لفت
وزير الثقافة الدكتور
غسان سلامة إلى أن "التراث قد يكون أحيانًا عامل خلاف بين الدول، وفي أحيان أخرى يصبح الحفاظ عليه عملاً بطوليًا يستدعي
التعاون الدولي، مع احترام السيادة الوطنية عند تنفيذ البعثات الأثرية"، مشددًا على أن "حماية التراث ليست مجرد قضية ثقافية فقط، بل تمتد أيضًا إلى بعدها الاقتصادي، من خلال دعم السياحة الثقافية المستدامة التي تعود بالنفع على الدول والمجتمعات المحلية"
كلام الوزير سلامة جاء خلال ندوة حوارية بعنوان "التراث من أجل السلام – صون المواقع الأثرية في مناطق النزاع"، كان فيها المتحدث
الرئيسي الى جانب وزيرة دولة في
وزارة الخارجية لدولة
الامارات نورة الكعبي، وذلك ضمن فعاليات معرض ابو ظبي الدولي للكتاب في دورته ال34، بحضور
سفير لبنان في
الإمارات فؤاد شهاب دندن وكبار الشخصيات في وزارة الخارجية الامارتية ورؤساء المنظمات والبعثات الدبلوماسية.
واستهلت
الوزيرة الكعبي حديثها بالتأكيد على الترابط العميق بين الثقافة والسياسة، مشيرة إلى أن "التراث مرآة الهوية والذاكرة المشتركة للشعوب".
وساقت مثالاً عمليًا من خلال ملف "الصقارة" الذي تقدّمت به
دولة الإمارات للتسجيل في منظمة
اليونسكو في العام 2010 بمشاركة 11 دولة، والذي تطوّر لاحقًا ليشمل 24 دولة، معتبرة أن "التراث يشكّل جسرًا للتواصل بين الأمم".
وعن حماية التراث الإنساني في ظل النزاعات، أوضحت الكعبي أن "العالم في حاجة إلى مضاعفة الجهود لبناء أدوات حماية فعّالة للمعالم الثقافية، خاصة في ظلّ ما تتعرض له من تدمير بفعل الحروب، كما حدث في
أوكرانيا، وسوريا، والعراق، فضلًا عن التهديدات الناجمة عن التغير المناخي والنهب المنظم"، مشيرة إلى أن "دولة الإمارات بادرت بسلسلة مشاريع في هذا المجال، أبرزها مشروع ترميم مئذنة
مسجد الموصل في
العراق، إذ تم تدريب جيل شاب من المتخصصين لترسيخ المهارات المحلية في صون التراث الثقافي."
بدوره عرض الوزير سلامة لتجربته الشخصية مع التراث، موضحًا أن "اهتمامه بهذا المجال بدأ مع إعادة إعمار
بيروت، حين اكتشف خلال أعمال البناء طبقات أثرية متعاقبة من الحضارات الرومانية، والفينيقية، وغيرها".
وأضاف: "أن وجوده لاحقًا في العراق كشف له عن واحدة من أوسع عمليات النهب في التاريخ الحديث، استهدفت متحف
بغداد ومواقع أثرية أخرى، ما رسخ لديه قناعة بأن التراث هو الضحية الثانية بعد البشر في النزاعات".
وتطرّق إلى أهمية المعاهدات الدولية، والجهود التي تبذلها اليونسكو والمحكمة
الجنائية الدولية، التي صنّفت سرقة، وتدمير الآثار جرائم حرب، مشيرًا إلى أن "هذه الأدوات القانونية موجودة، لكنها غالبًا ما تفتقر إلى التطبيق الفعّال"، لافتا إلى أن "التراث قد يكون أحيانًا عامل خلاف بين الدول، وفي أحيان أخرى يصبح الحفاظ عليه عملاً بطوليًا يستدعي التعاون الدولي، مع احترام السيادة الوطنية عند تنفيذ البعثات الأثرية".
وشدّد وزير الثقافة على أن "حماية التراث ليست مجرد قضية ثقافية فقط، بل تمتد أيضًا إلى بعدها الاقتصادي، من خلال دعم السياحة الثقافية المستدامة التي تعود بالنفع على الدول والمجتمعات المحلية".