Advertisement

لبنان

حلّ أزمة النزوح السوري يبدأ من هذه النقطة

اندريه قصاص Andre Kassas

|
Lebanon 24
14-04-2024 | 02:00
A-
A+
Doc-P-1187110-638486822065281937.jpg
Doc-P-1187110-638486822065281937.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
إذا وحدّ اللبنانيون كلمتهم بالنسبة إلى ضرورة إيجاد حلّ سريع وعادل لأزمة النزوح السوري في لبنان فإنهم قادرون، وبموقف واحد لا لبس فيه، أن يفرضوا على المجتمع الدولي ما يرونه مناسبًا لمصلحتهم أولًا، ولمصلحة السوريين ثانيًا. وهذا الحلّ يُفترض أن يكون نابعًا من قناعة مشتركة لبنانية وسورية في آن، لأن استمرار الوضع على ما هو عليه حاليًا سيقودهم معًا إلى حيث لا يريدون. فلا اللبنانيون قادرون على التعايش مع واقع مفروض عليهم فرضًا. ولا في استطاعة السوريين أن يتخّلوا عن بلدهم بهذه السهولة، خصوصًا أنهم يعيشون حيث هم في ظروف صعبة وقاسية بعيدًا عن بيوتهم، وأرزاقهم، وذكرياتهم، وأهلهم.
Advertisement
 
لكن هذا الحلّ لا يمكن أن يأتيهم على طبق من فضة، بل يتطلب عملًا مشتركًا. وهذا العمل لا يكون عن طريق الاستفزاز وبث أجواء الحقد والكراهية. فكما أن بين اللبنانيين أناسًا كثيرين يرفضون التصرّف مع جميع المقيمين على أرضهم، سوريين كانوا أم فلسطينيين، بأساليب غير حضارية وغير انسانية، فإن بين النازحين السوريين أناسًا طيبين ومغلوبًا على أمرهم. وليس صحيحًا أن جميع الذين اضطرّوا لترك منازلهم وأرزاقهم عنوة وبغير رضاهم هم عصابات سرقة أو إرهابيون أو قطّاع طرق، وإن كان بعض التصرفات الناتجة عن سوء تقدير تزعج كثيرين من اللبنانيين، الذين يرون أن النازحين يزاحمونهم على لقمة العيش.
 
الحّل يجب أن يكون أمميًا قبل أن يكون على مستوى كل من لبنان وسوريا، مع العلم أن ثمة مناطق واسعة من أرض الشام باتت آمنة وتنعم باستقرار قد يكون أفضل بكثير من بعض المناطق اللبنانية، التي يعيش أهلها هاجسًا محتملًا بشن حرب واسعة عليهم. بالطبع لا أحد يريد من اللبنانيين زجّ السوريين في أتون النار. فإذا لم تكن هذه العودة آمنة بالحدّ الأدنى فإن التعاطف الإنساني يفرض على كل واحد منهم أن يعتبر وجودهم بينهم وجودًا مرحبًا به، شرط أن يكون منضبطًا وتحت سقف القانون، الذي يجب أن يطبق على المقيم على الأراضي اللبنانية تمامًا كما يطّبق على جميع اللبنانيين، الذي جعلهم متساوين في الحقوق والواجبات.
 
فهذا الدور مطلوب أن تلعبه الحكومة اللبنانية بمؤازرة جدّية وفاعلة من القوى الأمنية ومن البلديات، بالتعاون والتفاهم مع المنظمات الدولية، التي ترعى شؤون اللاجئين. لكن الحكومة والأجهزة الأمنية والبلدية غير قادرة وحدها على القيام بهذا الدور إن لم تلقَ التجاوب التام من قِبل جميع اللبنانيين، وذلك عن طريق تسهيل مهمتها وعدم وضع العصي في دواليبها، مع ما تتطلبه هذه المهمة من مؤازرة دولية وأممية، وبالأخص لناحية تقديم المساعدات المالية واللوجستية الضرورية، التي من دونها تبقى أي مهمة حبرًا على ورق، ويبقى القديم على قدمه.
 
ولكن ما هو مطلوب اليوم أكثر من أي شيء آخر هو أن يتمّ التعامل مع الوضع القائم، وإن لم يكن مستحبًّا، بوعي ومسؤولية، وذلك لمنع حصول أي احتكاك بين اللبنانيين والسوريين، وبالأخص أولئك الذين لا ناقة لهم ولا جمل بكل هذه الجرائم المتنقلة والعابرة للمناطق. فأي احتكاك محتمل في أي منطقة من لبنان، وليس بالضرورة فقط في المناطق المسماة "مسيحية"، يخدم الذين يلعبون بنار الفتنة البغيضة، التي لا يريدها أي فريق من اللبنانيين.
 
وقد جاءت كلمة البطريرك الماروني مار بشار بطرس الراعي في وداع المغدور باسكال سليمان لتضع الأمور في نصابها الصحيح، مع ما سبق هذه الكلمة من اتصالات ولقاءات أجراها غبطته لتهدئة النفوس والحؤول دون الوقوع في فخ الفتنة، وإحباط المحاولات الخبيثة لإيقاع الفرقة بين اللبنانيين. وهذا ما حصل بالفعل حين دعا بيان "القوات اللبنانية" محازبيه ومناصريه إلى الانسحاب من الشوارع وعدم الانقياد وراء ردّات فعل قد تكون مبرّرة، ولكنها تصب في الوقت نفسه في خانة الذين يسعون إلى ضرب ما تبقى من وحدة حال بين اللبنانيين أولًا، وبينهم وبين النازحين السوريين ثانيًا.
 
     
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك
Author

اندريه قصاص Andre Kassas