بينما يتمّ الضغط على
لبنان من أجل نزع سلاح "
حزب الله"، وسط ترقّب زيارة الموفدة الأميركيّة
مورغان أورتاغوس إلى
بيروت لحسم هذا الموضوع، خاض "الحزب" الإنتخابات البلديّة والإختياريّة في الضاحية الجنوبيّة وفي
البقاع، ويستعدّ للجولة الأخيرة من الإستحقاق الإنتخابيّ في الجنوب، لتثبيت حضوره الشعبيّ في المناطق ذات الأغلبيّة الشيعيّة، والتشديد على التمسّك بالمبادئ، وفي مُقدّمتها "
المقاومة" ومُحاربة العدوّ الإسرائيليّ.
وبرهن "الحزب" من خلال النتائج أنّ بيئته لا تزال تُؤيّده، لكن هناك تعويلٌ من خصومه في الداخل والخارج على خسارته بعض البلديّات والمخاتير في مناطق الجنوب، حيث أنّ الدمار كبير، وهناك حالة من الغضب بسبب التأخّر في إطلاق عجلة
إعادة الإعمار جراء ربطها بنزع سلاح "المقاومة". في المقابل، كانت التزكية لافتة في الكثير من البلدات الجنوبيّة، تماماً كما جرى في الضاحية والبقاع، ما يُشير إلى أنّ هناك رفضاً لإجراء إنتخابات في قرى مُختلفة، حيث الأكثريّة هي شيعيّة وداعمة لـ"حزب الله"، وسط غياب أيّ مُنافسة فعليّة لمرشّحيه.
وليس من المتوقّع وفق مراقبين أنّ تختلف نتائج الإنتخابات النيابيّة عن البلديّة والإختياريّة، فقوّة "حزب الله" كانت ولا تزال تتمثّل بقاعدته الشعبيّة وليس بسلاحه، فمن رأى كيف تهافت مناصروه إلى قرى البقاع للتصويت لمرشّحيه والتمسّك بنهج الشهيد
حسن نصرالله، يتأكّد أنّ الحرب والدمار والقتل والتهجير كلّها عوامل لم تُؤثّر على شارع "الحزب"، بل زادته قناعة في تأييد "المقاومة"، أكانت عسكريّة أمّ سياسيّة، بانتظار حسم موضوع السلاح غير الشرعيّ.
وتقول أوساط سياسيّة إنّ "حزب الله" ومعه "
حركة أمل" وجّها الكثير من الرسائل إلى الخصوم في لبنان والخارج، لعلّ أهمّها أنّ بيئتهما لا تزال مُتماسكة وداعمة لهما، وهذا الأمر تُرجم أصلاً في تشييع
نصرالله وهاشم
صفي الدين في شباط الماضي
وبحسب الأوساط السياسيّة، فإنّ نزع سلاح "المقاومة" لن يُشكّل نكسة لـ"حزب الله" أو للبيئة الشيعيّة، لأنّهما سيُحافظان على هيمنتهما على المقاعد النيابيّة الخاصة بالشيعة، وعلى أبرز البلديّات في الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية، لأنّ التجارب السابقة مع قوى أخرى، أثبتت أنّ اللبنانيين لا زالوا داعمين لأحزابهم التقليديّة، في الحرب كما بعدها، والأمر لن يختلف مع جمهور "الحزب"، وما جرى في انتخابات البقاع يُعتبر أبرز دليلٍ على ذلك.
ولكن، يبقى على "حزب الله" أنّ يُؤمن أنّ قوّته تكمن في مناصريه وليس في سلاحه، إذ يُؤخذ عليه أنّه لم يستطع الدفاع عن لبنان بوجه العدوّ الإسرائيليّ، وأنّ السلاح الذي يُشكّل أبرز المشاكل لم يكن يوماً الحلّ، وتسبّب في شرخ كبير بين المواطنين، وحرم الدولة من اتّخاذ قرار الحرب والسلم، وتحييد البلاد عن نزاعات وحروب المنطقة.