كتب غاصب المختار في" اللواء": لعلّ كلام رئيس الجمهورية الى قائد الجيش: «لن يثني شيئاً الجيش عن القيام بدوره الوطني؛ لا الحملات المشبوهة، ولا التحريض، ولا التشكيك من أي جهة أتى، من الداخل أو الخارج»، أسهم في مزيد من «بخ السم اللبناني» لدى الأميركيين المتطرفين، حتى جاء الاتهام الأميركي ضمنياً لرئيس الجمهورية بالتراخي في جمع سلاح الحزب، مع انه يؤكد يومياً لزواره المحليين والعرب والأجانب ان القرار إتُّخذ وان التطبيق يشمل جنوبي نهر الليطاني ولاحقا المناطق الأخرى.
لقد أظهر إلغاء مواعيد العماد هيكل مع المسؤولين الأميركيين النوايا والتوجهات الحقيقية للإدارة الأميركية بعيداً عن التكاذب السياسي والدبلوماسي والوعود والتعهدات الفارغة من المضمون بدعم سيادة
لبنان واستقراره.
في القرار الأميركي المتعلق بقائد الجيش، ان السبب المعلن على لسان كبار متطرفي الكونغرس الأميركي والمدعوم من بعض متطرفي الإدارة هو محل تقدير وطني كبير للجيش وقائده بتأكيده على إعتبار
إسرائيل عدواً للبنان وتحميلها مسؤولية فشل تنفيذ اتفاق وقف الأعمال العدائية ومنع استكمال انتشار الجيش في باقي مناطق الجنوب، وهو أمر لا جدال فيه وقد أكدته القوات الدولية – يونيفيل في كل بياناتها.
في معلومات «اللواء» ان الرئيس عون أجرى منذ لحظة شيوع خبر إلغاء لقاءات العماد هيكل وبالتالي إلغاء الزيارة، اتصالات بالدول المعنية بالوضع اللبناني لا سيما الأميركي، لمعرفة دقائق وحقائق خلفيات القرار الأميركي وما الذي وصل الى الأميركيين وعن طريق مَنْ، بإنتظار معرفة الأجوبة قريباً، لكن كل ما جرى لم يغيّر لا في موقف الرئيس ولا في موقف قيادة الجيش من مقاربة الوضع الجنوبي، لأن الحقائق ماثلة أمام الجميع حول ما يقوم به الاحتلال ومن يمنع استكمال مهمة الجيش. ولكن حسب المعلومات، لم يصل الى المسؤولين الرسميين ما يوحي أو يشير الى وقف الدعم الأميركي عن الجيش، وكل ما يقال هو تحليلات وإجتهادات وليست امراً واقعاً.
لعلّ كشف المستور الأميركي ولو متأخرا - والمعلوم أصلاً من دون تصريحات متطرفي الكونغرس - أفضل من أن لا ينكشف ويبقى الرياء والكذب والتعهدات اللفظية هي السائدة والتي كان يركن إليها المسؤولون في لبنان، برغم معرفتهم الكافية بإنحياز الإدارة الأميركية للإحتلال. وبات كل من يروّج للمنطق الأميركي غائباً عن الوعي وبعيداً عن الحقيقة، فكل همّ الأميركي تقوية موقف العدو
الإسرائيلي وتسفيه وإضعاف موقف الدولة
اللبنانية تحت ذريعة «البطء في إنهاء جمع السلاح»، وكأنه هو المشكلة الوحيدة أو الأساسية وليس استمرار الاحتلال والعدوان اليومي الجوي والبري والبحري هو جوهر المشكلة.
وكتب معروف الداعوق في" اللواء":لم يكن وقع الغاء زيارة قائد الجيش رودولف هيكل الى
الولايات المتحدة الاميركية مريحا، بل مقلقاً، لما يحمله هذا الحدث من مؤشرات سلبية على العلاقات السياسية بين البلدين في هذا الظرف بالذات، وعلى اوضاع المؤسسة العسكرية.هناك من يعتبر من المراقبين ان الغاء زيارة هيكل ، انما هو تعبير عن استياء الادارة الاميركية من سياسة وتصرفات المسؤولين اللبنانيين المتراخية بالتعاطي مع عملية نزع سلاح
حزب الله، والتباطؤ الملحوظ في استكمال هذه العملية بالسرعة المطلوبة، بل اكثر من ذلك وهو التغاضي عن مخالفات حزب الله في تجاوز القوانين واعادة تنظيم اوضاعه وتعزيز سلاحه والاستمرار باستباحة الدولة .
من وجهة نظر المراقبين، لا تبدو خطوة الغاء زيارة قائد الجيش اللبناني الى العاصمة الاميركية حالياً، اكثر من رسالة اعتراض سياسية اميركية محددة، على بعض جوانب ما قيل وتردد بأنه «محاباة» السلطة لحزب الله.
وفي اعتقاد هؤلاء المراقبين، ان ما حصل لا يعدو اهتزازا محدودا بالعلاقات بين البلدين، يمكن تسويته بعد توضيح وتفسير ما قامت به الدولة وما انجزه الجيش من مهام يعتد بها، والمعلومات التي تتردد تفيد بأن زيارة قائد الجيش لواشنطن ، لم يتم الغاؤها وانما تأجلت لبداية العام المقبل، ليتسنى للمسؤولين الاميركيين الاطلاع عن كثب على ما انتهت اليه المرحلة الاولى من نزع سلاح الحزب جنوب الليطاني، بعد ان يكون القائد قد وضع تقريره بهذا الخصوص ورفعه الى مجلس الوزراء.
وكتبت روزانا بو منصف في " النهار": خلال أعوام طويلة ماضية بذل سفراء أميركيون على التوالي جهوداً جادة مع الكونغرس الأميركي من أجل إقناعه بصوابية دعم الجيش اللبناني والرهان عليه لاستعادة سلطة الدولة من "حزب الله" ودحض التماهي أو تأثير الأخير على الجيش. ولأعضاء الكونغرس اليد الطولى في إقرار المساعدات العسكرية الأميركية للجيش التي تجاوزت قيمتها 3 مليارات دولار منذ عام 2006.
الأزمة التي أدت إلى إلغاء زيارة قائد الجيش العماد رودولف هيكل لواشنطن قابلة للمعالجة، ومعالجتها سريعاً ضرورة ماسة وملحة لمصلحة لبنان وحصر أضرار تداعيات الموقف الأميركي حتى لو أن هناك اقتناعاً بأن هناك مصلحة للولايات المتحدة الأميركية أيضاً بالاكتفاء بالرسالة وتأثيرها في ظل المعطيات الراهنة المتصلة بإضعاف النفوذ الإيراني في لبنان. .
لم تمر ثلاثة أسابيع على إشادة قدمها رئيس لجنة رقابة وقف النار في الجنوب الجنرال جوزف كليرفيلد بعد الاجتماع الثاني عشر لـ "كبار القادة" في 29 تشرين الأول الماضي وحضور المستشارة مورغان أورتاغوس. قال "إن احترافية الجيش اللبناني والتزامه جديران بالملاحظة. لقد شاهدته ينفّذ مجموعة واسعة من العمليات، بدءًا من توفير الحماية لعمليات حصاد الزيتون وصولاً إلى تنفيذ عمليات معقدة لتحديد موقع منشأة تحت الأرض، تفكيكها، وتحييدها، والتي يُعتقد أنها كانت تُستخدم من قِبل جهات خبيثة. يعكس أداؤه هذا قوة الجيش اللبناني وعزيمته الراسخة لتأمين مستقبل وطنه". ولكن الرسائل إلى لبنان توالت في الأسابيع الأخيرة من كل الاتجاهات من مصر وفرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا والبعض يقول قبل ذلك بكثير أيضاً، بما في ذلك زيارة رئيس الجمهورية إلى نيويورك. فواشنطن تجاهلت عرض رئيس الجمهورية جوزاف عون للتفاوض غير المباشر، فيما طالبت لبنان بإجراءات مالية تحد من وصول الأموال إلى الحزب، وهي تتجاهل الاستهدافات
الإسرائيلية في كل لبنان، فيما سارعت إلى إدانة زيارة رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو إلى جنوب
سوريا. إن المشهد اليوم يتسم بتصعيد خطير للمأزق الذي يواجهه لبنان. فواشنطن تشدد الخناق عليه لمقاربة مختلفة وسريعة في نزع سلاح الحزب، وتطالبه بالامتثال الكامل بإقفال أبواب تمويل هذا الأخير في الوقت الذي يرفع الحزب سقفه إما برفض سلاحه أو بالتهديد إزاء الإجراءات على شبكاته المالية مدعوماً من طهران.
يحتاج لبنان إلى سياسة استراتيجية واضحة، وإلى تحديد ركائزها وإقناع اللبنانيين بها قبل الخارج، وإلى تغيير في مقارَبته تحت طائل ازدياد الكلفة على لبنان واللبنانيين مع مرور الوقت. ويقول البعض إن الرأي العام اللبناني يبدي ملاحظات قوية على أداء السلطة تُسمع أصداؤها في واشنطن الذي بات لديها لوبي لبناني له مصالحه واعتباراته وعلاقاته الوثيقة بقادة الحزب
الجمهوري، حيث الأهمية لتقليص نفوذ
إيران في لبنان ومنع سيطرة الحزب على قراره.