كتبت منال شعبا في" النهار": في سابقة تأسيسية، تسلم
وزير الخارجية يوسف رجي من سفير
فرنسا هيرفيهماغرو نسخة من الوثائق وخرائط الأرشيف الفرنسي الخاصة بالحدود
اللبنانية -السورية. فكيف تقرأ الخطوة دوليا وسياسيا ؟
يبادر
رئيس دائرة الدراسات السياسية والدولية في
الجامعة اللبنانية - الأميركية الدكتور عماد سلامة بالقول: "تسليم الخرائط
الفرنسية التي تحدد
حدود لبنان مع الجانب السوري يحمل دلالات سياسية وجغرافية بالغة الأهمية، تعكس تحوّلاً نوعياً في مسار العلاقات اللبنانية -
السورية، وتفتح الباب أمام مرحلة جديدة من التعاون في ضبط الحدود".
ولماذا لم تسلم من قبل؟ ببساطة، لأنه لم يكن ثمة دولة
سورية تعترف بدولة
لبنان من الند إلى الند. ولم يكن ثمة دولة لبنانية "مكتملة السيادة" تقارب الملفات الشائكة المجمدة.
يعتبر سلامة أن "ما حصل كان رسالة دعم سيادي فرنسي، إذ تأتي الخطوة في أعقاب الزيارتين المتبادلتين لفرنسا بين الرئيسين اللبناني والسوري، ما يعكس حرص
فرنسا الدولة التي أدّت، تاريخياً، دوراً في نشأة الكيانين اللبناني والسوري، على إعادة تأكيد سيادة كل من البلدين ضمن حدود معترف بها".
يعلق سلامة: "تسليم الخرائط ليس مجرد إجراء تقني، بل موقف سياسي فرنسي داعم لاستقرار سيادة الدولتين وضبط حدودهما بما يتماشى مع القوانين الدولية".
يلفت سلامة إلى أن الخطوة "تأكيد سوري غير مسبوق لحدود لبنان، للمرة الأولى، ويشير هذا التطور إلى قبول ضمني ورسمي من الجانب السوري بالحدود اللبنانية كما ترسمها وثائق موثقة، في سابقة ديبلوماسية قد تشكل قاعدة لترسيم نهائي وشامل للحدود بين البلدين. هذا الاعتراف الضمني يعزز شرعية
الدولة اللبنانية ويقلل من إمكانات الالتباس أو التداخل الحدودي الذي لطالما استخدم ذريعة لتدخلات أو انتهاكات".
وفق سلامة، "لا يمكن القول إن تسليم الخرائط الفرنسية سيحسم فورا كل الخلافات على النقاط الحدودية، لكنه يمثل خطوة تأسيسية بالغة الأهمية نحو هذا الهدف، من شأنها أن تشكل مرجعية أساسية لأي تفاهمات مستقبلية حول ترسيم الحدود نهائيا، إذ تستند إلى وثائق رسمية أرشيفية تعود إلى الحقبة الانتدابية حين رسمت الحدود للمرة الأولى بين الدولتين اعتماد هذه الخرائط".