Advertisement

لبنان

جزين مقابل زحلة

اندريه قصاص Andre Kassas

|
Lebanon 24
26-05-2025 | 09:01
A-
A+
Doc-P-1365955-638838432160433094.jpg
Doc-P-1365955-638838432160433094.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
قبل أسبوع احتفلت "القوات اللبنانية" بفوز اللائحة البلدية في زحلة. أمس الأول احتفل "التيار الوطني الحر" بفوز اللائحة في جزين. المعادلة واحدة في كل من "عروس البقاع" و"عروس الشّلال". هي نوع من تقاسم النفوذ ما بين "الأقوياء" على الساحة المسيحية. فمن فاز قبل أسبوع في زحلة، وقبلها في جونية وجبيل، حقّ له أن يهلّل. ومن فاز بالأمس الأول في جزين، وقبلها في دير القمر، له أيضًا أن يفرح ويهلّل. هي نتيجة واحدة لوجهين لـ "عملة" واحدة. فالشعارات التي رُفعت في زحلة هي ذاتها رفعت في جزين. ولكل من هاتين المدينتين ذات الصبغة المسيحية الطاغية رمزيتها ومكانتها في الوجدان المسيحي المعبَّر عنه بطرق مختلفة. فالزحالنة لا يزالون يحفظون لما قدّمته "قوات بشير الجميل" من تضحيات حفاظًا على عنفوانهم من خلال صمود تاريخي سيتناقله أهل زحلة من جيل إلى جيل. وأهل جزين، التي اختارت في العام 2022 نائبيها من حزب "القوات اللبنانية" عادت بالأمس لتعيد بعضًا من اللون البرتقالي إلى مجلسها البلدي نتيجة تحالف "التيار الوطني الحر" مع النائب السابق إبراهيم عازار المدعوم من حركة "أمل"، والتي حاز على ثلثي أعضاء هذا المجلس.
Advertisement
هي نتيجة كانت محسومة سلفًا، سواء في زحلة أو في جزين. وكما رأينا الفرحة على وجوه "القواتيين" في زحلة هكذا رأيناها في عيون "العونيين" في جزين. ولكن هذه الفرحة لم نرها في ملامح أي من المسيحيين غير المنتمين لا إلى "القوات" ولا إلى "التيار الوطني". هي مجرد فرحة أشبه بـ "فقاقيع الصابون" لكلا الطرفين. فالناس متعطّشون لأكثر من "فرحة" عابرة، ولأكثر من "انتصارات مرحلية" لن تدوم. فالشعارات الرنّانة والخطابات التجييشية لم تطعم هؤلاء الناس "الغلابة" كسرة خبز، ولم تسقهم كوب ماء بارد، ولم تردّ عنهم لسعات بردّ الشتاء ولا حرّ الصيف، ولم تسعفهم على إدخال مريضهم إلى المستشفى، ولم تقدّم لهم حبّة دواء واحدة، ولن تطمئنهم إلى مستقبل أولادهم، ولن تؤّمن لهم فرص عمل، ولن تطرد عنهم شبح الجوع وقسوة الحياة.
هي فرحة عابرة وناقصة. ما يحتاج إليه الذين صوّتوا لهذا الخطّ أو لذاك هو أكثر بكثير من مجرد فرحة ليل ستطويها هموم النهار، وهي كثيرة.
ومع انتهاء "نشوة" الفوز هنا وهناك يسأل المواطنون المغلوب على أمرهم: ماذا بعد؟ ماذا ينتظرهم في اليوم التالي؟ هل سيكون أداء المجالس البلدية في زحلة أو في جزين أو في غيرها من البلدات والقرى أفضل من أداء المجالس السابقة؟ مَن سيحاسب مَن؟ وهل سيكون من بين أولويات المجالس البلدية الجديدة تأمين ما يحتاج إليه أهل هذه البلدات وتلك القرى؟ وهل سيكون الأداء البلدي مؤشرًا على ما ستكون عليه وضعية الانتخابات النيابية في ربيع السنة المقبلة؟
كل هذه الأسئلة يضعها الناس برسم "أقوى الأقوياء" على الساحة المسيحية، وهي ساحة يُفترض ألاّ تكون منعزلة عن باقي ساحات الوطن، أيًّا تكن الاختلافات في القواسم المشتركة وغير المشتركة. وهذه الأسئلة ستبقى من دون أجوبة شافية حتى إثبات العكس. وهذا العكس لا يمكن أن يُترجم سوى بما يصبّ في خانة المساهمة الفعلية في تعزيز قدرات الدولة لكي تستطيع أن تستعيد عافيتها. وإذا ما اُستعيدت هذه العافية فإن حقوق المواطن في حياة كريمة كما سائر شعوب العالم، حيث تُحترم حقوق الانسان بكل مندرجاتها الطبيعية، تصبح أمرًا بديهيًا وطبيعيًا.
وإذا لم يلمس المواطنون في زحلة أو في جزين أو في جونية أو في جبيل أو في دير القمر أن الذين "يتناحرون" في ما بينهم لكسب أصواتهم في أي استحقاق مقبل، سواء أكان نيابيًا أو بلديًا أو نقابيًا، لا يهتمّون سوى في التفكير بالوسائل، التي تمكّنهم من الوصول إلى المراتب الأولى في الاعداد التراكمية، فإن هؤلاء الناس، الذين طالما كانوا وقودًا لكل أنواع المحارق، لن يبقوا صامتين إلى الأبد، وأنهم سيقولون كلمتهم، التي ستكون مدّوية مهما طال الزمن. وعندها سيعرف الجميع أحجامهم الحقيقية ، وهم لم يصلوا إلى حيث وصلوا إليه إلاّ بفضل الذين ستصبح أصواتهم حاسمة في يوم من الأيام.    
مواضيع ذات صلة
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك
Author

اندريه قصاص Andre Kassas