الفرق بين كونك غنياً وأنك تشعر بالغنى قد لا يكون مسألة رقم محدد، بل يتعلق بـ"الإدراك". فالحكمة تقول: "القناعة كنز لا يفنى"، ومن لم يحقق ثروة هائلة بحسب المعايير المالية، قد يجد صعوبة في الانتقال من القناعة إلى التفاخر، لذا من المفيد الاستماع إلى من وصلوا للقمة أو يحملون لقب مليارديرات لمعرفة حدود "الغنى".
في كانون الأول الجاري، أوضح رجل الأعمال المصري
نجيب ساويرس أن الشخص يدرك غناه حين يتمكّن من تحقيق رغباته بسهولة بما يمتلكه من أموال، مثل قضاء وقت ممتع مع الأولاد أو الحصول على العلاج عند المرض.
وأضاف ساويرس، أكبر مستثمر فردي في
الذهب بالعالم، أن الرقم ليس هو المهم، سواء كان 100 مليون دولار أو مليار دولار، بقدر ما يكفي المال لتلبية جميع احتياجاتك، حينها يتحوّل المال من غاية إلى وسيلة.
أما شقيقه الأصغر، سميح، فقد تغيّر نظرته تجاه المال، موضحًا أن الإحساس بالثراء يتدرّج لدى المليارديرات، حتى يصلوا إلى قناعة أن المال لا يشتري كل شيء، وهو إدراك تحقق لديه بعد أن تجاوزت ثروته 100 مليون دولار.
على صعيد آخر، يشعر معظم
الأميركيين بأنهم أثرياء عندما تصل
صافي أصولهم إلى نحو 2.3 مليون دولار، لكن لتعزيز هذا الإحساس، قد يحتاجون لمضاعفة هذا الرقم تقريبًا، وفقًا لاستطلاع حديث لشركة الاستشارات "تشارلز شواب". الرقم ارتفع بنسبة 21% مقارنة بتقديرات عام 2021 نتيجة التضخم.
أما الرئيس الأميركي السابق،
دونالد ترامب، الذي كان مليارديرًا قبل دخوله السياسة، فوضع تعريفًا أوسع للثراء، قائلاً: "جزء من كونك فائزًا هو إدراك متى تكتفي، وأحيانًا عليك الانسحاب من معركة ما للانتقال إلى شيء أكثر إنتاجية".
فلسفة تعريف الثراء ليست محددة، حتى بين المليارديرات، لكن وارن بافيت اختصرها عمليًا: "إذا لم تجد وسيلة لكسب المال وأنت نائم، ستضطر للعمل حتى نهاية حياتك".
هذا الاختلاف في المفاهيم ليس جديدًا، فقد تناولته كتب قديمة مثل "أغنى رجل في بابل"، التي حملت الكثير من
الحكمة والفلسفة، ونقلت إلينا عبر مجموعة من الألواح الطينية.
ينقل مؤلف كتاب أغنى رجل في بابل فلسفة الثراء بشكل مختصر، حيث يعبر عنها بأنها سلوك يسبق تحصيل المال.
"أركاد" بطل الرواية كان يرى أن الثراء هو محصلة مجموعة كاملة من أسلوب العيش يحصله الأثرياء ولا يمكن للفقراء الالتزام به.
بينما يميل الأكاديميون إلى تبسيط أكبر لمفهوم الغنى، يقول إينغريد روبيينز من مركز "Stone Center":
الثروة تعني القدرة على تغطية احتياجاتك والاستثمار. أما ما فوق ذلك فيعتبر تراكماً مفرطاً".
المهم في النهاية هو محاولة اختيار أسلوب العيش كالأغنياء، ليس بعدما أصبحوا أثرياء ولكن في طريقة وصولهم إلى ذلك، لكن احذر.. عليك
الاختيار جيداً لمن تقلد فبعضهم يعيش داخل "قوقعة". (العربية)