Advertisement

لبنان

الى فريق 14 آذار… صحّ النّوم

ايناس كريمة Enass Karimeh

|
Lebanon 24
09-05-2024 | 03:00
A-
A+
Doc-P-1197303-638508457279581806.jpg
Doc-P-1197303-638508457279581806.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
كثيرةٌ هي المواقف العلنيّة التي أبدى "فريق 14 آذار" من خلالها في مرحلة سابقة رفضه القاطع لعودة النازحين السوريين إلى بلادهم والتواصل مع سوريا لأجل ذلك، لكن يبقى لجلسة شباط الشهيرة عام 2019 رونقٌ آخر، يومها شنّ وزير الشؤون الإجتماعية ريشارد قيومجيان هجوماً لاذعاً على زميله في الحكومة وزير الدولة لشؤون النازحين صالح الغريب بسبب زيارته إلى سوريا لبحث ملف النازحين السوريين في لبنان ولقائه لهذه الغاية أمين عام المجلس الأعلى اللبناني- السوري آنذاك نصري خوري وقد وصف قيومجيان الزيارة بـ"الشيطانية والمقززة" مُتذرعاً بأنها تخطٍّ لمبدأ "النأي بالنفس" الذي يتّبعه لبنان. يومذاك ردّ عليه رئيس الجمهورية السابق ميشال عون قائلاً "عليك التمييز بين النأي بالنفس عما يجري في سوريا وعن وجود مليون ونصف مليون نازح سوري على أرضنا".
Advertisement

هذه الحادثة المُوثّقة في محاضر جلسات مجلس الوزراء لم تكن الوحيدة التي تعبّر عن سوء أداء هذا الفريق لمرحلة طويلة في ملف النازحين، ففي العام 2012 زار وفد 14 آذار مدينة "عرسال" للتّضامن مع النازحين السوريين الموجودين في البلدة بسبب ما يتعرضون له من مضايقات وحملاتٍ عنصرية من قبل البعض، كما قال أمينها العام فارس سعيد الذي تحمّس مستطرداً بأنّه يجب على الحكومة أن تُساعد النازحين السوريين عبر الهيئة العليا للإغاثة بل ويجب على وزارة الصحة أن تُعالج الجرحى والمصابين والمرضى السوريين على نفقتها الخاصة!

ومن باب عرسال أيضاً شُنّت الحملات العنيفة على حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، وذلك من قناة وزير الدفاع فايز غصن الذي قال يومها بأنّ هناك تواجدا لتنظيم القاعدة في جرود البلدة وبأنّ عمليات تهريب أسلحة من لبنان واليه تجري من هذه الجرود داعياً إلى استباق الأمر وإيجاد حل للحدود، وقد أكّد حينها رئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية على كلام غصن داعياً إلى الأخذ به بجديّة قبل أن تُبيّن الأحداث المُتتالية صحة أقواله، يومها أُقيمت "الكرنفالات السياسية" وحفلات الاستغلال والاستعطاف الصاخبة التي شاركت بها بعض أحزاب 14 آذار حيث ختم "قائد الأوركسترا" فارس سعيد الحفل بتحميل حكومة الرئيس نجيب ميقاتي مسؤولية كلام وزير الدفاع.

اليوم، استيقظ ما يُسمّى فريق 14 آذار على ملف النزوح بعد سنوات طويلة من العناد السياسي والاستغلال للواقع السوري في تجاذباته السياسية، إذ نقل معركته الشرسة مع رئيس "التيار الوطني الحُرّ" جبران باسيل الى ملعب رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بأسلوب شعبوي يهدف الى التصويب على شخصه وسط انتقادات واتهامات لاذعة تحت عنوان "لا مساومة على الوطن"، واعتبار أنّ المبادرة التي قام بها ميقاتي من أجل فتح باب معالجة ملفّ النزوح على مصراعيه "صفقة" تفضي الى إبقائهم في لبنان. ميقاتي الذي قاد بحكمة خلال مسيرته الحكومية أشدّ الظروف التي طرأت على لبنان وهدّدت أمنه واستقراره بدءًا من العام 2005 مروراً بالمرحلة الأكثر صعوبة والتي تمثلت باندلاع الأزمة السورية وما حملته من امتدادات الى لبنان من بينها أزمة النزوح، وصولاً الى أزمة "الانهيار" الكبرى التي تتربّص بلبنان منذ سنوات طويلة، يواجَه اليوم بمنطق التخوين، الرشوة الاوروبية، من بعض الاطراف السياسية التي رفضت في مراحل سابقة تلقّف كل مبادراته لأجل احتواء الازمة السورية وتداعياتها على البلاد.

مما لا شكّ فيه أن ملفّ النزوح السوري يشكّل معركة "كسّيبة شعبياً" مهما كانت وهمية، لكنّ فريق 14 آذار لم يأخذ بعين الاعتبار أنّ المرحلة الحساسة التي يمُر بها البلد تحتّم على جميع الأطراف نبذ الصّغائر والالتفاف حول لبنان ولو لمرّة واحدة لتحقيق الهدف المنشود وهو فرض إعادة النازحين السوريين على من يريد توطينهم، أما الاتهامات التي تسوقها هذه القوى ضدّ الرئيس ميقاتي بأنه باع البلد للأوروبيين فترد عليها مصادره بأنها "اتهاماتٌ مردودة ومرفوضة"، إذ لا مجال اليوم للمواجهات "الدونكيشوتية" من دون تقديم الحلول والبدائل، وان كان هذا الفريق حريصاً على البلد فليُقدّم الاقتراحات بوعي وحكمة وذلك وفقاً لرؤية وطنية جامعة بعيدة عن السجالات السياسية، وليعمل للضغط لأجل انتخاب رئيس للجمهورية اليوم قبل الغد لأنّه سيكون مفتاح الحلّ لكل المشاكل في لبنان.

يُتقن فريق 14 آذار اللعب على حبال السياسة في لبنان حد الاحتراف، إذ امتهن في العديد من المحطّات فنّ قلب الوقائع، حيث أنّ من يستمع لخطاباته وتصاريحه مؤخراً يظن لبرهة بأنه كان ولا يزال من دُعاة إيجاد حل عاجل لمعضلة النزوح السوري في لبنان وأنّه يضع نصب أعيُنه إيصال هذا الملف إلى كل الجهات الدولية المعنية به، لكن وبمعزل عن الوقائع التاريخية فإنّ ما يحصل اليوم يوضح العكس تماماً، ففي تغريدة على منصّة X كشفت النائب في البرلمان الألماني (سورية الأصل) لميا قدّور بعد اجتماعها بعدد من النواب اللبنانيين في حفل عشاء أقامته السفارة الألمانية في بيروت من بينهم ممثلة "القوات" غادة أيوب بأنّ اللقاء ركّز على معرفة كيفيّة صرف أموال الهبة المقدمة من الإتحاد الأوروبي، ما بات يُظهر جلياً بأنّ هذا الفريق مهتمّ بمعرفة وجهة المليار يورو أكثر من إيجاد حلّ عمليّ للنازحين في حين أنه لا يزال يُمارس التصعيد الاعلامي بوجه ميقاتي منتقداً الهبة الاوروبية.

ويبقى السؤال الاساس؛ أين كانت المصلحة الوطنية العُليا والحديث عن المخاطر الوجودية حين كان النّفَس الآذاري لفريق 14 قبل المزايدات الشعبوية اليوم يشدّد على إبقاء النازحين السوريين في لبنان وعدم التضييق عليهم؟
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك
Author

ايناس كريمة Enass Karimeh

Lebanese journalist, social media activist and communication enthusiast