كتب سركيس نعوم في" النهار":يبدو أن إدارة الرئيس
الاميركي دونالد ترامب تحاول دفع "
حزب الله" إلى التراجع، علماً أن الوقت ليس ملائماً الآن للتصرّف مع "حزب الله" بشيء من الرفق. في أي حال، لدى
واشنطن، يضيف باحث أميركي بارز خيارات أخرى إذا قرّرت التحلّل من التزامها السياسي مع
لبنان، وهي تمتلك خيارات أخرى لمعالجة الوضع اللبناني –
الإسرائيلي، أبرزها الآتي:
- خفض دعم المؤسسات المالية الدولية للبنان مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، ومن شأن ذلك تعطيل إعادة بناء ما دمّرته الحرب في لبنان، وهو كثير، وتشجيع مانحين دوليين على القيام بالأمر نفسه. فالمملكة العربية
السعودية أنذرت أساساً وبقرار منها لا علاقة له بأميركا ودول كبرى أخرى، أنذرت
بيروت لأنها لن تُرسل مساعدات متنوّعة لإعادة بناء لبنان أو ما دُمّر منه ما لم ينزع "حزب الله" سلاحه أو يُنزع منه.
- إنهاء مهمة قوات حفظ السلام الدولية "اليونيفيل" في لبنان أو على الأقل تقليصها. فمجلس الأمن الدولي سيناقش قريباً جداً طلب لبنان التمديد لـ"اليونفيل"، وهذا أمر يُجرى سنوياً استناداً إلى قرار
مجلس الأمن الذي أنشأ هذه القوة. ويمكن في هذه المرحلة مناقشة طلب التمديد بقوة وموضوعية في ظل إحجام دولة لبنان عن القيام بالمهمات الموكلة إليها بموجب القرار 1701. ويعني ذلك التهديد بتقليص عديد هذه القوة، وهو يبلغ الآن نحو عشرة آلاف جندي.
- التصرّف بجدية في موضوع استهداف نفوذ "حزب الله" داخل الدولة
اللبنانية. فالعقوبات الأميركية الحالية ركّزت على تمويل "حزب الله" نفسه واستهدفته لعدم تعاونه مع المؤسسات الأمنية اللبنانية. على إدارة
ترامب أن تفكّر في استهداف المسؤولين الكبار (المفتاحيين) داخل هذه المؤسسات وخصوصاً الذين منهم يعملون مع "حزب الله" أو يتواطأون معه. وتستطيع واشنطن أيضاً أن تضغط على
الجيش اللبناني وقوات الأمن الداخلي لكي يفكّا تنسيقهما مع "حزب الله".
ماذا تفعل
إسرائيل في هذه الأثناء؟ ستواصل من دون أدنى شك استهدافها الجوي لأهداف "حزب الله" في الدولة كلها. وفي الحقيقة، في ضوء التمنّع أو الامتناع المُزمن للحكومة اللبنانية عن مواجهة "الحزب"، فإن تحرّكاً عسكرياً إسرائيلياً قد يكون السيناريو الذي تفضّله بيروت. طوال عقود من الحرب الأهلية في لبنان، اختلف المسؤولون اللبنانيون على
القضايا الصعبة، لكنهم سعوا إلى تفادي الحرب الشاملة.
ويبدو أن تجاوبهم مع توم برّاك يتناسب مع هذه المقاربة. واستمرار هذا النهج في إرجاء التعامل مع سلاح "حزب الله" ليس آمناً على الإطلاق. وهو كان من جهة ذا أثر مهم على الناس وجعلهم يتعايشون مع هذا الواقع الصعب، كما أنه دفع إسرائيل إلى التدخل عسكرياً.
في اختصار، الحكومة الجديدة في بيروت تريد بوضوح إنهاء الضربات الجوية
الإسرائيلية والمحافظة على علاقتها بواشنطن. ولكن ما دام "حزب الله" يحتفظ بأسلحته أو على الأقل بما تبقى منها بعد الاستهداف الإسرائيلي الأخير له، فإن السياسات اللبنانية لن تعكس حقيقة ما بعد الحرب، وستبقى السيادة ضائعة.