Advertisement

لبنان

واشنطن ترفع "بطاقة صفراء" في وجه لبنان

اندريه قصاص Andre Kassas

|
Lebanon 24
21-11-2025 | 02:00
A-
A+
Doc-P-1444876-638993122297493797.png
Doc-P-1444876-638993122297493797.png photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
لم يقدم قائد الجيش العماد رودولف هيكل على إلغاء زيارته للولايات المتحدة الأميركية بعدما تبّلغ عن الغاء قائد الجيوش الاميركية الموعد المحدّد له، قبل أن يجري الاتصالات الضرورية، وأهمها برئيس الجمهورية العماد جوزاف عون بصفته الرئاسية أولًا، وبصفته القائد الأعلى للقوى المسلحة ثانيًا، وبصفته قائدًا سابقًا للجيش ثالثًا، وبصفة علاقاته القديمة مع الأميركيين رابعًا.
Advertisement

فقرار إلغاء الزيارة تزامن مع أربع محطات بارزة، أولاها الحملة الجائرة والقوية من قبل عدد من أعضاء في الكونغرس الأميركي المعروفة توجهاتهم السياسية المنحازة لإسرائيل، والذين اعتبروا أن عدم الترحيب بالعماد هيكل يشكل رسالة اعتراض على وصف اسرائيل بـ "بالعدو"، والتباطؤ في عملية احتواء سلاح "حزب الله".

أمّا المحطة الثانية فأتت بعد ساعات من تقديم السفير الأميركي الجديد ميشال عيسى اوراق اعتماده، مع ما ترافق من تسريب مقصود لبعض المعلومات، التي تفيد بأن التعاطي الأميركي المباشر مع لبنان سيكون محصورًا بالسفير عيسى.

أمّا المحطة الثالثة فكانت متزامنة مع حديث رئيس الجمهورية عن سعي بعض الأفرقاء إلى بث السموم لدى الإدارة الأميركية بهدف تشويه حقيقة الصورة في لبنان لغايات لم تعد خافية على أحد.

أمّا المحطة الرابعة، وهي الأهم، فإنها تتمثل بما تتعرض له المؤسسة العسكرية من حملات مشبوهة من الداخل ومن الخارج بالتزامن مع الاستهداف المباشر من قِبل إسرائيل للجيش.

الخطورة ليس بإلغاء الزيارة بحدّ ذاتها، بل بدلالاتها السياسية، التي يمكن أن تُستتبع في المستقبل، والتي يمكن إدراجها في سياق الطريقة المختلفة، التي بدأت الإدارة الأميركية تتعاطى فيها مع لبنان على كافة الصعد، خصوصًا عندما تبّلغ المسؤولون عن عدم اقتناع واشنطن بخطة "الاحتواء" العسكرية التي ينفذها الجيش في جنوب الليطاني، فيما تتعالى المطالبات الأميركية وغيرها بنزع سلاح "حزب الله" ضمن مهلة محددة أقصاها نهاية السنة في كل لبنان. ثم إن مسار العمل في لجنة الميكانيزم كان ينطوي على اهتزازات واضحة، بدليل انفجار غضب واشنطن من موقف قيادة الجيش وبيانها الأخير بتحميل إسرائيل وحدها تبعات عرقلة خطة الجيش و"اليونيفيل" وتجاهل "حزب الله". أما الدلالة الأخطر، فتتمثل في الدور الحاسم الذي يلعبه أعضاء مؤثرون في الكونغرس مثل السيناتور ليندسي غراهام لجهة الضغط الفوري على الإدارة، وهو ما يخشى أن ينسحب على تقنين أو ربما وقف المساعدات الأميركية الأساسية للجيش التي تشكل ما نسبته 90 في المئة من الدعم التسليحي للجيش.

فإلغاء الزيارة لم يكن حدثًا عابرًا أو تفصيلاً ديبلوماسيًا ثانويًا، بل جاء في لحظة سياسية وأمنية شديدة الحساسية، تُمسك فيها الولايات المتحدة بمفاصل دعم المؤسسة العسكرية اللبنانية، فيما يقف لبنان على حافة انهيار مستمر منذ أعوام. لهذا بدا القرار الأميركي أقرب إلى "بطاقة صفراء" رُفعت في وجه الدولة والجيش معًا، تحمل خلفها رسائل متعددة، وتفتح الباب أمام مرحلة جديدة قد تكون أكثر تعقيدًا في مسار العلاقات بين بيروت وواشنطن.

وبحسب مصادر ديبلوماسية، لم يكن اعتراض واشنطن على مضمون الزيارة بحد ذاته، بل على الإطار السياسي – الأمني العام الذي سبقها، وتحديدًا على ما اعتبرته الولايات المتحدة "ضبابية" في خطاب المؤسسة العسكرية حيال ملفات حساسة، في مقدمها ملف حصر السلاح بيد الدولة وخطة الحكومة لتنفيذ التزاماتها.

في نظر الأميركيين، أي تردّد أو غموض يصدر من قيادة الجيش، ولو في صيغة بيان أو موقف تقني، ينعكس مباشرة على هيكلية التعاون الأمني، لأن المؤسسة العسكرية هي آخر ما تبقى من مؤسسات الدولة القادرة على حفظ توازن ما، ولو بحدّه الأدنى.

لكن ما سرّع قرار الإلغاء هو قناعة أميركية بأن بيروت بدأت تفضّل تثبيت معادلة "الإدارة الهادئة للأزمة" بدل اتخاذ خطوات ملموسة نحو تنفيذ خطط السيادة، وأن الجيش، على أهميته، بات محاصرًا بين توازنات داخلية تمنعه من الذهاب أبعد ممّا تسمح به الوقائع السياسية.

فهذا الإلغاء لن يمرّ بالطبع من دون ارتدادات داخلية. فالجيش، الذي حافظ على موقعه كـ "ضمانة وطنية" في ظل تفكك المؤسسات، يجد نفسه للمرة الأولى منذ فترة طويلة في صلب سجال سياسي داخلي. وستسعى قوى لبنانية إلى استثمار الخطوة في اتجاهين متناقضين: فريق سيعتبر أن واشنطن تمارس ابتزازًا سياسيًا على لبنان تحت عنوان المساعدات، فيما سيقرأ فريق آخر في الإلغاء إدانة ضمنية لعدم قدرة الدولة على فرض سيادتها، أو رسالة واضحة بأن المجتمع الدولي بات يعتبر أن المؤسسة العسكرية تقترب من حدود قدرتها على الحياد.

وفي الحالتين، يصبح الجيش جزءًا من السجال بدل أن يكون فوقه، وهو تطور غير مريح للبنان في هذه المرحلة الحرجة.
 
المصدر: خاص لبنان24
مواضيع ذات صلة
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك
Author

اندريه قصاص Andre Kassas