رغم التراجع الذي شهده
لبنان في القطاع الصحي بعدما كان يُعرف بـ"مستشفى
الشرق الأوسط"، لا تزال الطواقم الطبية
اللبنانية تبرز التزامها وكفاءتها العالية في الاستجابة السريعة.
فقد أثبت الفريق الطبي جدارته منذ جائحة
كورونا، مرورًا بانفجار مرفأ
بيروت والحرب الأخيرة، ولا سيما خلال عملية "البيجر"، حيث قدّم كل ما يستطيع لعلاج الجرحى والمصابين وتقديم الرعاية الصحية بأقصى طاقته.
وفي تصنيف حديث نشره World Population Review لقياس جودة الخدمات الصحية والبنية التحتية الطبية عالميًا، تصدرت الإمارات
الدول العربية بالمرتبة 17 عالميًا، تلتها
السعودية في المركز 37، ثم تونس في المرتبة 49، فيما احتل لبنان المركز 50 رغم
التحديات الاقتصادية الكبيرة التي يعانيها.
كما سجلت البحرين والأردن مراكز متقدمة على مستوى المنطقة بفضل جودة خدماتها الطبية وسمعة كوادرها.
ويُعد وجود لبنان ضمن أفضل 50 دولة عالميًا في جودة الخدمات الصحية إنجازًا مهمًا، بالنظر للفجوة الاقتصادية بينه وبين الدول الأخرى المدرجة في التصنيف.
ومنذ انهيار الليرة وألزمة الاقتصادية، التي أثرت سلبًا على تمويل المستشفيات وتوفير الأدوية والمستلزمات الطبية، عانى لبنان من هجرة الكوادر الطبية، حيث غادر نحو 3,500 طبيب و3 آلاف ممرض إلى الخارج بحثًا عن فرص أفضل، بينما أدى نقص الدعم الحكومي إلى تفاقم الأزمة.
إلا أن القطاع الصحي شهد مؤخرًا عودة تدريجية للحركة الطبية، ليعود لبنان وجهة رائدة على المستوى الإقليمي والعالمي.
فوجود أطباء وممرضين ذوي كفاءة عالية، كثير منهم تدرب في الخارج وعاد للعمل محليًا، ساهم في رفع جودة الخدمات الطبية وجذب المرضى من مختلف أنحاء العالم، لا سيما إلى مستشفيات بيروت ومدن مثل جونيه وزحلة.
وتلعب السياحة العلاجية دورًا أساسيًا في هذا النجاح فيزور حوالي 10% من السياح لبنان لأغراض طبية، مولّدين إيرادات تُقدّر بـ 1.2 مليار دولار سنويًا، ومساهمين في خلق فرص عمل.
كما يعزز القطاع الخاص هذا النمو من خلال استثماراته المستمرة في المستشفيات والمراكز الطبية، حيث تمتلك هذه المنشآت نحو 80% من المرافق الصحية في البلاد، مع التركيز على تطوير البنية التحتية والحفاظ على معايير عالمية للرعاية الصحية.
وفي النهاية، يبرهن اللبنانيون مرة جديدة أنّ الأزمات مهما اشتدت لا تستطيع أن توقف عزيمتهم. إنجازاتهم المتواصلة رسالة واضحة للعالم أن الأمل يبقى حاضرًا، والقدرة على النهوض والتجدد دائمًا أقوى من أي صعاب.