقبة معززة وتفرض عليها الإسراع في تنفيذ إصلاحات قانونية ومؤسساتية صارمة لحماية سمعتها واستقرارها المالي.
في العالم العربي، شهدت السنوات الأخيرة دخول وخروج عدة دول من هذه القائمة، بحسب التزامها بخطط الإصلاح وتطور بيئتها السياسية والاقتصادية. في ما يلي شرحٌ مبسّط لطبيعة القائمة، الدول المدرجة حالياً، وتلك التي خرجت منها بعد إجراءات تصحيحية.
فأي
الدول العربية مدرجة حالياً في القائمة الرمادية؟
اعتباراً من أخر تحديث رسمي صادر عن
مجموعة العمل المالي في شباط 2025، تُدرج الدول التالية من المنطقة العربية ضمن "القائمة الرمادية":
الجزائر
أُدرجت الجزائر في تشرين الاول 2024 إثر تقييم مشترك مع مجموعة العمل المالي لمنطقة
الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (MENAFATF)، بسبب ضعف الإشراف على المخاطر، وغياب إطار فعال لبيانات المستفيدين الحقيقيين، ونقص في تقارير المعاملات المشبوهة.
تعمل الجزائر على تنفيذ خطة عمل تشمل تعزيز الإشراف المالي، وتطوير نظام تقارير المعاملات المشبوهة، وتحديث الإطار القانوني للعقوبات المالية المستهدفة.
لبنان
أُضيف لبنان إلى القائمة في تشرين الاول 2024 بسبب انهيار نظامه المصرفي، واعتماده المتزايد على المعاملات النقدية، ما يعكس ضعف الثقة في النظام المصرفي ويصعب مهمة تتبع التدفقات النقدية، بالإضافة إلى انعدام استقلالية
القضاء، ومخاوف تمويل الإرهاب.
وتسعى
السلطات اللبنانية لتنفيذ خطة إصلاح شاملة لتعزيز نظام مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
سوريا
أُدرجت سوريا في القائمة منذ شباط 2010 بسبب ثغرات استراتيجية في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، ورغم بعض التحسينات، لا تزال سوريا تتعاون مع مجموعة العمل المالي لمعالجة أوجه القصور.
اليمن
أُدرج اليمن في شباط 2014 لعدم القدرة على تنفيذ الإصلاحات بسبب الوضع الأمني، رغم استكمال
خطة العمل المتفق عليها، مع ذلك، يواصل اليمن جهوده لتعزيز نظام مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
وعليه، ما الدول العربية التي خرجت من القائمة؟ وما التدابير التي اتبعتها؟
خرجت ثلاث دول عربية من "القائمة الرمادية" بعد تنفيذها إصلاحات شاملة في أنظمتها لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. هذه الدول هي:
الإمارات، والمغرب، والأردن.
الإمارات
أُدرجت الإمارات في "القائمة الرمادية" في آذار 2022 بسبب "نواقص استراتيجية" في نظامها لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب مثل ضعف فهم المخاطر ومحدودية استخدام المعلومات المالية، وتحديات تنفيذ
العقوبات.
ثم خرجت الإمارات من القائمة الرمادية في 23 شباط 2024 بعد تنفيذ سلسلة من الإصلاحات المؤسسية والتشريعية، شملت إنشاء
المكتب التنفيذي لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب لتعزيز التنسيق الوطني، وتأسيس محكمة متخصصة في الجرائم المالية، إلى جانب تحديث القوانين الجنائية وتشديد العقوبات ذات الصلة.
كما رفعت الدولة وتيرة التحقيقات والملاحقات القضائية، وفعّلت نظام الإبلاغ عن المعاملات المشبوهة. وقد أشادت"فاتف" بهذا التقدم، معتبرة أنه كافٍ لرفع اسم الإمارات من القائمة.
المغرب
أُدرج المغرب في "القائمة الرمادية" بسبب ضعف الإشراف القائم على المخاطر، وعدم كفاية دقة معلومات المستفيدين الحقيقيين من الكيانات القانونية، وقصور في تنوع تقارير المعاملات المشبوهة، وفعالية محدودة في التحقيقات والملاحقات القضائية.
شُطب المغرب من القائمة الرمادية في شباط 2023 بعد تنفيذه سلسلة من الإصلاحات الجوهرية في إطار خطة العمل المتفق عليها مع مجموعة العمل المالي.
وشملت التدابير تعزيز الإطار القانوني والتنظيمي لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتحسين فعالية التحقيقات والملاحقات القضائية، وتحديث نظام الإبلاغ عن المعاملات المشبوهة، إلى جانب تعزيز
التعاون الدولي وتبادل المعلومات المالية.
الأردن
أدت ثغرات مثل ضعف الإشراف القائم على المخاطر، ونقص بيانات المستفيدين الحقيقيين، وقصور الملاحقات القضائية، وعدم فعالية نظام العقوبات المالية إلى إخضاع الأردن لمراقبة معززة من قبل "فاتف".
وبعد أن تبنت الدولة إصلاحات شملت تحسين الشفافية في بيانات المستفيدين الحقيقيين، وتعزيز التحقيقات والملاحقات القضائية في قضايا غسل الأموال،وتشديد الرقابة على المنظمات غير الربحية، وتحسين نظام العقوبات المالية المستهدفة، أزيل الأردن من القائمة الرمادية في تشرين الاول 2023. (بلومبرغ)