باتت واضحةً الصورة الخاصة بجلسة إنتخاب رئيس للجمهورية يومَ 14 حزيران الجاري، فالسّيناريوهات باتت معروفة نسبياً وسط حديثٍ لا يخلو من "فرضيّات المفاجآت" التي ستطرحُ نفسها بشكلٍ قاطع.
أبرزُ المستجدات "الرّئاسية" كانت يوم أمس الخميس، إذ أعلنت كُتلة "اللقاء الديمقراطي" بحضور رئيس الحزب "التقدّمي الإشتراكي" وليد جنبلاط، تأييدها للمرشح الرئاسي جهاد أزعور. حتماً، حسمت الكتلة الجنبلاطيّة أمرها فسارَت عكس أهواء "الثنائي الشيعي" الذي يؤيد ترشيح سليمان فرنجية، فيما لم تذهب مع السائرين بإتجاه خيار "الورقة البيضاء" كما لم تُعلن إنغماسها ضمنَ "تقاطع المعارضة" الطارئ حديثاً على الجبهة المسيحية – التغييرية.
في الواقع، فإنَّ ما أعلنتهُ جبهة جنبلاط رئاسياً كان مُتوقعاً ولم يكن مُستبعداً حتى من قبل "الثنائي الشيعي" الذي كان على بيّنة بإشاراتٍ مرتبطة بموقف المُختارة قبل أيامٍ قليلة. وعلى هذا الأساس، ربطَت المصادر المواكبة هذا الأمر بإعلان رئيس مجلس النواب نبيه بري منذ يومين مُضيّ كتلته النيابية إلى جانب كتلة "حزب الله" بالتصويت مباشرة لفرنجية وبالتالي إنتفاء خيار الورقة البيضاء. وتوضيحاً، فإن ما تبيّن هو أن بري كان ينتظرُ ما سيُقدم عليه جنبلاط لجلاء الصورة الكاملة لتوجهات الكتل النيابية، وحينما أيقنَ المعطيات الكاملة من "حليفه التاريخي"، اتخذ القرار بالذهاب فوراً نحو التصويت لفرنجية. هنا، تقول معلومات "
لبنان24" إنّ بري هو الذي طرح على الحزب هذا الخيار وقد عمل على إقناعه بأهمية التصويت بشكلٍ مباشر لمرشح "الثنائي" وبالتالي العُدول عن إعتماد "الورقة البيضاء"، وحقاً هذا ما حصل.
إلى جانب ذلك، تشيرُ المصادر إلى أنّ بري، ومن خلال إعلانه قرار إنتخاب فرنجية مباشرة، أكد لمختلف الأفرقاء أن هناك جدِّية في الملف الرئاسي، لكنّ الأمر هذا لا يعني أن الوسائل الديمقراطية لتعطيل النصاب ستنتفي بتاتاً بالنسبة لـ"الثنائي". وعليه، فإنّ نوّاب "حزب الله" وحركة "أمل" سيشاركون في الجلسة الأولى بنصابٍ كامل، وبالتالي سيقترعون لفرنجية بشكل حازم. أما في الدورة الثانية، فمن الممكن تماماً أن "يُفقِد" نواب "الثنائي" النصاب، وبالتالي إنفراط الجلسة.
ما الهدف من ذلك؟
بشكلٍ أو بآخر، فإنّ هدف التصويت لفرنجية في الجلسة الأولى لا يهدفُ إلى إيصاله للرئاسة، فـ"الثنائي" يُدرك صعوبة ذلك ويعترف بهذا الأمر. إلا أنه في الوقت نفسه، يسعى بري ومعه "حزب الله" من خلال التصويت لـ"رئيس المرده" إلى قياس "نسبة أصواته" بين النواب ومعرفة ما إذا كانت هناك إمكانية لتحسين واقعه أم لا.
أوساطُ "حزب الله" تقول لـ"
لبنان24" إنَّ هناك "جعبة مضمونة" لفرنجية تضمّ 45 صوتاً، فيما من المُتوقع أن يحصل أزعور على عدد أصواتٍ يتراوح بين 53 و 58 صوتاً كحدّ أقصى. وبالأرقام، فإن أزعور هو المتقدّم، لكن الرسالة التي سيجري إطلاقها لاحقاً ستتحدّد في التالي: ما من طرفٍ أو فريق يستطيع الإتيان برئيسٍ للجمهورية بمفرده من دون الآخر، ولهذا فإننا بحاجة إلى التوافق".. عملياً، هذه هي الخلاصة التي يريد بري الوصول إليها من جلسة الأربعاء المُقبل، وقد أراد تحقيقها عبر "مُحاكاة إنتخابية عملية". وضمنياً، من الممكن كثيراً أن يُكرّر بري ما قاله في أول جلساتٍ إنتخابية، حينما نادى بـ"التوافق" بين مختلف الأطراف، ولكن، هل سيتلقف الجميع هذه الدعوة مُجدداً؟
في خلاصة القول، ما يتبيّن بشكل واضحٍ هو أنّ المعركة ستبقى مستمرة بعد 14 حزيران، ومن الممكن أن تُطرح البدائل الأخرى. وحالياً، فإن أزعور سيحظى على جميع الأصوات التي حظيَ بها المرشح الرئاسي السابق ميشال معوّض اضافة الى أصوات بعض نواب تكتل "لبنان القوي". أما فرنجية، فسيحصل على أصوات "الثنائي" مع نواب آخرين.. والسؤال الذي يُطرح: ماذا بعد كل ذلك؟ وإلى أين؟