كتب جوني منير في"الجمهورية": من المفترض أن تصل نائبة المبعوث الأميركي إلى
الشرق الأوسط مورغان أورتاغوس إلى
بيروت نهاية الأسبوع، في زيارة ستشكل استكمالًا لبنانيًا لزيارة
ترامب إلى المنطقة. وقد بدأت أورتاغوس التمهيد لزيارتها بالتسريب بأنها ستكون عالية السقف، وستتضمن مواقف قوية، خصوصًا في ما يتعلق بدعوة بيروت لاعتبار نتائج اللقاء الذي جمع ترامب بالرئيس السوري
بشار الأسد، والمقصود هنا إبداء الأخير استعداده للتطبيع مع
إسرائيل و ستجاهر أورتاغوس في بيروت بالدعوة إلى التطبيع مع إسرائيل، إلى جانب الإسراع في نزع السلاح غير الشرعي، قبل أن تدير إدارة ترامب ظهرها للبنان، وبالتالي تركه يتخبّط في أزماته الاقتصادية. لكن هل فعلاً يوجد اقتناع أميركي بأن ظروف
لبنان تسمح له فعلاً بالسير في مغامرة التطبيع؟ الخبراء في كواليس
واشنطن يعتقدون أن المسؤولين
الأميركيين المعنيين يعرفون جيدًا أن الظروف
اللبنانية لا تسمح له بالذهاب في هذا الاتجاه، وأن التمسك الأميركي بهذا المطلب قد يكون لأهداف ومطالب أخرى. وفي كل الحالات، فإن الدوائر الدبلوماسية الغربية، وعلى رغم من انشغالها بمتابعة ملفات المنطقة ونتائج زيارة ترامب، فهي أجرت قراءتها للنتائج السياسية التي أفرزها الاستحقاق البلدي. والقراءة الدبلوماسية تختلف بالتأكيد عن قراءة القوى السياسية اللبنانية التي تستميت لإعطاء انطباعات مضخمة ومبالغ فيها لقوتها الشعبية.
في البداية، ترى العواصم الغربية المهتمة بالواقع اللبناني أن رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون نجح في فرض إيقاع جديد لم يكن يحصل خلال العقود الماضية. فعدا عن أنه أصر على إتمام الاستحقاق في موعده ومن دون البحث عن أعذار أو ذرائع لتأجيله، فهو في الوقت نفسه لم يسخر قدرات الدولة لمصلحة هذا أو ذاك، بل أبقى مؤسسات
الدولة على مسافة من الجميع أيا كانت النتائج. كذلك، وعلى رغم من الوقت الضيق والتحديات الصعبة التي واجهها، نجح
وزير الداخلية أحمد الحجار في تنظيم الانتخابات بأقل قدر ممكن من المشكلات، على رغم من الحماوة والتجييش. وهو ما يعزز القناعة حول إمكانية إعادة بناء مؤسسات الدولة. أما في الإشارات السياسية، فإن هذه الأوساط لم تلاحظ وجود نتائج مفاجئة أو غير متوقعة على مستوى أحجام القوى السياسية المختلفة، بما فيها أن اللافت كان حجم المشاركة الضعيف في الساحة
المسيحية، ما يعزز الانطباع بوجود شرائح أساسية لا تزال في موقع الخصومة مع القوى السياسية الموجودة، أو في أفضل الحالات لا تجد نفسها منسجمة مع الطبقة السياسية الحالية. أما الملاحظة الإضافية، فإن "
حزب الله" ما زال يبسط نفوذه على البيئة الشيعية، وقد ساعده في ذلك حملات التجييش غير المدروسة التي تولتها جهات حزبية معارضة له. فهي، ولهدف ربما يتعلق بتحسين موقعها الشعبي داخل شارعها، عمدت إلى توجيه حملات طاولت الطائفة الشيعية أكثر منها "حزب الله"، وهذا ما أدى إلى خلق شعور بالخوف لدى أبناء هذه الطائفة، وأنها مهددة في استمراريتها ووجودها، وهو ما دفعها إلى تجاوز النتائج السيئة للحرب والوضع المالي والإعماري، وبالتالي الالتفاف حول "حزب الله". وفي رأي هذه الأوساط، إن قيادة "حزب الله" كانت مسرورة ضمنًا "وتضحك في عبّها" لهذه الحملات الغرائزية وغير المدروسة. كذلك بدا وكأن هناك علامات استفهام عدة حول ما أحاط العملية
الانتخابية في بيروت، وهو ما سيفتح الباب تلقائيًا أمام نقاش حول وجوب تعديل النظام الانتخابي، والذي سيتطور لطرح مشروع اللامركزية من الباب العريض.