تقديرًا لدوره في إرساء المصالحة
اللبنانية الفلسطينية، منحت "
أكاديمية هاني فحص للحوار والسلام" الرئيس الفلسطيني
محمود عباس، جائزة "صناع السلام"، في احتفال أقيم برعاية رئيس الحكومة
نواف سلام، في مركز التدريب والمؤتمرات التابع لشركة طيران الشرق الاوسط - الادارة العامة - طريق
المطار.
الرئيس أمين الجميّل ألقى كلمة قال فيها: "أقف أمامكم اليوم في لحظةٍ تجمع التاريخ بالحاضر، وتُكرّم مسيرة نضال واعتدال، وتُحيي رجلاً آمن بالسلام الممكن رغم صعوباته، وبالكرامة الوطنية رغم الرياح العاتية، لافتًا إلى أننا نُكرّم اليوم الرئيس محمود عباس ليس فقط بصفته رئيس دولة
فلسطين، بل بصفته ضميرًا حيًا للقضية الفلسطينية، وصوتًا عاقلاً وسط ضجيج الشعارات وانفجارات العنف".
أضاف: "وأني لأجد في هذا التكريم، من أكاديمية تحمل اسم العلامة الراحل هاني فحص، دلالة عميقة، لأن ما يجمع بين الرجلين – فخامة الرئيس عباس وسماحة السيد فحص – هو تلك الرؤية الإنسانية الرحبة، وذلك الإيمان بالحوار سبيلاً أوحد نحو مستقبلٍ عربي مشرّف، مشيرًا إلى أن هاني فحص لم يكن مجرد رجل دين، بل كان أحد الجسور النادرة بين الضاحية والضفة، وصوتًا شيعيًا وطنيًا لا يخشى المجاهرة بالحق، داعيًا إلى الفصل بين
المقاومة المشروعة والفوضى المسلحة، واعتبر أن الدفاع عن فلسطين هو دفاع عن
لبنان نفسه، لا شعارًا للمزايدة ولا بندقيةً للتفاوض".
وتابع الرئيس الجميّل: "اليوم، ونحن نُكرّم رجلاً من رجالات
الحكمة والاعتدال، نستحضر هذا النهج لا كماضٍ جميل فحسب، بل كوصية لمستقبل لبنان والمنطقة، معتبرًا أننا في هذه اللحظات من الغليان الإقليمي وفي زمن التباسات الهوية وتكاثر الولاءات، أحوج ما نكون إلى رجال دولة من طينة هؤلاء، يؤمنون أن المواقف المبدئية لا تسقط مهما اشتدت العواصف، وأن كرامة الشعوب لا تُجزأ، لا في غزة ولا في
بيروت".
وأكد الرئيس الجميّل: "علاقتي بالقضية الفلسطينية ليست ظرفًا طارئًا ولا تقاطعًا عابرًا. خلال أصعب مراحل الحرب اللبنانية، سعيتُ، رغم الضغوط والانقسامات، إلى بناء جسور التفاهم مع منظمة التحرير الفلسطينية، نعم، كانت هناك مواجهات وخلافات، ولكنني كنت من القلائل الذين آمنوا بضرورة الفصل بين الصراع المسلّح والحوار السياسي. ولعل كثيرين لا يعلمون أنني، حتى في خضم الحرب، فتحت قنوات الاتصال مع قيادات منظمة التحرير، لا من باب المساومة، بل من منطلق الإيمان بأن الاستقرار في لبنان لا يكتمل من دون التفاهم مع
الفلسطينيين المقيمين على أرضه".
وتابع: " أذكر أنني في أكثر من محطة سعيت إلى تجنيب المخيمات الفلسطينية الدمار، وكنتُ من أوائل من دعوا إلى وضع إطار سياسي – أمني ينظّم الوجود الفلسطيني في لبنان في ظل السيادة اللبنانية والاحترام المتبادل."
وذكّر الرئيس الجميّل:" بعد انتخابي رئيسًا للجمهورية، تابعت هذا النهج بحذر وحكمة، مدركًا أن لبنان لا يستطيع أن يعزل نفسه عن محيطه، وأن منظمة التحرير، بقيادتها التاريخية، هي العنوان الفلسطيني الشرعي الذي لا يمكن تجاوزه، وفي عام 2008، وفي حضور ممثل السلطة الوطنية الفلسطينية آنذاك، عباس زكي، عقدنا في مقر
حزب الكتائب في الصيفي لقاءً تحت عنوان 'المصارحة والمصالحة – ذكرى 13 نيسان'، أكدنا في خلاله على بناء أفضل العلاقات بين اللبنانيين والفلسطينيين على قاعدة رفض التوطين وتنظيم السلاح الفلسطيني ومنح اللاجئين حقوقهم الاجتماعية في انتظار عودتهم إلى ديارهم".
أضاف:" أشهد للتاريخ أن الرئيس محمود عباس كان وما يزال شريكًا مسؤولًا في ذلك المسار. رجلٌ لم يسمح لنفسه أن يُغرق فلسطين في وحول المغامرة، ولا أن يجعل من لبنان ساحة صراع إضافية. حافظ على علاقة متوازنة مع
الدولة اللبنانية، واحترم سيادتها ومؤسساتها، وساهم في ضبط العلاقة الفلسطينية – اللبنانية بعد الحرب، بما يخدم مصلحة الشعبين".
وأردف:" اليوم، ونحن نعيش في عالم عربي مأزوم، وفي زمن تنهار فيه المبادئ تحت وقع التسويات الرخيصة، يبقى أبو مازن مثالًا على الثبات السياسي والوطني، وعلى أن التمسك بالحق لا يعني رفض الواقعية، وأن السلام لا يولد من الاستسلام بل من الشجاعة".