برعاية وحضور شيخ عقل طائفة
الموحدين الدروز الشيخ الدكتور سامي أبي المنى، ووزير الثقافة الدكتور غسان سلامة، شهدت بلدة شانيه ندوة ثقافية وطنية بعنوان "الشراكة الروحية الوطنية – مظلة الإصلاح والإنقاذ"، نظّمها "الملتقى الثقافي والاجتماعي لجرد عاليه والجوار"، على مسرح مبنى جمعية النهضة الاجتماعية الخيرية.
استُهلت الندوة بالنشيد الوطني اللبناني، ثم ألقت رئيسة الملتقى السيدة ضياء جمال الدين أبي المنى كلمة ترحيبية، أعلنت فيها انطلاقة الملتقى رسمياً، مشيرة إلى أهدافه الثقافية والاجتماعية والبيئية، ومشددة على أهمية دور المرأة في النهوض بالمجتمع. ورفعت شعار "تراثنا يجمعنا، رؤيتنا توحدنا"، مركزة على بناء مجتمع متكافل من خلال نشر ثقافة التعاون والمشاركة الفعالة.
شيخ العقل: "الشراكة الروحية مظلة جامعة تُنقذ الوطن"
في كلمته الافتتاحية، أكد الشيخ سامي أبي المنى أهمية انطلاقة الملتقى من منطقة غنيّة بتنوعها الوطني والمناطقي، واعتبر أن الندوة تأتي في لحظة مفصلية من تاريخ
لبنان، مع نهاية حرب عدوانية وبداية عهد جديد تَلوح معه بوارق الأمل.
وأشار سماحته إلى أن "الشراكة الروحية الوطنية" ليست مجرّد عنوان، بل رؤية شاملة أطلقتها المرجعيات الروحية الكبرى، من دار الطائفة ودار
الفتوى والمجلس الإسلامي
الشيعي الأعلى وبكركي، وتؤكد على دور القيم
الدينية في ترسيخ الشراكة الوطنية الجامعة.
ولفت إلى أن لبنان يشكّل نموذجًا فريدًا لـ"العلمنة الروحانية"، و"المدنية المؤمنة"، بتعدده الغني وروابطه الروحية المتينة، مؤكداً أن التمسّك بالهوية الروحية لا يتناقض مع الانفتاح والحوار والعيش المشترك.
وأعلن عن نية الملتقى إطلاق سلسلة ندوات تُختتم بمؤتمر وطني روحي برعاية رئيس الجمهورية، تُطرح فيه خلاصات فكرية ووطنية لتشكّل خارطة طريق نحو الإصلاح والانقاذ.
وفي ختام كلمته، شدد شيخ العقل على أن المرجعيات الروحية، إلى جانب رئاسة الجمهورية، قادرة على تشكيل مظلة وطنية – روحية قادرة على احتضان التلاقي السياسي والإصلاح الحقيقي.
بدوره، استهل الوزير غسان سلامة كلمته بنقل تحيات رئيس الجمهورية العماد
جوزاف عون، مشيدًا بأهمية التنوع الثقافي الذي شكّل للبنان دورًا رياديًا في صياغة معاهداته الدولية، نتيجة تجربته العميقة في إدارة التعددية. وأكد أن الحوار ليس نقيض الاقتتال كما يُشاع، بل هو "قتال مع الذات" لتقبّل الآخر المختلف والتأثر به.
تطرق سلامة إلى العقود الخمسة الماضية التي شهدت تنافرًا وتقاتلًا إلى جانب محاولات متكررة للتفاهم، مشيرًا إلى أن
اتفاق الطائف كان محطة مهمة في هذا المسار. لكنه حذر من تراجع نفوذ الدولة لصالح مصالح فئوية متجذرة ملأت الفراغ، خصوصًا في قطاعات حيوية كالمصارف، الكهرباء، والنفايات.
وأكد أن الإصلاحات تصطدم بهذه المصالح الضيقة، داعيًا الدولة إلى التحلي بالجرأة لمواجهتها. وأشار إلى قرارات اتخذتها الحكومة الحالية مثل رفع السرية المصرفية واستعادة السيطرة على الشواطئ كخطوات نحو استعادة الدولة لسلطتها.
واعتبر أن بناء البنية التحتية وحده لا يكفي، بل يجب إعادة بناء "البنى الفوقية" من قيم ومفاهيم وثقافة جامعة تعيد اللحمة بين مكونات المجتمع، مؤكدًا أن الثقافة هي الأداة الأهم لتحقيق هذا الهدف.
وفي الشق الإقليمي، أشار إلى المخاطر الآتية من محيط مضطرب، من الوضع السوري إلى المجازر في غزة، معتبرًا أن استقرار لبنان يحتاج إلى مناعة داخلية في وجه الصراعات الإقليمية، والطروحات الشعبوية، داعيًا إلى تنفيذ القرارات الدولية والإصلاحات البنيوية لبناء دولة قوية ومجتمع متماسك.
وختم بدعوة إلى شراكة روحية وثقافية صادقة تعترف بأن الحوار، وإن كان شاقًا، هو الطريق إلى إنقاذ الذات والوطن.