Advertisement

لبنان

أمن المتظاهرين أمانة في أعناق الجيش والقوى الأمنية

اندريه قصاص Andre Kassas

|
Lebanon 24
23-03-2023 | 02:00
A-
A+
Doc-P-1050016-638151588663564294.jpeg
Doc-P-1050016-638151588663564294.jpeg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
مَن أعطى الأمر بألقاء القنابل المسيّلة للدموع على المتظاهرين، الذين حاولوا اقتحام السراي الحكومي لم يكن يقصد بالطبع إيذاء هؤلاء الناس "الغلابة"، بل قصد الحفاظ على ما تبقّى من هيبة الدولة، وأراد أن يقول لمن يحاولون استغلال وجع هؤلاء الناس إن الأمن خطّ أحمر ممنوع على أيٍ كان تجاوزه، أو إلى الذين يحرّكون الشارع لدوافع وغايات مشبوهة، أو لأن بين المتظاهرين ما يُسمّى بـ "الطوابير الخامسة"، التي تحاول الاصطياد بالمياه العكرة، أو أن بعض "الخلايا الإرهابية النائمة"تتحرّك في لبنان كلما سنحت لها الفرصة ووفق "أجندات" خارجية مشبوهة. 
Advertisement
 
 
هذه الحجج التبريرية منطقية ومقبولة إلى حدود معينة وفي ظروف غير الظروف التي يعيشها لبنان اليوم، وهي التي دفعت الآف اللبنانيين للنزول إلى الشارع التعبير عن غضبهم ووجعهم. فلولا عناصر الجيش والقوى الأمنية، لكان الأمن مسيبًا، وهم موجودون إلى جانب أهلهم ومواطنيهم، الذين تقسو عليهم الحياة لحماية أمنهم ، ولمنع يد الشرّ من التسلل واختراق صفوفهم تمامًا كما كان يحصل في التظاهرات السابقة، حيث كنا نرى بعض الزمر تنسلّ متخفية وتعمل على ضرب التظاهرات من الداخل، وتعتدي على الذين كانوا ينزلون إلى الشارع مطالبين بالحدّ الأدنى من الحياة الكريمة.  
 
 
فالذي أعطى هذه الأوامر له معطياته الأمنية والمخابراتية، وما قام به له أسبابه التخفيفية، وأن هاجسه بالتأكيد هو عدم السماح بإدخال البلاد في فوضى لا خروج منها، باعتبار أن "لعبة الشارع" خطيرة جدًّا، وأن تحريكه في هذه الظروف الدقيقة والخطيرة قد يُدخل البلاد في مآزق غير محسوبة النتائج. فالوضع دقيق للغاية ولا يجوز التعاطي معه بهذه الطريقة، التي قد لا توصل إلى أي نتيجة، لأن الأسباب التي أوصلت البلاد إلى ما وصلت إليه من اهتراء ممنهج معروفة، ولكن ما ليس معروفًا بعد هو كيفية الخروج من عنق زجاجة هذه الأزمات، التي باتت تفوق قدرة الناس على الاحتمال. 
 
 
ولأن الوجع قد أصبح فوق الطاقة البشرية للاحتمال قرر المواطنون النزول إلى الشارع، أقّله لرفع الصوت عاليًا، وللمطالبة بأبسط حقوقهم. فرواتبهم لم تعد تكفي حتى لشراء الخبز "الحاف" وحده. فجنون الدولار قد أدخل البلاد والعباد في "عصفورية" غير محدّدة المعالم، ولم يعد أحد يعرف كيف عليه أن يتصرّف. 
الذين نزلوا بالأمس إلى ساحة رياض الصلح جفّت دموعهم، لكثرة ما ذُرفت من مآقي الأباء والأمهات، الذين يقفون عاجزين أمام صراخ أطفالهم، الذين يعضّهم جوع مزمن.  
هؤلاء المتظاهرون، الذين لم ينزلوا إلى الشوارع والساحات إلاّ للمطالبة بحقوق يعرفون أنهم لن يحصلوا عليها، وجهوا أسئلة كثيرة إلى المعنيين، وبالأخصّ من قبل متقاعدي القوى الأمنية، إلى "رفاق السلاح"، الذين لا يزالون في الخدمة الفعلية: هل تكفيكم رواتبكم، التي لم تعد تكفي لإعالة عيالكم لأيام معدودة، هل تستطيعون أن تدخلوا إلى المستشفيات، أو أن تحصلوا على الدواء؟ 
 
 
أسئلة مشروعة ومحقّة، ولكنها تبقى صوتًا من دون صدى، في غياب المعالجات الهادئة والبعيدة عن الشعبوية. وأول هذه المعالجات المتوافرة هي انتخاب رئيس للجمهورية اليوم قبل الغد، وأن تعود دورة الحياة السياسية والاقتصادية والمالية إلى طبيعتها، مع ما يتوجب على المسؤولين اتخاذه من خطوات إصلاحية لا بدّ منها للخروج من قعر "جهنم". 
وأخيرًا وليس آخرًا نضع الصورة التي التقطها الزميل عصام عبدالله من وكالة "رويترز" أمام الرأي العام، وما فيها من عِبر. تحية إلى جيشنا البطل وإلى سائر القوى الأمنية. وتحية إلى ما يقوم به عناصرها من أفراد وضباط، وما هم مطالبون به مستقبلًا، لأنهم خشبة الخلاص التي تكاد أن تكون وحيدة.  
   
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك