Advertisement

لبنان

الإهمال المميت: شبح الأمراض يلوح في الأفق مع تراجع تلقيح الأطفال

زينة كرم - Zeina Karam

|
Lebanon 24
26-05-2025 | 09:30
A-
A+
Doc-P-1365957-638838437080359667.jpg
Doc-P-1365957-638838437080359667.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
لم يبقَ قطاع لم يتأثر بفعل الأزمات المتلاحقة التي حلّت بلبنان منذ العام 2019. ومن أبرز ما تأثر سلبياً بطبيعة الحال، تلقيح الأطفال، الذي يشهد إهمالاً من شأنه أن يشكّل تهديداً خطيراً يطال مستقبل الأجيال الصاعدة. ومع تراجع معدّلات التطعيم، يُفتح الباب على مصراعيه أمام عودة أمراض، ربما اعتقدنا أنها أصبحت جزءًا من الماضي.
Advertisement
لطالما اعتبر لبنان نموذجًا في مجال الرعاية الصحية الأولية، إلا أن الأرقام الصادرة عن منظمات دولية ومحلية تشير إلى انخفاض يدعو إلى القلق في نسبة الأطفال الذين يتلقون اللقاحات الأساسية. فبعدما كانت البلاد تسجل نسبًا مرتفعة تتجاوز 95% في تغطية التطعيم، باتت هذه النسبة اليوم أقل بكثير.
الأسباب وراء هذا التراجع متعددة، وعلى رأسها الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تدفع بالعديد من الأسر إلى ترتيب أولوياتها بشكل مختلف، ليصبح تأمين الغذاء والدواء الأساسي أهم من التفكير في مواعيد التطعيم الوقائية، خاصة مع ارتفاع تكاليفها في المراكز الصحية.
جائحة كورونا ألقت بظلالها الثقيلة على هذا الملف أيضًا. فبين الخوف من العدوى في المراكز الصحية والانشغال بمتابعة مستجدات الجائحة، تأخر العديد من الأهالي في تطعيم أطفالهم، فضلاً عن أن لبنان شهد موجة هجرة لكفاءات طبية، مما أثر سلبًا على قدرة النظام الصحي على تقديم الخدمات بالشكل المطلوب.
وفي هذا الإطار، حذرت الأمم المتحدة العام الماضي من أن معدلات تطعيم الأطفال تشهد ركوداً في كل أنحاء العالم ولم تسترجع بعد مستوياتها المسجلة قبل جائحة كورونا.
فبالمقارنة مع ما قبل الجائحة، فإن 2,7 مليون طفل إضافي لم يتم تطعيمهم بعد، أو لم يحصلوا على كامل اللقاحات اللازمة، في عام 2023.
إذاً، الأزمة الاقتصادية ليست بمفردها السبب وراء هذه الكارثة الصحية، فالجهل وعدم كفاية الثقافة الطبية، ولو بحدّها الأدنى، يشكلان دفعاً للعديد من الأهالي إلى عدم تلقيح أطفالهم بشكل منتظم.
وعلى الرغم من التحذير المدوّي الذي أطلقته اليونيسف من أن التراجع الحاد في معدلات التطعيم الروتينية يعرض الأطفال للأمراض المميتة المحتملة، مثل الحصبة، لا يزال الواقع مهمشاً لناحية أن تداعيات هذا الإهمال تتجاوز مجرد خطر إصابة الطفل الفردي بالمرض.
فتراجع المناعة الجماعية يفتح الباب أمام تفشي أمراض مثل الحصبة وشلل الأطفال، التي يمكن أن تؤدي إلى مضاعفات خطيرة وإعاقات دائمة وحتى الوفاة. ويهدد هذا الوضع المكاسب الصحية التي حققها لبنان على مدى عقود، ويعرض الأطفال لخطر أمراض كان من الممكن تجنبها بسهولة.
وزارة الصحة العامة تبذل جهودًا لمواجهة هذا التحدي، وخاصة مع إطلاق الوزير السابق في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، الدكتور فراس الأبيض، حملة للتوعية على أهمية التوعية لتلقيح الأطفال ضد الحصبة وحذر من وجود بؤر مصابة، مشيراً إلى أن اللقاح مجاني ومن مسؤولية الأهل عدم إهمال صحة أطفالهم، في محاولة للوصول إلى أكبر شريحة من الأطفال. إلا أن هذه الجهود تبقى محدودة في ظل الأزمة الاقتصادية والاجتماعية العميقة التي يعيشها البلاد.
في المحصّلة، تبقى بأهمية التطعيم وتقديم الدعم للأسر المحتاجة وتأمين اللقاحات بشكل مستمر، خطوات ضرورية لحماية أطفال لبنان ومستقبلهم الصحي. فلبنان اليوم أمام مسؤولية تاريخية، تكمن في إبعاد شبح الأمراض المعدية عن أطفاله، والتحرك الفوري هو الخيار الوحيد لتجنب كارثة صحية محققة.
 
مواضيع ذات صلة
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك

زينة كرم - Zeina Karam