كتب احمد الايوبي في" نداء الوطن": سبق للموفد الفرنسي جان إيف لودريان أن مارس سياسة الإقصاء والتهميش بحقّ معارضي «حزب الله» وذهب أبعد فاستثنى المكوِّن السنّي من اتصالاته حتى حصلت انتفاضة في وجهه وفي وجه السياسة الفرنسية، تصدّرها رئيس حزب «القوات» الدكتور سمير جعجع فتحدّث عن مخاطر هذه السياسة وذكّر فرنسا بقواعد سياستها تجاه لبنان وأعلن رفضه أيّ انحياز لصالح مرشح الحزب النائب الأسبق سليمان فرنجية فحاول الفرنسيون تعديل حركتهم لكنّ المضمون لم يتغيّر.
يختلف هوكشتاين في مساره عن السياسة الفرنسية أنّه يمثل الدولة العظمى الأولى في العالم وأنّه يستند إلى «إنجاز» ترسيم الحدود البحرية مع «حزب الله» باسم الدولة اللبنانية، لكنّه كان واضحاً أيضاً في اندفاعه نحو تكريس سياسة الأمر الواقع المستندة لاعتبارٍ واحد هو التسليم بأنّ «حزب الله» هو الطرف المسيطِر في لبنان والذي يستحقّ التفاوض معه ليس للتوصّل إلى إنهاء الاشتباك على الحدود مع فلسطين المحتلة، بل أيضاً للبحث في مصير لبنان بنظامه السياسي ووضعه الإقليمي ضمن الصفقة الكبرى مع إيران على مستوى المنطقة.
يمارس هوكشتاين الحوار الذي يطلبه الرئيس بري وهو يكاد يرتدي زيّ حركة «أمل» كما ارتدى لودريان زيّ الحرس الثوري الإيراني، واللجنة الخماسية أصبحت عملياً معطّلة، لأنّ إيران لم تُدعَ إليها وفي الوقت نفسه تجري مراعاتها وكأنّها موجودة فيها... لكن عندما يجتمع هوكشتاين بالمحور، هل يراعي المعارضة ورؤيتها للأزمة وهل يتوقف عند رأيها كما تتوقّف الخماسية عند رأي إيران؟
ليس لدى المعارضة ما تخسره مع الإدارة الأميركية الماضية في عقد الصفقات مع إيران، وهذا ما دفع المملكة العربية السعودية إلى قطع الطريق على الابتزاز الأميركي لها في الملف اليمني وفي المنطقة فاتجهت نحو مصالحة تاريخية مع إيران، كان من نتائجها وقف الاستنزاف في اليمن وبدء تحقيق انفراجاتٍ محدودة في العلاقات بين البلدين وعلى مستوى الإقليم، لكنّها لم تصل في تداعياتها إلى لبنان، إمّا لأنّ طهران والرياض لا تعطيان الأولوية له الآن وإمّا لعجز قواه السياسية عن استيعاب أبعاد هذه المصالحة وإيجاد الإخراج المناسب أو الأمرين معاً.
هل على المعارضة أن تتّجه إلى التفكير في تسويةٍ متطوِّرة في ظلِّ الإعراض الأميركي عنها والاقتراب السعودي الإيراني، وفي ظلّ قدرتها على منع فوز مرشح «حزب الله» الرئاسيّ وصولاً إلى فرض توازن معقول في مواجهة «حزب الله»؟
هناك من يعتقد أنّ على المعارضة أن تنتفض في وجه هوكشتاين وإدارته كما سبق أن انتفضت في وجه لودريان وإدارته لتظهير مكامن القوة كما يجب أن تراها عواصم القرار، فالاستمرار بهذا الأداء السياسي يؤدّي إلى تآكل قوة المعارضة مع تفاعل الأحداث في المنطقة، خاصة أنّ «حزب الله» لديه أبعادُه الإقليمية، بينما المعارضة محصورة في إطارها اللبناني، وهذا عنصر إيجابي لكنّ الإدارة الأميركية لا ترى حالياً سوى الجانب الآخر.