"ع زحلة ما بيفوتو. ع زحلة لا فاتو ولا رح يفوتو، لا هلق ولا بعدين. اليوم زحلة طلعت قد الكل لوحدها، وبدون أي لبس وغموض. اختارت زحلة التقدم والتغيير والحضارة والسيادة والشهداء. زحلة اختارت لبنان. (...) لكل شخص كان يحكي عن قرار زحلة تأكد اليوم إنو زحلة قوات، والقوات اللبنانية هي زحلة. مبروك لزحلة. اليوم خلصت المعركة الانتخابية، وبكرا بيبلش نهار جديد. زحلة النجم لي ما بينطال".
هي بضع كلمات ممّا يمكن وصفه بـ"خطاب النصر" الذي ألقاه
رئيس حزب "
القوات اللبنانية"
سمير جعجع في "ليلة الحجّ إلى زحلة"، إن صحّ التغبير، تلك الليلة التي توافد فيها نواب "القوات" ومسؤولوها إلى زحلة، من أجل الاحتفال بفوز لائحة "زحلة بالقلب"، التي خاضت فيها "القوات" المعركة وحيدة في مواجهة تحالف عريض ضمّ "
الكتائب" و"الأحرار" والنائب ميشال ضاهر، والنائب السابق سيزار معلوف، و"
الثنائي الشيعي"، وغيرهم.
هو انتصار كبير. هذا ما يقوله "القواتيون"، وما يردّده خصومهم أيضًا، العاجزون عن نكران أهمية ما حقّقته "القوات"، لكن هل يرقى لمستوى "التسونامي" التي حضرت في خطاب "القوات"، وربما استُحضِرت من خطاب "
التيار الوطني الحر" في العام 2005 وما بعده؟ وما هي العوامل التي أسهمت في تحقيق كلّ ذلك، وكيف يمكن أن تنعكس على الاستحقاقات الأخرى، وفي مقدّمها الانتخابات النيابية المنتظرة العام المقبل؟!
قوة "القوات"
لا يستطيع أحد أن ينكر إنجاز "القوات" في زحلة، تمامًا كما لا يستطيع أن ينكر أحد البعد "السياسي" الذي اتخذته المعركة في عروس
البقاع، بعيدًا عن الطابع المحلي والعائلي والإنمائي الذي يتلطّى خلفه البعض من أجل التقليل من وقع الخسارة، أو الهزيمة، حتى لو صحّ أنّ "القوات" خاضت المواجهة، حتى في وجه بعض حلفائها المفترضين، مثل حزبي "الكتائب" و"الوطنيين الأحرار"، إضافة إلى النائب ميشال ضاهر، وغيرهم.
ثمّة من يرى أنّ عوامل عدّة قد تكون أسهمت في تحقيق انتصار "القوات"، أو ما يحلو للقواتيّين وصفه بـ"التسونامي"، من بينها "إخفاق" خصومها ومنافسيها، بعدما اختلط حابل التحالفات بنابلها، من بينها أنّ اللائحة المواجهة حافظت على "القديم"، وأنّ رئيس البلدية السابق "تفرّد" بتشكيلها مع العائلات، وأنّ الأحزاب اكتفت بـ"تبنّيها"، ومن بينها أيضًا أنّ "
التيار الوطني الحر" نأى بنفسه عن المعركة، وهو ما فعلته أيضًا رئيسة الكتلة الشعبية ميريام سكاف.
لكن ثمّة من يقول إنّ "
التيار" تحديدًا لم يفعل ذلك، إلا بعدما أدرك أنّ الأمور ذاهبة باتجاه "اكتساح قواتي"، وهو ما أقرّ به
باسيل في مؤتمره الصحافي الأخير بصورة أو بأخرى، علمًا أنّ هناك من يتحدث عن فتح "قنوات" في الساعات الأخيرة بين الجانبين من أجل التفاهم أسوة بتحالفهما البلدي في مناطق أخرى، إلا أنّ "القوات" التي أدركت "تفوّقها"، رفضت أن يشاركها به أحد، فذهبت في المعركة حتى النهاية، مهما كان الثمن.
هل يمكن توظيف "الانتصار"؟
برأي كثيرين، يحقّ لـ"القوات" أن تستفيد من "انتصار" زحلة، وتوظّفه على المستوى السياسي، فهي كرّست "زعامتها" مسيحيًا، بل ظهرت "بعيدة بأشواط" عن أقرب منافسيها، بما في ذلك "التيار الوطني الحر"، الذي أثبتت الانتخابات البلدية في مختلف المناطق تراجع حيثيّته الشعبية، مهما حاول رئيسه
جبران باسيل القول في مؤتمراته الدورية، كما أثبتت حاجته إلى نسج "تحالفات مصلحيّة" قد لا تكون مفهومة، ولو حملت عنوانًا "انتخابيًا".
بالنسبة إلى المحسوبين على "القوات"، فإنّ انتصار، أو "تسونامي" زحلة، يعكس "تفوّق" الحزب، الذي أضحى حالة شعبيّة بأتمّ معنى الكلمة، حيث يشيرون إلى أنّ الحاضنة الشعبية لـ"القوات" لم تعد محصورة بالمحازبين والمؤيدين، بل أصبحت تشمل من كانوا في خانة "الحياديين"، أو "المتردّدين"، والذين باتوا يرون اليوم في خطاب "القوات" خير معبّر عنهم، خصوصًا بعد المتغيّرات التي شهدها البلد في ظلّ
العهد الجديد.
ويؤكد هؤلاء أنّ هذا الانتصار ستكون له انعكاساته على واقع "القوات" في المرحلة المقبلة، وهو سيمنحها بلا شكّ "قوة فائضة" تنطلق منها في مقاربة كلّ الاستحقاقات، وسيجعل خصومها يعيدون النظر بأدائهم وخطابهم بالمُطلَق، ولو أنّ الانعكاسات المحتملة على الانتخابات النيابية قد لا تكون "محسومة"، نظرًا لاختلاف القانون الانتخابي، وطبيعة النظام، الذي يفرض عليها الذهاب إلى "تحالفات" بخلاف ما جرى في الاستحقاق البلدي.
يتحدّث البعض عن "تسونامي" حقّقته "القوات" من بوابة زحلة، وعن مسار "كامل" بدأ في
جبل لبنان واستكمل في مناطق أخرى. قد يكون ذلك واقعيًا، ولو أنّ "القوات" احتاجت كغيرها لنسج بعض التحالفات غير المنطقيّة، كما فعلت في
بيروت مثلاً، حيث اتحدت مع "
حزب الله" تحت عنوان "المناصفة". لكن رغم ذلك، يبقى الحديث عن واقع "جديد" تؤسّسه له الانتخابات البلدية غير مؤكد، أقلّه بانتظار الانتخابات النيابية، التي تستطيع وحدها قلب المعادلات!