Advertisement

لبنان

وضع "خطير للغاية".. هل تصل "رسالة" صندوق النقد إلى المعنيّين؟!

حسين خليفة - Houssein Khalifa

|
Lebanon 24
24-03-2023 | 06:00
A-
A+
Doc-P-1050401-638152584355152617.jpg
Doc-P-1050401-638152584355152617.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
ليس أمرًا بسيطًا ولا عابرًا أن يصف صندوق النقد الدولي الوضع في لبنان بأنه "خطير للغاية"، في ظلّ أزمة اقتصادية "مفتوحة"، وتكاد تصبح "بلا نهاية"، على وقع الانهيار الاقتصادي المتسارع، الذي يُعتبَر الأسوأ في تاريخ لبنان، وسبق أن صنّفه البنك الدولي من بين "الأسوأ" في العالم بأسره، على وقع المعدّلات القياسية التي تسجّلها الليرة اللبنانية مقارنة بالدولار، معطوفة على أزمة السيولة الحادة التي يشهدها البلد.
Advertisement

ومن وحي هذا الوصف، جاءت تصريحات رئيس بعثة صندوق النقد ارنستو راميريز ريغو في ختام زيارة للبنان، لتقرع جرس الإنذار على أكثر من مستوى، حيث اعتبر أنّ لبنان بات في "مفترق طرق"، منبّهًا من أنّ استمرار التقاعس عن تطبيق الإصلاحات المتفق عليها منذ أكثر من عام، من شأنه أن يدخل البلاد "في أزمة لا نهاية لها"، وواصفًا التقدّم المُحرَز في هذا الصدد بأنّه "بطيء جدًا"، وبالتالي "غير كافٍ".

قد لا تكون هذه التصريحات حملت جديدًا بالنسبة إلى كثير من اللبنانيين، ممّن يعيشون منذ أشهر طويلة في "قلب الأزمة"، وقد فقدوا مقوّمات الصمود، إلا أنّ السؤال الذي يطرح نفسه عمّا إذا كانت "الرسالة" ستصل إلى "المعنيّين" الأساسيّين بها، ولا سيما أولئك الذين يقفون في وجه تطبيق الإصلاحات بذرائع شتّى، على رغم وجود قناعة راسخة بأنّ الاتفاق مع صندوق النقد تحديدًا، أضحى "ضرورة" ولم يعد "ترفًا"؟



ماذا يعني كلام صندوق النقد؟

لا شكّ في أنّ تصريحات رئيس بعثة صندوق النقد تحمل بين طيّاتها الكثير من المعاني والدلالات، ولو أنّها لا تؤكد سوى المؤكد وفق ما يقول العارفون، الذين يشيرون إلى أنّها "شهادة أخرى" بأنّ الوضع في البلاد ما عاد يُحتمَل، وأنّ الأزمة الاقتصادية المتفاقمة والمعقّدة بلغت "ذروتها"، علمًا أنّ استمرار "الستاتيكو" القائم لن يؤدي سوى إلى تعميقها أكثر، لتصبح المعدلات القياسية التي بلغها الدولار حتى الآن "نزهة" مقارنة مع تلك التي يمكن أن يبلغها في المستقبل غير البعيد.


من هنا، يشير العارفون إلى أنّ أهمية تصريحات رئيس بعثة صندوق النقد بعد زيارته لبيروت، تكمن في "حثّ" المسؤولين على المسارعة إلى اتخاذ "إجراءات عملية" من أجل الحدّ من تسارع الانهيار، وقوام هذه الإجراءات يبقى في تنفيذ الإصلاحات التي سبق أن تمّ الاتفاق عليها مع صندوق النقد، وإقرار التشريعات المتعلقة بها، والتي لا يزال بعضها "أسير" اللجان النيابية، أو الهيئة العامة المعطَّلة والمشلولة.

 

وتكمن أهمية التصريحات أيضًا في التأكيد مرّة أخرى، بأنّ صندوق النقد متمسّك بـ"شروطه" للإفراج عن "حزمة الإنقاذ" الموعودة، بمعنى أنّ الرهان على إمكانية التذرّع بالشلل السياسي والوضع العام للتخفيف من هذه الشروط ليس في مكانه، ولا الاعتقاد بأنّ "حدّة" الأزمة يمكن ان تدفع الصندوق لـ"تليين" موقفه، إن جاز التعبير، علمًا أنّ الأخير الذي يعدّ نفسه جهة غير ربحية، ويلقب بـ"الدائن الذي لا يدان"، ليس منظمة خيرية في نهاية المطاف.


"خريطة الطريق"

يقول المتابعون إنّ كلام رئيس بعثة صندوق النقد الدولي يجب أن يؤخذ في الاعتبار من جانب مختلف الأفرقاء، لتغيير جوهري في المقاربات، لأنّ "المراوحة" ليست حلاً، بشهادة الصندوق، الذي حذر من وصول الأزمة إلى "حائط مسدود"، وبالتالي فإنّ المطلوب القيام بإجراءات جدية وملموسة، تفتح الباب أمام تطبيق الإصلاحات الموعودة، بما يتيح ترجمة الاتفاق مع صندوق النقد، والانتقال إلى خطوات أكثر جدية.

في المبدأ، يقول هؤلاء إنّ "خريطة الطريق" الأسهل تبقى بسيطة وواضحة، وقوامها انتخاب رئيس جديد للجمهورية اليوم قبل الغد، بما يعيد الانتظام للمؤسسات، ويسمح بتشكيل حكومة جديدة تباشر فورًا ومن دون تأخير في استكمال ما بدأته الحكومة الحاليّة من مفاوضات مع صندوق النقد، وبالتالي في تحقيق الشروط المطلوبة عبر تطبيق الإصلاحات، وهو ما كرّره رئيس الحكومة نجيب ميقاتي مجدّدًا هذا الأسبوع، بعد لقائه رئيس مجلس النواب نبيه بري.

لكنّ المشكلة في "خريطة الطريق" هذه تبقى أنّ "مفتاحها" يبقى غير متوافر، بغياب التفاهم الجدّي على انتخاب رئيس للجمهورية، ما يطرح السؤال عن "البدائل" الممكنة، وما إذا كان الأفرقاء سيليّنون موقفهم، في انتظار الحلّ الشامل، خصوصًا في ظلّ "التصلّب" الحاصل الذي يؤدي إلى "تعطيل" كل المؤسسات، من البرلمان إلى الحكومة، في انتظار انتخاب رئيس، الأمر الذي يعمّم "الشلل"، ويمنع تحقيق أي من شروط صندوق النقد، ما يؤدي إلى "ديمومة" الأزمة.


قد لا يكون كلام رئيس بعثة صندوق النقد "صادمًا"، باعتبار أنّ مضمونه لم يحمل جديدًا، فاللبنانيون أكثر من يعلم أنّ الوضع "خطير جدًا"، وأنّ الأزمة "مفتوحة" بغياب "الإصلاحات". لكنّه مع ذلك قد يكون مفيدًا باعتباره يقرع "جرس الإنذار"، الذي يفترض أن يتلقفه جميع الفرقاء، الذين تقع على عاتقهم مسؤولية أخلاقية تاريخية. لكن، هل يجد هذا "الجرس" صداه؟ لعلّه السؤال "الكبير" الذي سيبقى بلا إجابة إلى حين..
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك