لم يحسم ايّ من المقربين من الرئيس سعد الحريري مسألة خوض "تيار المستقبل" الانتخابات النيابية المقبلة او كيفية خوضها، وقد يكون الحريري نفسه لم يحسم هذا القرار بعد، ربما بإنتظار التطورات السياسية الداخلية والاقليمية في الايام والاسابيع القليلة المقبلة.
لكن الحريري الذي وضع على الطاولة خيار ابتعاده الكامل عن خوض الانتخابات او المشاركة فيها ترشيحا او حتى تصويتا، كحالة شعبية، سيجد نفسه مع اقتراب الاستحقاق النيابي امام خيار صعب اذ لن يكون حسم موقفه بالسهولة التي قد يتوقعها.
لا يريد الحريري الانسحاب من الحياة السياسية، حتى بطرحه عدم خوض الانتخابات، بل يحاول ان يقوم بخطوة سياسية في اطار وجوده وتمهيدا للمرحلة المقبلة، لكن السؤال المطروح هو اين سيربح الحريري وكيف، واين قد يخسر وكيف؟
بإنكفائه عن خوض الانتخابات قد يعتقد الرئيس الحريري انه ينكفئ عن الانهيار المقبل والخسائر الشعبية الناتجة عنه، ويبتعد عن المشهد تمهيدا للتسوية الكبرى التي لا يمكن ان تستثنيه نظرا لحضوره على الساحة السنية، وهذا نظريا قد يكون صحيحا، لكن مقابل هذا المكسب سيكون هناك خسائر جدية.
خسارة الحريري في حال عدم خوضه الانتخابات ستكون في ملء شخصيات وقوى سياسية الفراغ الذي يتركه "تيار المستقبل"، اذ لن تترك هذه القوى السنية والشخصيات الطامحة الساحة من دون السعي لاستغلال غياب التيار الازرق.
وعليه فإن ابتعاد الحريري لسنوات عن البرلمان والسلطة وعدم تفعيل ماكيناته الحزبية والانتخابية سيؤدي الى تسرب جزء لا بأس به من القاعدة المستقبلية نحو قوى اخرى ولن يكون سهلا على الحريري استرجاعها.
لكن خوض الانتخابات من دون مال سياسي ودعم اقليمي له اضراره ايضا، اذ ان المستقبل قد يتعرض لخسارة في دوائر متعددة، وقد يتراجع عدد اعضاء كتلته وهذا بحد ذاته سيعني تكريسا لتراجع بيت الوسط سياسيا.
لكل هذه الاسباب فإن حسم الحريري قرار خوض الانتخابات من عدمه يزداد صعوبة يوما بعد آخر، لكن الاكيد ان قوى سياسية عدة تدعم الحريري وتدفعه لخوض الانتخابات..