بدأ "التيار الوطني الحر" تكثيف حملته الانتخابية معتمداً نفس الاسلوب الذي اعتمده في انتخابات 2018 لجهة الزيارات المناطقية المكّوكية التي يقوم بها رئيس "التيار" النائب جبران باسيل والتي تشمل مختلف الداوئر الانتخابية حيث لـ"التيار" حضور بارز فيها. لذلك فإن الايام القليلة الماضية شهدت حراكاً مناطقياً لباسيل يهدف من خلاله الى شدّ العصب "العوني" وإعادة تكريس نفسه زعيماً اساسياً للشارع المسيحي.
ولعلّ "الوطني الحر" هو الحزب الأبرز الذي يواجه تحديات سياسية وشعبية واعلامية على طول الخط الانتخابي والتي ستستمر الى ما بعد الاستحقاق البرلماني المُقبل، خصوصاً وأن فوزه أو خسارته من حيث عدد النواب سيكون له تبعات سياسية كبرى على فريقه السياسي بشكل عام، ومن هنا تبلغ معركة "التيار" اهميتها الاستراتيجية.
اما من حيث الواقع الشعبي فإن تراجع "الوطني الحر" او تقدّمه سيرتدّ عليه بالمباشر، اذ إن كثرا من ينتظرون نتائجه الانتخابية ليسحبوا من تحته بساط القوة المسيحية الاساسية من حيث التمثيل الشعبي، وبالتالي يقيّدون ممارساته التي وُصفت بالاستقواء خلال السنوات الماضية.
من الواضح أن هدف "التيار الوطني الحر" الرئيسي هو تحفيز قواعده الشعبية ودفعها للمشاركة بالتصويت في للانتخابات، حيث انه لو تمكّن من عبور هذا الاختبار سيضمن بذلك 70% من معركته، إذ إن ازمة التيار الجدية، بحسب اوساط مقربة، لا تكمن في تراجع شعبيته وانما بفتور حماسة "العونيين" للمشاركة في الاستحقاق النيابي على اعتبار ان أداء السنوات الماضية لم يحاكِ طموحاتهم الوطنية، لا بل واكثر، حيث ذهب البعض الى وصف المرحلة الفائتة بـ"صفر انجازات" بالمقارنة مع الوعود.
ترى مصادر متابعة أن "التيار" يسعى الى اعادة تظهير مركزية القرار "العونية" من خلال جولات رئيسه الى المناطق ودعمه لمرشح وآخر وتحفيز مسألة الصوت التفضيلي في ظل المال الانتخابي الذي يتردد انه يُدفع داخل لوائح "التيار" وخارجها. لذلك، وبحسب المصادر، فإن النائب جبران باسيل أوحى خلال زياراته بالعديد من الاسماء لجمهوره مواربة او بشكل مباشر للصوت التفضيلي من دون أن "ينغشّوا" بالتصويت لهذا الحليف داخل اللائحة او لذاك الخصم خارجها.
بالاضافة الى ذلك، يكاد "التيار" يتمكن من اعادة خلق الصورة التي طبعت باسيل ما قبل حراك 17 تشرين، إذ إنه يجتهد لتثبيت الهالة من حوله على اعتباره الشخص النشيط والزعيم السياسي "الشعبي" الذي يتنقل في المناطق بين جمهوره ولا يستقطب وقوفهم على ابوابه وهذه "موهبة" تحسب له وتمكّنه من تصوير تياره عابراً للمناطق ما يميّزه عن غالبية خصومة سواء على مستوى "قوى التغيير" او على مستوى الشخصيات التقليدية المناطقية او الزعامات السياسية.
هذه هي معركة "الوطني الحر" وهي من أبرز المعارك السياسية الجدية للانتخابات النيابية، وبناء عليها وعلى نتائجها سيُصار الى جملة ترتيبات سياسية والتي ستحمل تبعاتها على الساحة اللبنانية بمجمل تفاصيلها.