تبدّل مشهد التحالفات في دائرة الجنوب الاولى بالنسبة لـ"التيّار" بشكل كبيرٍ. وهو يخوض الانتخابات منفرداً هذه المرّة، من دون الدعم السنّي الذي تلقاه عام 2018، من عبد الرحمن البزري، ومرشّح الجماعة الاسلاميّة بسام حمود. وللتذكير، فإنّه حصل على مقعدين: المارونيّ الخاص بالنائب زياد أسود الذي حاز على 7270 صوتاً، والروم الكاثوليك الخاص بالنائب سليم خوري، الذي نال فقط 708 أصوات. وقد رجّحت في وقتها الاصوات السنّية الـ6713، التي حصدها البزري وحمود، إضافةً إلى الاصوات الـ5016 التي نالها أبو زيد، في تحقيق لائحة "صيدا وجزين معاً" الحاصلين. أمّا الان، فقد خسرت لائحة "الوطنيّ الحرّ" جميع المقترعين السنّة. ودخل "التيّار" بحلف مع شخصيتين سنّيتين، غير معروفتين على الصعيد السياسيّ، وفي الشارع الصيداوي، ما يطرح علامات إستفهام حول وصول لائحته لاكثر من حاصلٍ.
في السيّاق، يلفت مراقبون إلى عمق الهوة التي تسيطر على العلاقة بين "الوطنيّ الحرّ" من جهّة، وبين الشارع السنّي، وخصوصاً الذي يمثّله تيّار "
المستقبل" من جهة ثانيّة. وهذا العامل كفيل أنّ يحرم لائحة "معاً لصيدا وجزّين" الاصوات السنّية. وصحيحٌ أنّ عدول "المستقبل"، والتوقّعات بانخفاض المشاركة السنّية في هذه الدائرة سيُؤثّر بشكل أساسيّ على انخفاض الحاصل، وخصوصاً وأنّ النائبة بهية
الحريري وحدها نالت 13739 صوت، أي حاصل كاملٍ. ما يعني أنّه سيكون بحدود 9800 – 10000، من دون إحتساب الاصوات التي نالتها لائحة الحريري عام 2018. إلى ذلك، فإنّ الحاصل الاوّل سيكون قريب المنال للائحة "التيّار".
والجدير بالذكر أنّ نائبين مارونيين يُنتخبان عن جزّين، أوّلهما محسوم لـ"الوطنيّ الحرّ"، وثانيهما لنائب "حركة أمل" إبراهيم عازار. ويرى مراقبون أنّ التصعيد الذي أوجده أسود مع أبو زيد، أساء لـ"التيّار" ولقاعدته الشعبيّة في جزّين. وهو ما يمكن أنّ يُشكّل إنتقالة كبيرة بتوجّهات الناخبين، لصالح أبو زيد. ويُضيفون أنّ التدخّل المباشر من رئيس الجمهوريّة
ميشال عون لن يكون مستبعداً لحسم خيارات الناخب البرتقاليّ. ما يُعزّز حظوظ أبو زيد بالفوز هذه المرّة، وبنسبة كبيرة. ويُشير المراقبون إلى أنّ عودة الاخير عن عزوفه بالترشّح كان قراراً حكيماً، ويصّب لصالح تيّاره. فلو استمر بالعزوف، لكان "الوطنيّ الحرّ" خسر حكماً المعركة الانتخابيّة في جزّين. ولهذا العامل الاساسيّ، سبب مباشر لعودة "التيّار" للمنافسة، مع أرجحية الفوز بمقعدين إذا كان الكسر لصالح اللائحة.
ورغم أنّ "الوطنيّ الحرّ" دخل بسلسلة تحالفات إنتخابيّة مع "حركة أمل"، إلّا أنّه لم يُكتب الاتّفاق بينهما في صيدا – جزّين، على الرغم من سعي "
حزب الله" لتوسيع تمثيل حلفائه
المسيحيين والدروز والسنّة. وتكمن المشكلة في أنّ "الحزب" لن يستطيع إعطاء أسود أو أبو زيد بعض الأصوات الشيعيّة، لحاجة عضو كتلة "التنميّة والتحرير" النائب إبراهيم عازار الماسّة لها، ولقطع الطريق أمام أي لائحة مقابلة، وبشكلٍ خاصّ إذا وصلت للحاصل، وهدّدت الفوز بأحد المقاعد المارونيّة.
في الاطار عينه، فإنّ "أمل" تسعى لايصال عازار للمرّة الثانيّة، وهي قادرة بسهولة على تحقيق هذا الهدف نتيجة الاصوات الشيعيّة. ويجب التذكير أنّ ترشيح أسود في جزّين ضرب إمكانيّة التحالف بين رئيس مجلس النواب
نبيه برّي، والنائب
جبران باسيل في هذه الدائرة. ويلفت مراقبون إلى أنّه لو عمد "الوطنيّ الحرّ" على ترشيح أبو زيد، لكان التحالف مع عازار نجح، وارتفعت حظوظ اللائحة بالفوز بحواصل أكثر، واحتفظ "التيّار" بمقعديه المسيحيين في الدائرة، وكان استطاع تعويض الاصوات السنّية بتلك الشيعيّة.